بقلم: روغل ألفر / الانتفاضة الثانية قضت على اليسار الإسرائيلي وحلم الدولتين، وأثارت في أوساط الجمهور بالأساس عدم الثقة المطلق بالفلسطينيين، وخلقت الثأر لديهم. المذبحة التي نفذتها «حماس» في 7 تشرين الأول واختطاف الإسرائيليين إلى غزة، ستدفن في الواقع الإسرائيلي حل الدولتين في الأعماق التي يدفنون فيها النفايات النووية، هكذا فإنه لن تتم رؤيته مرة أخرى. من غير الواضح من أين تتلقى الإدارة الأميركية هذا التفاؤل من أجل إحيائه في اليوم التالي للحرب. هذا يعتبر عمى ينبع من أمنية. في كل ما يتم قوله للمواطنين الإسرائيليين لا يوجد فيه أي ذكر لإمكانية تطبيقه سياسياً.
أولاً، موجودة أمامنا كما قلنا سابقة الانتفاضة الثانية. الانفجار الفلسطيني العنيف الذي جبى حياة المدنيين وأدى إلى تغيير في التفكير، الذي بدوره أدى إلى تعزز اليمين في كل البلاد. الآن، في أعقاب 7 تشرين الأول، فإن رواية إسرائيل التي تبلورت هي أن «حماس» تساوي غزة وتساوي النازيين وتساوي كل الفلسطينيين. هذه هي المعادلة الجديدة. جميع الفلسطينيين، بما في ذلك الموجودون بالضفة، سيعتبرون من الآن فصاعداً وحوشاً تستحق الموت. الجمهور ووسائل الإعلام لا يبالون تماماً بموت الغزيين من كل الأعمار والجنس في عمليات القصف لسلاح الجو، هذا في أفضل الحالات. طيف أخلاق إسرائيل يشمل أيضاً أوامر للقضاء عليهم أو الإذن بالقضاء عليهم طبقاً للحاجة العملياتية.
في الخطاب الإسرائيلي، يتم التأكيد على أن النظرة الإنسانية تجاه الغزيين هي طلب لـ»العالم». حياة الفلسطينيين لم تكن في أي يوم رخيصة إلى هذه الدرجة في نظر الإسرائيليين. الخوف الكارثي تعزز؛ هذا «حدث مرة أخرى». الشعور بـ»نحن على حق» ازداد بحسب ذلك، وهكذا أيضاً الضحايا التي تولد الشعور بالأحقية في أرض البلاد. أيضاً مشاعر التفوق على الأغيار ازدادت. ويجب عليهم عدم تقديم المواعظ لنا. شكراً لبايدن، لكن يجب عليه ألا يتجرأ على القول لنا ما الذي يجب أن نفعله وما شابه. اللاسامية تزداد وهي تغذي الخوف الإسرائيلي كمزاج وجودي. النتيجة هي أن العدوانية الدينية والقومية تتعزز، حل الدولتين هو جنون، ضعف ذهني وخيانة.
القيود المفروضة على قيم الغرب الليبرالي آخذة في التزايد. ظاهرة الهوية البارزة في أعقاب المذبحة هي رغبة الكثير من الإسرائيليين اليهود في التشبه بالصورة النمطية العربية. في حركة ديالكتيكية تتم تغذيتها بشكل متناقض على يد العنصرية والخوف، فإن العربية تتماهى الآن مع القوة والكرامة والانتصار. في الرواية الجديدة، ما بعد الصدمة، يتم التأكيد على أن الفيلّا في الغابة يجب أن تتوقف عن أن تكون فيلّا وأن تتحول إلى غابة، وأن تتصرف حسب قواعد هذه الغابة. الفيلّا غير قابلة للبقاء. الإسرائيليون ينظرون الآن إلى العقلية العربية الوحشية على أنها عقلية عنيفة ومنتصرة باسم الله والأرض. القيم الليبرالية الإسرائيلية يتم عرضها كسذاجة ستنتهي بالدمار. كثيرون يعتبرون نتنياهو المسؤول عن الفشل، لكنهم يخافون من يحيى السنوار أكثر مما يخافون منه. المذبحة ولدت الانطباع بأن جميع الفلسطينيين يريدون ذبح كل اليهود، وبناء على ذلك فإنه يجب على اليهود أن يسبقوهم ويقوموا بقتلهم. أفضل اليسار في إسرائيل «يستيقظ» ويرفض عزو أي سياق للمذبحة، وحوش «حماس» جاءت من فراغ. كل إسرائيل مصابة بالصدمة من اليسار العالمي. وفي نفس الوقت تتعزز العلاقة الفكرية والعاطفية مع اليمين المتطرف العالمي، المصاب برهاب الإسلام.
النظرة الانتقادية للاحتلال يتم نبذها إلى خارج حدود المعسكر الإسرائيلي. إرهاب المستوطنين يحصل على الدعم من معظم الجمهور تقريباً، حتى لو كان ذلك بالصمت. في نهاية المطاف نتنياهو لن يستقيل، الأمر الذي سيؤدي إلى نتيجة من اثنتين. إما أنه تحت أمر «معاً سننتصر» سيتلاشى الاحتجاج ضده، أو أنه بعد الحرب التي سيمطها بقدر استطاعته ستندلع هنا حرب أهلية. على أي حال، وجود نتنياهو سيقضي على أي احتمالية لنقاش جدي في قضية الدولتين.
عن «هآرتس»