خاص دنيا الوطن- كمال عليان /بمجرد مرورك من أمام أي مشروع قيد الإنشاء في فلسطين عامة وفي قطاع غزة خاصة، سرعان ما يتبادر لذهنك –عزيزي القارئ- أنها منح دولية، خاصة وأن لوحة تحمل جملة “هذا المشروع بتمويل من …” تكون موضوعة بجانبها، غير أن الواقع غير ذلك – بحسب مختصين بالشأن الاقتصادي تحدثت “دنيا الوطن” معهم.
يؤكد الاقتصاديون أن أغلبية هذه المشاريع عادة ما تكون قروضاً واجبة السداد من قبل السلطة الفلسطينية، لافتين إلى أن حجم الفوائد على بعضها قد يصل نسبته إلى 50%.
ويشار إلى أنه يوجد نوعان من القروض هما: القروض الخارجية والتي تقترضها السلطة الفلسطينية من مصادر مختلفة من الخارج كالبنك الدولي والدول المانحة، والقروض الداخلية التي تقترضها السلطة من البنوك المحلية، بهدف سد العجز في موازنتها للعام المالي الذي اقترضت فيه، والمأخوذة من عدة مصادر مثل صندوق الاستثمار الفلسطيني والبنوك التجارية المحلية.
ويؤكد أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الأزهر معين رجب، أنه حينما يتم الحصول على المنحة فإن المسمى المكتوب لها أحياناً لا يعطي الدلالة التامة لكل ما في الاتفاق، مبيناً أنه من الممكن أن تكون منحة بدون سداد، أو منحة بسداد على شكل تسهيلات، أو على شكل مشاريع، وكل ذلك يكون واضحاً عند استلام السلطة الفلسطينية هذه المنحة من الطرف المانح.
ويقول رجب لـ “دنيا الوطن”: “أي عمل مالي بين الدول يجب أن يتم من خلال عقد واضح مبرم بين الطرفين، يبين فيه قيمة هذه المنحة أو القرض وكيفية سداده والمدة الواجب السداد فيها وهل هي مستردة أم لا وكيفية استردادها”؟
وأضاف “كل الأمور واردة ولكن هذه الأمور تتم في ظروف استثنائية وهي مكلفة للدول المستفيدة، والأصل أن أي اتفاق بهذا الشأن لابد أن يمر على مجلس الشعب حتى يقره ويتم التحقق من طبيعة استخدامه وسداده”.
وبهذا الشأن فإن القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005 في مادة (92) ينص على أنه “تعقد القروض العامة بقانون ولا يجوز الارتباط بأي مشروع يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزينة العامة لفترة مقبلة إلا بموافقة المجلس التشريعي”.
أما عن حجم القروض التي عقدتها السلطة الوطنية الفلسطينية، فقد أشارت معطيات وردت على ألسنة اقتصاديين فلسطينيين في ورقة بحثية حول قروض السلطة الفلسطينية أعدها الباحث مجد ميشيل البهو، ونشرت في صحيفة الحوار المتمدن العدد 2840 بأن الدين العام الفلسطيني المستحق حتى الربع الأول من عام 2004 يقدر بمليار و875 مليون دولار منها مليار و320 مليوناً قروضاً خارجية والباقي 555 مليون دولار قروضاً داخلية.
ووفقا للورقة البحثية ذاتها فإن أول قرض للسلطة الفلسطينية هو 15 مليون دولار عام 1993، ولكنها تسارعت بشكل كبير لتصل بعد عشر سنوات إلى 1,3 مليار دولار موزعة على 62 قرضاً، يضاف عليها 20 مليون دولار حتى نهاية الربع الأول من العام 2004.
كل هذه التقديرات والقروض المستحقة على السلطة الفلسطينية حتى العام 2004 أما بعد ذلك فيصعب تحديدها وذلك لعدة أسباب وأهمها: الوضع الفلسطيني الداخلي والصراع الفلسطيني -الفلسطيني، وعدم إمكانية انعقاد المجلس التشريعي الفلسطيني لإقرار خطط الموازنة.
بدوره، يؤكد الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي محمد أبو جياب، أن معظم المشاريع هي قروض واجبة السداد من قبل السلطة الفلسطينية، وليست منحاً دولية بحتة.
ويقول أبو جياب لـ “دنيا الوطن”: “إن غالبية المشاريع التي تنفذ في فلسطين بشكل عام وفي غزة بشكل خاص، وتوضع بجانبها لوحة تحمل جملة “هذا المشروع بتمويل من…” لا تعني بالضرورة أن هذه الأموال منحة للسلطة الفلسطينية، بل إن غالبيتها قروض واجبة السداد من قبل السلطة وأن حجم الفوائد على بعضها قد تصل نسبته الى 50%”.