القدس المحتلة / في مقالة نشرها في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الخميس، تحت عنوان “حماس أفضل من داعش في غزة”، كتب رئيس الموساد سابقا، أفرايم هليفي، متناولا رؤية نتانياهو السياسية والأمنية، والتي اعتبر أنه ينقصها ما يضمن أنها قابلة للتنفيذ على المستويين الفلسطيني والإقليمي.
وكتب هليفي أنه عشية العثور على جثث المستوطنين الثلاثة، عرض رئيس الحكومة الإسرائيلية رؤيته السياسية والأمنية أمام إسرائيل والعالم، والتي وصفها بأنها ليست ردودا مخصصة لاحتياجات آنية، وإنما تؤشر إلى النية في تطبيق سياسة متلاحقة خطوة إثر خطوة.
وأضاف أن الفرضية الأساس لنتانياهو هي أن تتحمل إسرائيل وحدها المسؤولية الأمنية عن كل مساحة “أرض إسرائيل” (فلسطين التاريخية)، وأنه فقط بهذه الطريقة يمكن ضمان أمن مواطنيها. وأن هذا الوضع سيستمر بدون تحديد سقف زمني، حتى لو تم التوصل إلى طرق لمنح الفلسطينيين دولة في هذه الحدود أو تلك، فسوف تكون كيانا ينقصه الكثير من علامات الاستقلال السياسي.
ويتابع أن التطورات الإقليمية، بحسب نتانياهو، تلزم بإقامة سياج أمني ناجع على طول الحدود مع الأردن، وذلك لمواجهة المخاطر الآتية من الشرق والشمال الشرقي، والتحكم بشكل فعال بحركة الفلسطينيين الذين يعيشون بين جدار الفصل الغربي وبين الجدار الشرقي الجديد.
وبحسب هليفي فإن الفرضية النابعة من خطاب نتانياهو هي أن الفلسطينيين سيعتادون هذا الوضع، سواء لعدم وجود خيارات أمامهم أم لأنه في نفس الوقت ستبذل جهود لتوفير ظروف حياة أفضل، اقتصاد مزدهر وحكم ذاتي محدود بما يتماشى مع الاحتياجات الأمنية لإسرائيل.
ويتابع أن إسرائيل ستواصل حربها بدون هوادة ضد “الإرهاب” الذي تقوده حركة حماس، وبشكل مواز ستبدأ سياسة إقليمية تتقرب خلالها من مصر والسعودية ودول الخليج، وتكون مخلصة بشكل خاص للأردن، وفي هذا الإطار أشار نتانياهو إلى كردستان، التي لا تزال جزءا من شمال العراق، حيث بادر إلى الإعلان عن دعمه لاستقلالها السياسي.
ولكن هليفي يشير إلى أنه لا يوجد ما يضمن أن هذه السياسة قابلة للتنفيذ، فالجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية بدأ يستيقظ، والمواجهات بين اليهود والعرب تتصاعد، وسيطرة أبو مازن على شعبه تتراجع، سواء بسبب قصوراته هو أم بسبب نشاط إسرائيل العلني وغيره ضده في الشهور الأخيرة لإجبار على السير في المسارات التي تضعها إسرائيل له. ويشير في هذا السياق إلى احتمال قيام أفراد ومجموعات بعمليات انتقامية، يمكن إحباط بعضها، ويمكن أن يؤدي بعضها إلى إشعال الوضع.
ويضيف هليفي أنه نظرا لأن الجانب الفلسطيني لن يوافق على ما يعرض عليه، فسوف يضطر أبو مازن إلى مواجهته أو الانسحاب من الحلبة، وبالتالي فإن انهيار السلطة سيكون نتيجة لا يمكن ردها.
ويتابع أنه على المستوى الإقليمي، فإن دعم نتانياهو للاستقلال الكردي يبعد إسرائيل خطوة أخرى عن صديقتها الأمريكية، بما ينضاف إلى خطوات أخرى لابتعاد إسرائيل عن حليفتها.
ولم يستبعد أن تكون خطوة نتانياهو بهدف إثارة إقامة دولة كردية في المناطق التي يعيش فيها أكراد، ما يعني ضم مناطق مستقبلا من شمال إيران وتركيا وسورية للدولة الجديدة.
وتابع هليفي أنه في حال تشكل معارضة إقليمية شديدة لإقامة دولة كردية، فمن المشكوك فيه أن تكون إسرائيل، بكل قدراتها، قادرة على تحمل عبء هذه العملية. ويلفت في هذا السياق إلى أنه خلال حرب أكتوبر 1973، كانت تتمنى إسرائيل أن يفتح الأكراد جبهة قتالية ضد العرب في شمال العراق، ولكن خاب أملها.
وأشار هليفي إلى أن نتانياهو تحدث عن “الإسلام المتطرف”- (داعش) الذي يتجه صوب بغداد، وبشكل عبثي ربط داعش بحركة حماس. ويتابع أن حماس “هي الخصم الأمرّ والأنجع في مواجهة داعش”.
ولفت إلى أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل صرح يوم أمس بأن حركته معنية بالحفاظ على الاتفاقيات مع إسرائيل، والتي انهت جولتين من القتال، “الرصاص المصبوب” و”عامود السحاب”، وبالنتيجة فإن “حماس أفضل من داعش في غزة”.
وينهي حديثه بالقول إن “هذا التوقيت بالتأكيد هو الأسوأ للحديث عن مصالح مشتركة بين إسرائيل وحركة حماس، وخاصة بعد أيام من مقتل المستوطنين الثلاثة، فالقلب يقول لا للأبد، ولكن ماذا يقول العقل؟”.