بقلم: يغيل ليفي/ مفهوم “اليوم التالي” مفهوم فارغ، وتم استخدامه بشكل خاطئ. “اليوم التالي” ليس الواقع الذي يتم تشكيله بعد انتهاء الحرب، بل هو الذي تعمل الحرب على تشكيله. لذلك، خطة “اليوم التالي” يتم تشكيلها قبل شن الحرب. المفهوم المهني السائد هو “إستراتيجية الخروج”، الدولة تستخدم القوة العسكرية طبقاً لأهداف سياسية، تتم صياغتها بوضوح كي تشتق منها “إستراتيجية الخروج”، أي الشروط التي ينتهي فيها استخدام القوة بعد تحقيق الأهداف.
الحاجة إلى رسم إستراتيجية للخروج تمت صياغتها من قبل “لجنة فينوغراد”، التي حققت في حرب لبنان الثانية. اللجنة تناولت الخروج إلى الحرب (بسبب حادثة صادمة تستدعي الرد الفوري والقوي لمنع الشعور بالعجز والإحباط)، بالذات في مثل هذه الحالة، قالوا في اللجنة: يجب العمل بصورة مخطط لها، تقلص “الخوف من ردود اندفاعية مبنية فقط على الحدس أو المشاعر الآنية”.
لذلك، قامت اللجنة بانتقاد غياب إستراتيجية الخروج للحرب. “تخطيط مسار الانطلاق عامل رئيس في تخطيط كل عملية عسكرية: مطلوب لضمان نجاح العملية حتى لو تغيرت الظروف”. لذلك، قالوا في اللجنة: إن خطة الانطلاق يجب وضعها في بداية الحرب، لا سيما قبل أن تخلق الطريقة التي بدأت فيها الحرب ضغوطاً تشكل ما سيأتي فيما بعد. بكلمات أخرى، الاعتبارات الإستراتيجية يجب أن تكون موجودة على طول عملية التخطيط للحرب وتنفيذها.
هذا الدرس تم نسيانه في تشرين الأول. إسرائيل قامت بشن حرب انتقام، اندفاع، حيث عرضت بعد بضع ساعات على المذبحة هدفاً يتمثل بـ”تدمير القدرة العسكرية والسلطوية لحماس”. كل ذلك دون الإدراك بأن هذا هدف يمكن تحقيقه. وفوق كل ذلك، من الذي سيسيطر في القطاع بعد تحقيق الهدف، وهو ما سيسمح بشن الحرب ووقفها. إذا مثلاً كانت الحكومة قررت أن الهدف هو سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع، ولنفرض أنها لم تضع أي إنذار لـ”حماس” على الفور، وهكذا تمنع الحرب، فإن هذا الهدف كان يجب أن يؤثر على طبيعة إدارة الحرب.
في مثل هذه الحالة كان من الصحيح تجنب تدمير القطاع والقتل الجماعي، وإنهاء الحرب بعد عمليات القصف دون العملية البرية، من أجل السماح للسلطة الفلسطينية بتولي السيطرة، والوقوف أمام سكان غزة كالمخلّص من هجوم إسرائيل، وأن تحصل على الشرعية للعودة والحكم. بدلاً من ذلك، لو أن إسرائيل وضعت كهدف تفكيك سلطة “حماس”، ولكن أن تضع “الإدارة المدنية والمسؤولية عن النظام العام في أيدي جهات محلية لها تجربة في الإدارة” كخطة بنيامين نتنياهو التي عرضت على “الكابينيت” في شباط الماضي، لكان يمكن تجنب تدمير البنى التحتية المدنية والسلطوية من أجل التمكين من نقل السيطرة إلى هذه الجهات المحلية المجهولة على كل منطقة قام الجيش باحتلالها.
أي بديل لـ”اليوم التالي” يشكل خطة الحرب بطريقة موجهة للنقطة الزمنية المثالية لنقل السيطرة. من المعروف أنه لو كان وضع هدف آخر يعطي الأولوية لإطلاق سراح المخطوفين لربما كان القتال تأجل. ولكن احتمالية استخدام البدائل التي كان يجب مناقشتها بالأيام الأولى في تشرين الأول، ضعفت في ظل غياب إستراتيجية الخروج من الحرب. في الوقت الذي فيه الجيش يدمر البنى التحتية المدنية والقتال يستمر إلى حين تدمير كل قوة “حماس”. الفراغ السلطوي الذي نشأ في غزة شكل خطة إقامة إدارة مدنية إسرائيلية. في خطة “اليوم التالي”، التي سمح يوآف غالانت وبيني غانتس وغادي آيزنكوت والجيش بتشكيلها، تم نسيان أن “اليوم التالي” يتم رسمه في “اليوم السابق”.
عن “هآرتس”