بغداد : أجرت جريدة (صدى العمال الجديد) التي تصدر في العراق، حواراً شاملاً مع النقابي الفلسطيني الرفيق محمـد علوش، السكرتير العام لاتحاد نضال العمال الفلسطيني، حيث تناول الحوار العديد من القضايا والتحديات التي تواجه الطبقة العاملة الفلسطينية وحركتها النقابية، الى جانب الظروف القاسية التي تمر بها الحركة العمالية في ظل الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتداعيات الحرب العدوانية التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وتنازل الحوار كذلك مواقف اتحاد نضال العمال الفلسطيني تجاه الواقع العمالي ومواقفه من مختلف القضايا الملحمة المتعلقة بالقوانين والتشريعات العمالية.
وقال علوش بأن الحركة العمالية الفلسطينية، اليوم، تمر بظروف صعبة للغاية وظروف استثنائية، حيث يعاني عمال فلسطين من الحرب الإسرائيلية المتواصلة ضد شعبنا الفلسطيني منذ أكثر من ثمانية شهور، وهذه الحرب العدوانية بكل فصولها الدامية والمأساوية وما يتعرض له شعبنا في قطاع غزة من إبادة جماعية وحصار وتهجير وتجويع، ففي الجانب الآخر أيضاً، انعكست الآثار الكارثية المؤلمة لهذه الحرب الإرهابية على الطبقة العاملة الفلسطينية وعلى الفئات الاجتماعية الضعيفة وعموم الكادحين في مجتمعنا الفلسطيني، وبشكل خاص في قطاع غزة حيث سحقت الطبقة العاملة بفعل جرائم الاحتلال اليومية والحصار الغاشم وكل السياسات الاحتلالية الى حولت غزة الى مكان غير قابل للحياة، وفي الضفة الغربية أيضاً دفع عمالنا ثمناً كبيراً لجريمة الحرب الأمريكية الإسرائيلية ضد شعبنا الأعزل، حيث تعرضت الطبقة العاملة الى حصار هائل حرم مئات الالاف من العمال من حقهم في العمل، بفعل سياسات وإجراءات الاحتلال والعقاب الجماعي ضد كافة شرائح وفئات شعبنا، حيث يدمر الاحتلال وبشكل ممنهج اقتصادنا الوطني ويدمر سوق العمل ويحرم عمالنا من العمل داخل ما يسمى الخط الأخضر كما كان عليه الحال قبل السابع من أكتوبر من العام الماضي.
وأضاف علوش، نعاني معاناة شديدة في ظل واقعنا الراهن، وقد ارتفعت معدلات البطالة والفقر بشكل جنوني وغير مسبوق منذ عقود، وللأسف فان غياب البرامج الوطنية والسياسات الاجتماعية والاقتصادية وغياب أسس الحماية الاجتماعية وقانون الضمان الاجتماعي عزّز من سوء الأوضاع، ومن هنا نجدد دعوتنا الى ضرورة القيام بإجراءات عاجلة من أجل تعزيز صمود المواطن والعامل الفلسطيني وانشاء صندوق مؤقت لإعانة العمال الفلسطينيين وتقدم الدعم المباشر لهم لتمكينهم من الالتزام بواجباتهم تجاه عائلاتهم في ظل هذه الظروف المأساوية، حيث فقدوا عملهم وحرموا من كافة حقوقهم التي يحاول الاحتلال ومؤسسات الاحتلال المس بها والتنكر للحقوق الأساسية للعمال الذين عملوا داخل (سوق العمل الإسرائيلي) وتحاول الشركات الإسرائيلية والمشغلين حرمان عمالنا من حقوقهم الراسخة التي تؤكد عليها قوانين واتفاقيات العمل، ولكن واضح تماماً وفي ظل تنامي العنصرية والفاشية الجديدة في إسرائيل بأن مصير العمال سيكون أكثر مأساوية وأكثر تضرراً بمثل هكذا سياسات وإجراءات عنصرية وعدوانية.
وأكد علوش أهمية التحركات العمالية في دعم عمال وشعب فلسطين، مؤكداً أن هناك تحركات واسعة على صعيد العالم، ومؤخراً شهدنا ثورة طلابية واسعة النطاق في الجامعات الأمريكية وامتدت هذه الثورة معظم جامعات أوروبا والعالم، دعماً واسناداً للقضية الفلسطينية وعدالة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وحقه المشروع في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة، وكذلك خرجت كل هذه الجماهير المحتشدة تنديداً بجريمة الإبادة الجماعية والمواقف الأمريكية المساندة للاحتلال.
ونوه علوش بأننا نرى دوراً هاماً ومتصاعداً للحركة العمالية والنقابية في العالم، حيث عبرت العديد من الاتحادات والمنظمات العمالية عن دعمها غير المشروط للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وعمال فلسطين، وعبروا عن تضامنهم العمالي والأممي الصادق، وكانت لنا مشاركات فاعلة في نشاطات وفعاليات ومؤتمرات دولية عديدة داعمة لعمال وشعب فلسطين، ونظمنا في اتحاد نضال العمال الفلسطيني مؤتمرين دوليين منذ بداية العدوان وشارك فيمها المئات من القادة النقابيون من معظم المنظمات العمالية والنقابية العربية والدولية وكان على رأس المشاركين الاتحاد العالمي للنقابات WFTU .
وأضاف: خلال الأيام الماضية استضافت فلسطين تظاهرة عمالية نقابية قوية من الاتحادات العمالية والنقابية الدولية بدعوة من الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، وأيضاً شاركت فلسطين في لقاءات ومؤتمرات مهمة على الصعيد الدولي، وكان هناك مشاركة تضامنية مع الطبقة العاملة الفلسطينية خلال الدورة الأخيرة لمنظمة العمل العربية التي عقدت في العراق، وكذلك برزت نشاطات داعمة من قبل الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب والعشرات من الاتحادات العمالية العربية في معظم البلدان العربية، ومن هنا نشيد بالجهود التي بذلتها بعض النقابات الفاعلة في العراق والمغرب وتونس وسوريا ولبنان وليبيا ومصر واليمن والجزائر وموريتانيا والكويت والبحرين والأردن والصومال، الى جانب التظاهرات الواسعة للجماهير العمالية ونقاباتها الجذرية والطبقية في اليونان وقبرص والبرتغال وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا والنرويج والدانمارك وألمانيا والولايات المتحدة وهولندا والسويد ورومانيا وغيرها من البلدان حول العالم.
وقال: نثمن كل هذه المواقف المبدئية الصلبة، ونتمنى الاستمرار في دعم واسناد قضيتنا العادلة وزيادة قوة التأثير من قبل النقابات العمالية العالمية لمواجهة سياسات الاحتلال العدوانية والفاشية والعنصرية.
وأوضح علوش بأننا نعتقد بأن دور الحركة العمالية والنقابية الفلسطينية دوراً أصيلاً وفاعلاً ومؤثراً، وكانت حركتنا العمالية ومازالت قاعدة شعبية واسعة في اطار منظمة التحرير الفلسطينية والحركة الوطنية والديمقراطية التقدمية الفلسطينية، وللحقيقة فإننا في اتحاد نضال العمال الفلسطيني، كنا قد تقدمنا بأكثر من مبادرة من أجل تعزيز وحدة الحركة العمالية الفلسطينية وتعزيز مكانتها لتكون قادرة على انتزاع الحقوق والحريات النقابية وبناء أسس المساواتية والعدالة الاجتماعية في مجتمعنا الفلسطينية.
ونوه بالقول: لقد عانينا طويلاً من حالة الشرذمة والانقسام في التنظيم النقابي وانعكس ذلك سلبياً على واقع وظروف العمال، وغابت نتيجة لذلك النضالات العمالية الموحدة من اجل ضمان الحقوق العمالية المشروعة وفق قانون العمل الفلسطيني، وهذه الانقسامات أضرت بشكل كبير على قوة الحركة العمالية وتأثيرها، وقد عانينا نتيجة لذلك وكان الانقسام سبباً رئيساً في حالة الضعف والترهل الذي مرت بها النقابات الفلسطينية، الى أن تم التوافق وطنياً وعمالياً من أجل انجاز وحدة الحركة العمالية الفلسطينية في أيار 2015 دون أن يتم الانجاز بالشكل الأوفى الذي التي تتطلع اليه قواعدنا ومنظماتنا العمالية، فقد تم اختزال ذلك بوحدة شكلية تفتقد الى البرنامج والى الرؤية الموحدة لضمان مستقبل الحركة النقابية، فنحن نعتقد اننا بحاجة الى وحدة المواقف والنضالات العمالية وليس مجرد وحدة شكلية، فأمامنا تحديات كبيرة وقضايا مطلبية عديدة تتطلب نضالاً متواصلاً من قبل كافة القوى والمنظمات العمالية، وكذلك لدينا شبكة علاقات واسعة مع كافة أطراف الحركة العمالية والنقابية الدولية والعربية يجب الحفاظ عليها وتطويرها بما يخدم القضية الفلسطينية وحشد الحركات العمالية العالمية لإسناد شعبنا وطبقتنا العاملة في نضالنا المتواصل حتى الحرية والاستقلال ودحر الاحتلال وضمان التنمية الشاملة التي تعزز من سيادة شعبنا فوق أرضه.
وعبر علوش، عن اعتزاز اتحاد نضال العمال، بالمنجزات الهائلة التي حققتها الحركة النقابية في فلسطين لصالح الطبقة العاملة الفلسطينية، حيث كرست النقابات العمالية واتحادات العمال مكانة وحضوراً فاعلاً في النضال المستمر من أجل الحقوق العمالية ومثلت شريكاً أساسياً مع أطراف الإنتاج والشركاء الاجتماعيين، وشاركت بشكل جدي ومهني في مأسسة الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية.
وقال: بأن هناك جملة من القوانين التي تحققت في فلسطين منذ انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وأهم هذه القوانين كان قانون العمل الفلسطيني والذي تجري عملية مراجعته وسيتم إعادة طرحه قريباً ببعض التعديلات الهامة التي كان لا بد منها، وتم اشتقاق قوانين وتشريعات عمالية عديدة لها علاقة بالحد الأدنى للأجور والسلامة والصحة المهنية وكذلك تم انجاز قانون الضمان الاجتماعي والذي للأسف الشديد تم النيل منه بفعل بعض التأثيرات الرافضة للقانون وكان أبرز المعطلين لمثل هذا القانون – الاحتلال الذي سيجبر بموجب ذلك على تحويل مئات الملايين من الدولارات لحساب مؤسسة الضمان الاجتماعي الفلسطينية، لذلك كانت له المصلحة في تعطيل القانون، الى جانب أطراف أخرى من القوى الرأسمالية والدينية الفلسطينية التي حشدت كل قواها لإسقاط قانون الضمان الاجتماعي، وللأسف الشديد كان هناك ضعفاً شديداً من قبل النقابات واتحادات العمال والأحزاب السياسية وخاصة القوى اليسارية منها والتي تساوق البعض منها مع أطراف التخريب لإسقاط الضمان بدعاوى مختلفة.
وأشار علوش، أننا اليوم، نؤكد من جديد بأن مسألة الضمان الاجتماعي مسألة رئيسة، وسنعزز النضال من أجل إعادة طرح قانون الضمان الاجتماعي بما يمثله مثل هذا القانون من ضمانة للمجتمع عامة وللطبقة العاملة بشكل خاص.
وأكد علوش أن هناك عمل متواصل الآن ورغم الظروف القاسية التي يمر بها شعبنا من أجل إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات، وأهمها قانون العمل بالصيغة المعدلة، الى جانب إقرار قانون للتنظيم النقابي يضمن الحقوق والحريات النقابية والتعددية النقابية والحق في تنظيم النقابات العمالية والمهنية، وكذلك نطالب بسرعة عمل المحاكم العمالية المتخصصة لضمان العدالة والانصاف لعمالنا وثقتهم بسيادة القانون التي يكفل الحقوق للجميع.
وأكد علوش الاستمرار برؤية واثقة واستمرار النضال دائماً من أجل حياة أفضل للعمال وظروف عمل أفضل لهم، وسنناضل من أجل انتزاع حقوق طبقتنا العاملة وتقديم الدعم والحماية الاجتماعية والاقتصادية للعمال، وسنعمل على توثيق كافة الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها عمالنا من قبل الاحتلال، وكذلك سنناضل ونعزز نضالنا في مواجهة كل أشكال القهر والاستغلال التي تمارس بحق عمالنا الأحرار، فالعمال هم حراس الفكرة وهم أيقونة الثورة.