يتفق مدققو الحسابات ومديرو الشركات المساهمة العامة والهيئات الرقابية أن مدقق الحسابات الداخلي والخارجي يجب ألا يتأثر بأي نوع من الضغوط التي قد تمارسها الإدارات التنفيذية والمجالس الادارية للشركات، لكنهم لم ينفوا ولم يستبعدوا سقوط بعض المدققين تحت هذا التأثير، الأمر الذي يكون له بالغ الأثر السلبي على مستقبل الشركة، بسبب المخالفات القانونية لمعايير التدقيق الدولية وبالنتيجة التلاعب او اخفاء بيانات ومؤشرات مالية للتغطية على جانب فساد هنا او هناك داخل هذه الشركة او تلك.
ويتهم مراقبون ومهتمون إدارات الشركات في إخفاء بعض الحقائق مؤكدين انها مسؤولة عن تقديم كل الوثائق والحسابات للمدقق سواء كان الداخلي او الخارجي بما يمكنه من المصادقة على البيانات المالية.
وفي نفس الوقت اتهموا فيه بعض مكاتب التدقيق بالتساوق مع رغبات مديري الشركة باللجوء المفرط في المنافسة السعرية لمكاتب التدقيق للحصول على العمل وإبداء الاستعداد لتقديم نتائج عملية التدقيق بالشكل الذي ينسجم مع رغبات المالكين أو المسؤولين في الإدارة.
وهناك من يرى أن النمو غير المنضبط لمكاتب التدقيق أدى لانعكاسات سلبية أساسية على مستوى هذه المهنة وعلى مدى التزامها بالمعايير الدولية والضوابط الأخلاقية، وأن غالبية مكاتب التدقيق تلجأ لتقديم خدمات إضافية للزبائن، خاصة فيما يتعلق بتسوية الحسابات الضريبية علما أن ذلك يتعارض مع المهمة الأساسية لها وساعد في تعميق الانحرافات في مهام مكاتب التدقيق، وقيام مجالس الإدارة في المنشآت التجارية والمنظمات غير الحكومية بممارسة مسؤولية تعيين المدققين وتحديد أتعابهم وشروط عملهم، علماً أن هذه المسؤولية هي في العادة من اختصاص الهيئات العامة لدى قيامها بعقد اجتماعاتها العادية السنوية.
ويؤكد المراقبون أن التراجع الكبير في المستوى المهني لصناعة التدقيق في فلسطين أدى إلى نتائج سلبية مهمة وفي اتجاهات مختلفة، حيث أدت إلى تآكل ثقة المستثمرين المقيمين في الخارج، بل وحتى أؤلئك المقيمين في الداخل بدقة وصحة البيانات المالية، وفي مدى التزام المسؤولين التنفيذيين في الشركات المحلية بمبادئ الشفافية والمحاسبة التي تنص عليها أنماط حوكمة الإدارة المعاصرة عدا عزوف غالبية المؤسسات الدولية عن التعامل مع مكاتب التدقيق المحلية وتوجهها لمكاتب تدقيق دولية افتتحت فروعاً لها في فلسطين، والتي تبدي ما حرم المكاتب المحلية من حجم عمل كبير ومن فرصة مهمة للتطوير واكتساب المهارات الجديدة.
يذكر أن عدد شركات تدقيق الحسابات الدولية العاملة في فلسطين وصل الى 4 شركات مرخصة من جمعية مدققي الحسابات القانونية الفلسطينية، هي: أرنست ويونغ، ديلويت سابا وشركاؤهم، طلال أبو غزالة، وبرايس ويتر هاوس، فيما وصل عدد مكاتب التدقيق الحاصلة على ترخيص مزاولة المهنة في فلسطين، إلى 231 مكتبا، منها 187 في الضفة الغربية، و44 في قطاع غزة.
وبهذا الصدد يؤكد خبير الرقابة على الشركات مراقب الشركات السابق في وزارة الاقتصاد الوطني نظام أيوب أن مهنة تدقيق الحسابات من اهم المهن وأدقها لأنها تعالج موضوعا مهما وحساسا، له علاقة بالانظمة المالية والقوائم المالية لدى الشركات المساهمة العامة، وعليه “كوني خبيرا ولي علاقة بالمجال لفترة زمنية كنت دائما آمل ان تتناول شركات تدقيق الحسابات موضوع التدقيق المالي واعطاء الرأي القانوني في البيانات والقوائم المالية للشركات، بشفافية اكثر وأعلى كون هذا الموضوع ينعكس ايجابا على ثقة المساهمين والمستثمرين بهذه الشركات المساهمة“.
تباين الشفافية والنزاهة في الشركات المساهمة العامة
ويستدرك أيوب قائلا “هناك بعض الاستثناءات فهناك شركات تتمتع بالمصداقية وبالنزاهة والشفافية بنسب متفاوتة ولا استطيع القول ان هناك شركات ليست لديها الشفافية والنزاهة ولكنها بنسب متباينة، وهذا ينعكس من خلال اداء هذه الشركات، لذلك نجد من الملفت ان بعض الشركات تصادق هيئتها العامة على تعيين مدقق الحسابات الذي يوصي به مجلس الادارة وعادة يتم تكليف مجلس الادارة بالتفاوض على الاتعاب.
وفيما يتعلق بمقدار الاتعاب ان كانت تتناسب او لها أثر أو الضغط لاستمرارية العمل على مصداقية شركات التدقيق، يقول أيوب: “الى حد ما كنت اشعر في بعض الاحيان ان بعض الشركات تطمح ان تنال رضا مجلس الادارة لتستمر معها لفترات اخرى ولسنوات أطول، لكن وبحيادية بعض الشركات التي تحترم نفسها كانت لا تسأل، ومن خلال شعوري كمراقب شركات سابق لم تكن تفرق كثيرا مع بعض شركات التدقيق ان تبقى في عملية التدقيق للشركة ام لا، كونها تقدم خدمة وكانت تحرص دائما على ان تقدم الخدمة المثلى والأفضل“.
ويقر أيوب أنه “لا تخلو بعض الحالات من التأثير على مصداقية بعض هذه الشركات وهي ليست كثيرة، والى حد ما كنت راضيا عن ادائها وعن رأيها، وفيما يتعلق بالنص “وبرأينا ان هذه البيانات تعكس واقع الشركة” فهو نص عالمي مرتبط بمعايير التدقيق الدولية“.
وبالمجمل يطمح أيوب ان يكون هناك حيادية واستقلالية اكثر، وعدم تبعية لرأس المال وعدم التأثر برأي مجلس الادارة ورأس المال، وقال:”لانه رغم انني كنت مرات انتقد بعض شركات التدقيق من خلال كتب ومراسلات، الا ان اداء بعض الشركات عندنا رائع كثيرا وكان يظهر الرأي القانوني الحقيقي في حالة وجود خلل ما“.
ويعزو أيوب، عدم قدرة بعض الشركات التصريح عن الخلل أحيانا لعدم وجود أنظمة ضابطة من قبل مجلس المهنة وغياب قوانين عصرية تقوم بحماية هذه الشركات وبحماية المساهمين ورأس المال. ولذلك فانه يدعو لى ان يكون هناك قوانين وبالتحديد قانون شركات عصري يتناول موضوع تدقيق الحسابات بمهنية أكثر لكي ينعكس ذلك ايجابا على البيانات المالية للشركات.
وفي الوقت نفسه اكد ان هناك الكثير من الحالات تشير الى ان شركات التدقيق كانت تتحدث عن واقع الشركة الحقيقي وتقول ان هذه هي البيانات التي حصلنا عليها من الادارة والتي لا تعكس الواقع الحقيقي، لانه بعلمنا الشخصي وبطرقنا الرسمية هناك يوجد خلل في مكان ما، وبالتالي كنا نحن في رقابة الشركات نقوم بمعالجة هذا الموضوع“.
محاولات قليلة للتأثير على قرار ورأي مدقق الحسابات
ويلاحظ مدير دائرة الشركات في بورصة فلسطين محمد حجاز: وجود تفاوت كبير في اعمال التدقيق على الشركات المدرجة، وقال: “هناك تدقيق يتم احيانا بصورة مثالية ووفق معايير اعداد التقارير الدولية، وأحيانا بعض المدققين بعيدون كل البعد عن الالتزام بهذه المعايير.
ولكن حجاز يقر بالتطور اللافت الحاصل خلال السنوات الماضية، مقارنة مع الوضع قبل 10 سنوات فهناك تطور وتحسن في مجال التدقيق على الشركات المدرجة لعوامل عديدة لها علاقة بالمنافسة والشفافية والافصاح وبدور الجهات الرقابية وبتطور وعي المستثمر وقارئي البيانات المالية”. ويرى حجاز ان هيئة سوق رأس المال تقوم بدور أكبر في موضوع دراسة البيانات المالية التي تردها، و اجمالا هناك التزام مقبول بمبادئ ومعايير المحاسبة والتدقيق الدولية.
ولا يجزم حجاز بمدى تأثير مجلس الادارة على المدقق الخارجي، ولكنه قال: “هناك محاولات من عدد قليل من مجالس ادارة بعض الشركات للتأثير على قرار أو على رأي مدقق الحسابات الخارجي، وهذه المجالس تحاول التأثير على اختيار المدقق الذي يناسبها في بعض الاحيان، ولكن اجمالا لا يتم التدخل في عمل المدقق الخارجي، وكلنا يعرف انه في اجتماعات الهيئات العامة توجد هناك حصة كبيرة لأعضاء مجلس الادارة، وبالتالي القوة التصويتية تمنحهم امكانية انتخاب المدقق الخارجي، فأحيانا يتم انتخاب المدقق الذي يروق لهم او يتعاطى معهم في بعض القضايا”. وبالنظر الى تقارير الشركات المدرجة، يقول حجاز: “هناك في بعض التقارير توجد بعض التحفظات من المدققين ونحن كان لنا دور لابراز هذه التحفظات، بعض شركات التدقيق كانت لا تضع عنوانا واضحا للتحفظ ويضيع داخل التقرير، ولكن الان جميع شركات التدقيق تضع عنوانا واضحا وبعض الشركات تضع تحفظا واضحا وبعضها لا يرتقي الى درجة التحفظ، وانما تضع فقرات توكيدية وسواء التحفظ او الفقرات التوكيدية احيانا فانه لا يعجب مجالس الادارات، ولكن هناك شركات تدقيق تصر على وضع هذه الفقرات، ويجب على قارئ البيانات والمستثمرين ان يقرأوا دائما هذه الفقرات بتركيز لانه احيانا يكون لها تأثير كبير وجوهري على النتائج المالية للشركة“.
الجمعية تتلقى شكاوى تمس مصداقية التدقيق
يقر رئيس جمعية مدققي الحسابات القانونية الفلسطينية، ومدقق الحسابات القانوني محمد اكرم حسونة: أن التدقيق الخارجي بحاجة لدقة اكثر في القيام بدوره في التدقيق على الشركات المساهمة العامة وفق المعايير الدولية، وبحاجة الى تدقيق هذه الملفات بشكل رئيسي بوقت أطول وبدقة اكبر.
ويشدد حسونة على ان أهم صفات مدقق الحسابات هي الاستقلالية بعمله وان يكون محصنا من السقوط تحت ضغط المؤثرات، ويضيف “الموضوع بحاجة الى نقلة نوعية اكثر، مع ان هناك العديد من شركات التدقيق ابدت تحفظاتها على البيانات المالية، فالرأي القانوني يصدر من مدقق الحسابات بعد حصوله على حسابات الشركة ومن مجلس الادارة الذي هو المسؤول عن التقارير التي تصدر وبدوره يقوم مدقق الحسابات بنقل الصورة الكاملة والواضح عن الشركة“.
ويعترف حسونة بقوله “تلقينا عدة شكاوى من المدققين الخارجيين، فحواها انه لم يتم تدقيق عينات معينة او جزئيات معينة وتمت معالجتها بكافة الطرق سواء كانت عن طريق هيئة سوق رأس المال، اذ تلقينا في السنة الماضية ما يزيد على 40 شكوى وتمت معالجتها”. وحول توجه الشركات المساهمة العامة لتعيين شركات تدقيق حسابات اجنبية بدلا من المحلية قال حسونة: “يتم هذا التوجه نظرا لوجود فروع للشركات العالمية في الخارج ولها مدقق حسابات خارجي، ولكن دخولنا في عضوية الاتحاد الدولي للمحاسبين، ستتيح لنا المجال في تدقيق كافة الشركات سواء كانت محلية او خارجية، وسيعطينا الفرصة للتدقيق محليا وخارجيا“.
كوادر التدقيق المحلية بحاجة للمزيد من الاعتناء والتدريب
ويبين مدير تدقيق رئيسي في شركة ديلويت في رام الله أحمد دعدوع، ان الشركات المساهمة العامة في فلسطين بشكل عام يجري تدقيق حساباتها من شركات تدقيق عالمية المشهود لها بتبنيها وتطبيقها معايير التقارير الدولية المالية، ولذلك ليس هناك ما يقلقه على البيانات المالية للشركات المساهمة العامة من حيث التدقيق.
ولكن من حيث الاعداد والتحضير يعتقد دعدوع انه ربما يكون هنالك حاجة معينة لتدعيم الكوادر المالية في هذه الشركات بقدرات وكفاءات من اجل تحسين الجودة لان ذلك ينعكس على قدرة المدقق وجودة العمل، وقال: “كلما كان فريق المحاسبة في الشركات المساهمة العامة متميزا صاحب كفاءة وقدرة، كلما كان هذا الأمر يصب في جودة التدقيق وتسهيل عمليته وبلوغها اهدافها، لا أقول ان الكوادر الموجودة في فلسطين سيئة ولكنها بحاجة الى المزيد من الاعتناء والتدريب لكي تصل الى المستوى المنشود“.
ولأن تقرير مدقق الحسابات هو المنتوج النهائي لعملية التدقيق، فان دعدوع يقول:” من الطبيعي ان يكون هنالك اختلافات مع الادارة وقد يكون هنالك أخطاء معينة في الحسابات، وقد يكون هنالك تجاوز لبعض القوانين من قبل الادارة، كل هذه الأمور تكون موجودة خلال عملية التدقيق، ولكن يتم العمل على حلها تجنبا لورودها في تقرير مدقق الحسابات كتحفظات“.
ويؤكد “انه يجري مناقشة الادارة والمسؤولين عن الحوكمة في الشركات المساهمة العامة في هذه الأمور، والتوصية بضرورة حلها قبل اصدار التقرير بحيث يجعلها غير موجودة في تقرير مدقق الحسابات ويصدر التقرير بشكل عام نظيف بعد ان تكون سويت بعض هذه المسائل مع الادارة“.
ويشير الى ان مجلس الادارة في اي شركة، معني بان يكون هنالك مدقق حسابات كفؤ يقوم بتدقيق حساباته حسب المعايير الدولية، ويعتقد ان مكاتب التدقيق في فلسطين تعي تماما دورها وتهتم بقواعد السلوك الاخلاقي المهني ولا تتأثر بوجهة نظر الادارة فيما يتعارض مع هذه المعايير.
لم نرتق للمستوى المطلوب
رئيس مجلس ادارة مؤسسة رزق لتدقيق الحسابات خليل رزق يقول: “نحن الآن لم نرتق للمستوى المطلوب ويجب ان يكون هناك الكثير من العمل باتجاه رفع مستوى التدقيق من حيث المهنية والاداء“.
ويؤكد ان النزاهة والشفافية مطلوبتان في تقرير مدقق الحسابات، ويقول: “حتى الان لم نصل الى هذا المستوى من التدقيق ولم نصل لما هو مطلوب هناك فجوة واسعة ما بين الشركات وفهمهم باتجاه ما هو دور المدقق، محملا الحكومة وجمعية مدققي الحسابات والقطاع الخاص مسؤولية التوعية بان دور مدقق الحسايات نزيه وشفاف من دون أي تأثير.
فتح سوق المنافسة بين المدققين من دون شروط
وقال رزق :”يجب ان نترفع عن مسألة اقبال الشركات المساهمة العامة في تعيين مدقق أجنبي، ويجب ان يكون سوق المنافسة بين المدققين مفتوحا من دون شروط، وللاسف هناك من يشترط ان يكون مكتب التدقيق هو مكتب خارجي وهذا يسيء للمكاتب المحلية ويدفع لاستيراد الخدمات من الخارج، وللاسف الكثير من المؤسسات وتحديدا وزارة المالية يتحججون ان هناك شروطا من المؤسسات المانحة باعتماد المدقق الاجنبي، وباعتقادي هذا يجب ان يكون مرفوضا كليا، ويجب ان نعطي الدور للمدقق الداخلي من فلسطين ليرتقي باداء عمله“.
وباعتقاد رزق أنه حتى الآن ليست هناك شواهد تؤكد وجود تأثير من رئيس واعضاء مجالس الادارة على نتائج عمل المدقق الخارجي، الذي من المفترض ان يتم اختياره من الهيئة العامة، ولكن في بعض الاحيان يفوض مجلس الادارة باختياره وتحديد اتعابه.
اداء شركات التدقيق جيد ويراعي الشفافية والمهنية والكفاءة
ويقيم استاذ المحاسبة في جامعة النجاح بشار فتوح، اداء شركات التدقيق بالجيد وانه يراعي الشفافية والمهنية والكفاءة المهنية ورقابة الجودة في اعمال المدققين، وفيما يتعلق بالنص المعتمد في التقارير المالية يقول: “برأينا فهي ليست ديباجة وانما هي من متطلبات اصدار التقارير بهذا الشكل والنموذج حسب المعايير الدولية“.
وينفي فتوح وجود اي نوع من التأثير من رئيس أو اعضاء مجلس الادارة على مدقق الحسابات، وقال: “لان اي مدقق حسابات من ضمن قبوله لمهمة التدقيق هي الاستقلالية للقيام بهذه المهمة، وبالتالي هذا يتضح من تقريره والمتابع للبورصة والتقارير المنشورة يلاحظ ان هناك تقارير رقابة متحفظة وتقارير نظيفة وعندنا عدة انواع من التقارير، ولا يوجد اثر وتأثير في الحرص على استمرار التعيين على نتائج التقرير وهو الشيء بدوره يتعارض مع استقلالية المدقق وبالتالي فان اتعابه دائما يتم تحديدها بناء على ساعات عمله ولم يسبق ان مر علي حالات عكس ما قلت“.
تعيين مدقق عالمي يعطي الشركات مصداقية
ويقر الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية عمار العكر، بأن معظم الشركات المساهمة العامة تستخدم واحدة من اربع شركات تدقيق عالمية معروفة معظمها تعمل اما بمستوى اقليمي على مستوى العالم العربي او حتى على المستوى العالمي، مؤكدا ان تدقيقها جيد ويعطي ويبين بعدالة البيانات المالية للشركات المساهمة العامة. وفي نفس الوقت يقر العكر بكفاءة وقدرات شركات التدقيق المحلية، لكنه قال ان تعيين مدقق عالمي معروف لدى الشركة المساهمة العامة يعطي انطباعا عن مصداقيتها لدى المستثمرين العالميين الخارجيين، لذلك فان الشركات المساهمة الكبرى مضطرة لتعيين مدقق عالمي وليس محلي. ويقول العكر: “معظم الاحيان لا يوجد اي نوع من التأثير من رئيس واعضاء مجالس الادارات على المدقق، ولكن توجد نقاشات دائما على قضايا تتعلق بالمعالجة الحسابية، ولكن في النهاية المدقق له حق الفيتو في اي قضية نقاشية. وهناك بعض الشركات تخضع للتعديل على تقرير الحسابات او التأكيد على القضايا التي يرغب في ابرازها واظهارها للمساهمين في التدقيق.
خوف من افتقاد المدقق الشجاعة لتسجيل تحفظه
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار “باديكو القابضة” سمير حليلة: “ما يهمنا بتقييم المدققين الخارجيين التأكد من توفر ما يكفي من المعرفة والمعلومات التي تتيح لنا تقارير الافصاح الصادرة ان نقيم موجودات ومصاريف وارباحها..الخ الشركات المساهمة العامة، وبما يتيح للقارئ معلومات عامة كافية في تفصيلات غير متوفرة، وما اخاف منه دائما هو فقط عدم قدرة المدقق الخارجي في ان يمتلك الشجاعة لأن يسجل تحفظه على ميزانية شركة من الشركات وكلما زاد تسجيل التحفظات كلما تأكدت ان المدقق جدي”. ويقر حليلة بقوله :”أرى عددا قليلا جدا من التقارير التي يوجد تحفظ فيها على أداء الشركات وعلى بياناتها، وهذا ما يزعجني بعض الشيء ولكن بشكل عام على الاقل انا متأكد انه 3 – 4 مدققي الشركات العالمية الكبرى حتى سابا وشركاؤه يتمتعون بمصداقية عالية، ونحن منفتحون لإمكانية التعاون مع اي من هذه الشركات لأنه توجد فيها ثقة عامة بقدرتها وقدرة اطقمها وشجاعتها بانها تمتلك استقلالية في اتخاذ القرار بقضايا البيانات المالية”. ويتابع: “بشكل عام دائما هناك صراع قبل اصدار البيانات المالية ما بين مصلحة الشركة كما يراها مجلس الادارة ومصلحة الشركة كما تراها الهيئة العامة التي تنتخب المدقق الخارجي، هناك بالطبع صراع واعتقد انه يجب ان يتواجد مدقق داخلي يتيح امكانية فحص هذه القضايا، وان تغيير المدقق الخارجي كل 3 – 5 سنوات يتيح فحص هذا الموضوع، ونوعية وطبيعة الشركات التي تدقق واختيارها هذا موضوع مهم كثيرا“.
عرف احتكاري ونص يؤشر لنقص في الشجاعة
وقال حليلة: “هناك عرف بين كل شركات التدقيق عرف احتكاري وجميعها تستخدم نفس المقولة وبنفس الطريقة وهذا يقلقنا، لاننا في اجتماع الهيئة العامة نريد ان تفهم الهيئة العامة اكثر وتعرف اكثر، وبتقديري ان شركات التدقيق يجب ان تقدم نوعا آخر في عرضها مثل “بأنه لا يوجد لديها أي مصدر يؤكد انه توجد اي مخالفة ولكن عليها ان تقدم شيئا آخر غير البيانات مثل ان تشرح لماذا ليس لديها هذا الكلام، فهل لها رسالة ادارية داخلية تقدمها للادارة حول الاداء؟ فالديباجة التي تستخدمها غير كافية، وقد لا تؤشر لفساد ولكن تؤشر لنقص في الشجاعة انها تقدم معلومات كافية للهيئة العامة لاجراء نقاش مفيد في القضايا المالية”. ولا يستبعد حليلة ان يكون لدى شركة التدقيق او المدقق الخارجي خوف من فقدان وظيفتها ولذلك فان هذا الموضوع بحاجة الى نقاش من جمعية مدققي الحسابات ووزارة المالية وهيئة سوق رأس المال وسلطة النقد، فهي الجهات الاشرافية الرقابية التي يمكنها القيام بهذا الدور حتى ممثلين عن الشركات المساهمة الكبرى فهذا مهم جدا للحوار للوصول الى النتيجة التي نتطلع اليها.
الأهمية والأولوية للتدقيق الداخلي
ويرى مدير عام شركة مطاحن القمح بسام ولويل ان التدقيق الداخلي في الشركات المساهمة العامة هو اهم من التدقيق الخارجي، فنظام التدقيق الداخلي يجعل المستثمر يطلع أولا بأول على كل النشاطات والاجراءات ما يؤدي فعلا الى تطوير العمل. ويقول ولويل: “ليس من السهل على المدقق الخارجي ان يكتشف خلال اسبوعين من وجوده في الشركة ما يمكن ان يكون من مخالفات، ولكن وجود التدقيق الداخلي هو الذي يكتشف ان كان موجودا اولا بأول، وبالتالي نحن ندعو الشركات المساهمة العامة ان تلتزم بمدونة الحوكمة وان تعين مدققين داخليين على الشركات المساهمة العامة، هذا ضمان اعتقد انه اكثر من المدقق الخارجي”. وينفي ولويل وجود اي ضغط على المدقق الخارجي في اي مجال من المجالات، ولكن تحدث هناك نقاشات في بعض المواضيع كالنفقات وديون مشكوك فيها والمخصصات ومن ثم تحصل ديباجة ونقاش بين المدقق الخارجي والمستشار القانوني ومجلس الادارة والادارة التنفيذية. ويجمع الكل على انه من المفترض أن تلعب جمعية مدققي الحسابات دوراً أكثر فاعلية في تطوير مهنة التدقيق، خاصة في مجالات المساعدة في توفير فرص التدريب لأعضائها من خلال دورات تأهيلية متخصصة، تعقد بالتنسيق مع المؤسسات الأكاديمية المعتمدة في المحافظات المختلفة. وفرض رقابة أكبر على مستوى الجودة، والدفاع عن مصالح أعضائها لدى المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، خاصة من حيث ضرورة طرح عطاءات التدقيق من خلال مناقصات عامة. وفرض التزام أكبر على الأعضاء بالنسبة لتفادي المنافسة السعرية في العمل، ومطالبة الجهات الرقابية المختصة، وخاصة في وزارة الاقتصاد الوطني، لتوفير قدر فعال من الرقابة على إدارات الشركات والتأكد من التزامها بأحكام القانون بالنسبة لآليات إعداد الحسابات الختامية. وتشجيع التوجه نحو اندماج مكاتب التدقيق المحلية. هنالك مجال واسع لأن تلعب الجامعات المحلية دوراً أساسياً في عملية توفير فرص التدريب المتخصص للعاملين في هذه المهنة.
|