جورج حزبون…بقلم : فهد المضحكي

2014/07/05
Updated 2014/07/05 at 10:20 صباحًا


فهرس

منذ أيام قليلة غيّب الموت المناضل الوطني الأممي جورج حزبون أحد مؤسسي الحزب الشيوعي الفلسطيني.. حزبون الذي كانت عيناه مشدودتين منذ الطفولة إلى غصن الزيتون والمطر الذي تداعب حبّاته الوجوه الفلسطينية البائسة، لم يتراجع عن دوره النضالي من اجل التحرر والحرية وحقوق الإنسان والتقدم.. ما أجمل الطقوس النضالية المفعمة بالحب والعطاء والتضحية وحب الأوطان الذي لا ينبض بإحساس عميق إلا في وطنيته لا في طائفيته ومذهبيته وقبليته!.

حزبون.. أحد أولئك المناضلين الماركسيين الذين قالوا في تحدٍ وإصرار لا للصهيونية والرجعية العربية وقوى الظلام المتأسلمة ودوائر الاستعمار والامبريالية.
فإذا كانت أزمة الحرية والديمقراطية في الأوطان العربية تعد اخطر الأزمات فإن الخطاب الديني التكفيري بتعدد ألوانه وتياراته التي خلقت مساحات واسعة من العنف والتخلّف أدت إلى أزمة في الوعي والمعرفة لا تقل هي الأخرى خطورة على الحرية والحياة!.وعن هذه الأزمة راحَ حزبون في مقاله «فشل الإسلام السياسي» ينتظر البديل المنشور في ديسمبر 2013 في موقع الحوار المتمدن الالكتروني يغوص وراء دور الإسلام السياسي في العالم العربي الذي يُعد خطراً حقيقياً وتحدياً لا يقلل من شأنه، من هنا يقول: واضح ان الدين تم استخدامه لضرب القوى المستنيرة في العالم العربي وقمع كل محاولات الفكر الديمقراطي من النجاح، حيث بات ملموساً الحراك الديمقراطي في الوطن العربي الرافض لأنظمة الحكم القائمة والدعوة إلى (حكم رشيد) على طريق التحول الديمقراطي، وكان لابد لقوى الردة والظلاميين المتحالفين مصلحياً مع أمريكا ونهجها من التحرك لإجهاض هذا الحراك، وفي غياب القيادة الثورية أو الحزب القائد كانت الجماهير لا تنتظر وكانت أيضا الأطراف الأخرى التي تراقب وتدرس لا تملك ترف الانتظار، وفي الحالتين فالانفجار جاهز والبديل جاهز وهو الإسلام السياسي، هذا المشهد مثلما يوضحه حزبون اختلف فيه الكثيرون من ربيع أطلقته صحافة أمريكا إلى ثورة أطلقها المنظرون العرب الذين لم يتمكنوا من فهم المتغير وتشتتوا منذ (البيروسترويكا) إلى خريف بائس أراده الإسلام السياسي والذي أوصل الأمور إلى ما وصل بها إلى مأزق لم يعد السيطرة عليه فاتجه إلى أسلوبه التاريخي المعتمد (الإرهاب والعنف)، هكذا فهم النقابي اليساري حزبون المتغير وعلاقته الجدلية بالتناقض الذي فسّره وفق رؤيته الماركسية ونهجه العلمي في تحليله لوحدة صراع الأضداد والواقع الراهن على الصعيد العربي والدولي وأن هذا التحليل الذي شخّص الواقع الراهن انطلق من القاعدة الأساسية والتي يراها «يتغير العالم باستمرار كما تتغير مياه النهر فالحياة هي الحركة ولاشيء ساكن بالكون، وكما تتغير الحياة بفصولها وتتجدد بحركتها، فان المجتمع يتغير والمعصيات الموضوعية تتغير ولا يستقر الا الموت وخلال هذا التغير المستمر والذي جوهره التناقض فإن واقع الطبقات الاجتماعية تتبدل والمصالح تتغير، والاحتياجات تتطور والذي يجري في الطبيعة والمجتمع بالضرورة فهو يجري في العلاقات بين الدول وتتبدل المصالح وتتغير الاحتياجات والتحالفات فان كان التناقض هو جوهر الوجود، فان التناقض حالة مستمرة قد تفسرها لحظات لم تكن مقدرة ولكنها نتجت بالتراكم لتظهر حالة جديدة قد يبدو ظاهرياً ان لها ارتباط بما كان او ما هو مطلوب».
وعلى هذا الأساس تقاربت المصالح الأمريكية وارتبطت في الوقت الراهن بمصالح الإسلام السياسي اخوانياً كان أو خمينياً وأن هذا الارتباط وإن كان ظاهره يتحدث عن الحرية والديمقراطية فإن الهدف منه إقصاء الرأي الآخر وتقليص مساحة الحرية والتعددية وقيام السلطة الدينية!.
حزبون الذي عرف المعتقلات والإقامة الجبرية من قبل سلطة الاحتلال تبوأ مكانة عالية في أوساط الماركسيين واليسار والشيوعيين كان في نظرهم: رقماً صعباً.. كان احد أعمدة العمل الوطني ليس في بيت لحم فحسب بل في الوطن المحتل.. هو عامل البلاط الذي فاز فوزاً ساحقاً في الانتخابات البلدية في 1976.. كان شخصية وطنية برز بنشاطه واحترامه بين أعضاء حزبه.. كان شيوعياً ليس من أصحاب الجملة الثورية، ولا من الجماعات المغامرة التي استهواها خندق الطائفية والمذهبية وهتفت بحياة ولي الفقيه ومرشد الجماعة، ولا من أولئك الذين صفقوا للأنظمة الطاغية !، بل كان مدركاً لحقيقة الإقطاع الديني وجوهر الصراع الاجتماعي والطبقي.. مات النقابي والسياسي حزبون.. لكن فكره لم يمت.. سيظل نهراً متدفقاً بالحياة ترتوي منه كل الأجيال.. التعازي لابنته وأسرته الكريمة ورفاق الدرب.

  • كاتب من البحرين
Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً