الجيش يؤيد عملية برية في غزة
– أزمة مياه حادة تلوح في القطاع
غزة – عواصم – الحياة الجديدة – وكالات- صعدت قوات الاحتلال من عدوانها على قطاع غزة بعد رفض حماس والجهاد الاسلامي اقتراح التهدئة الذي اقترحته مصر. وأدت الغارات الجديدة الى استشهاد مواطنين ما يرفع عدد الشهداء خلال العدوان الى 198 شهيدا و 1485 جريحا.
وشن طيران الاحتلال سلسلة غارات على قطاع غزة بعد توقف دام ست ساعات، حسب مراسلي وكالة الأنباء الفرنسية وشهود عيان. الا ان الهدنة قطعها صوت صفارات الانذار في اسرائيل بعد اطلاق كتائب القسام صواريخ.
وقال جيش الاحتلال في تغريدة على حسابه الرسمي على موقع تويتر “اطلقت حماس 47 صاروخا منذ ان اوقفنا غاراتنا على غزة في التاسعة صباحا. ونتيجة لذلك، استأنفنا عمليتنا ضد حماس“.
واعلن جيش الاحتلال ان مدنيا اسرائيليا قتل جراء سقوط صاروخ اطلق من قطاع غزة أمس، ليكون بذلك أول اسرائيلي يقتل منذ بدء العدوان.
وقال الجيش ان الرجل قتل بالقرب من معبر ايريز. وصرحت كتائب القسام في بيان مساء أمس انها قصفت معبر ايريز.
وفي تصريحات متلفزة مساء أمس توعد نتنياهو “بتوسيع وتكثيف” العدوان على قطاع غزة بعد رفض حماس مبادرة التهدئة المصرية.
وقال نتنياهو في تصريحات نقلها التلفزيون “كان من الأفضل حل هذه المسألة دبلوماسيا، وهذا ما حاولنا القيام به عندما قبلنا اليوم (أمس) اقتراح الهدنة المصري”. واضاف “لكن حماس لم تترك لنا خيارا سوى توسيع وتكثيف حملتنا ضدها”. وتابع “عندما لا يكون هناك وقف لاطلاق النار، فان ردنا هو النار!”.
لكن نتنياهو لم يعط أي مؤشر واضح حول احتمال شن عدوان بري على قطاع غزة.
من جهته، اعلن رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الجنرال بني غانتس ان “الجيش استأنف هجماته وسيوسعها بقدر ما يلزم جوا وبحرا وبرا وفقا لأوامرنا“.
ورد نتنياهو على انتقادات الصقور في حكومته في وقت سابق أمس عندما انتقد وزير الخارجية افيغدور ليبرمان قبول اسرائيل بالهدنة المصرية و”تردد” نتنياهو، قائلا ان على اسرائيل اقتحام غزة وطرد حماس منها. وقال نتنياهو “في هذه اللحظات يجب اتخاذ القرارات بهدوء وصبر وليس على عجل ووسط الضجيج“.
ووصف مصدر عسكري إسرائيلي الإذن الذي حصل عليه جيش الاحتلال أمس بمواصلة الهجوم الجوي على غزة بعد “رفض” حماس لوقف إطلاق النار بالخطوة الأولى على طريق عملية برية. وقال ضابط كبير في جيش الاحتلال خلال إيجاز صحفي قدمه للمراسلين العسكريين “ستحقق المناورة البرية انجازات في مجال مكافحة الأنفاق الكثيرة المنتشرة في قطاع غزة.. تلك الأنفاق التي لم يكن سلاح الجو فعالا في مواجهتها“.
واضاف: “كانت توصياتنا للمستوى السياسي واضحة وأكدت ان عملية برية تهدف إلى تدمير الأنفاق ستستمر لأسبوع أو أسبوعين وان القوات المحتشدة قبالة قطاع غزة مدربة على هذه المهمة ومستعدة جديا لتنفيذها وهناك عدد قليل من الأنفاق لكنها أنفاق مهمة جدا اكتشفنا بعضها لكن يجب أن نتعامل مع بعضها الآخر ضمن أهداف المناورة البرية“.
وتابع: “هناك فرص نجاح كبيرة لعملية برية تهدف إلى تدمير الأنفاق وهذا الأمر يتطلب منا الاحتكاك المباشر بالعدو وإخلاء السكان وهذه العملية ستؤدي إلى تعظيم انجازات إسرائيل ونحن نثق بقواتنا التي ستحقق الانجاز والحل سيأتي من القوات المقاتلة في الميدان ومن أسفل السلم القيادي وليس فقط من هيئة الأركان” حسب قوله.
ورفضت حماس أي وقف لاطلاق النار من دون التوصل لاتفاق شامل، بينما اعتبرت كتائب عز الدين القسام المبادرة المصرية “ركوعا وخنوعا”، وتوعدت اسرائيل بأن معركتها معها “ستزداد ضراوة“.
وتشترط حماس ان توقف اسرائيل قصفها لغزة وترفع الحصار عن القطاع وفتح معبر رفح واطلاق سراح أسرى اعتقلوا بعد الافراج عنهم في اطار صفقة التبادل مع الجندي غلعاد شاليط في 2011.
لكن موسى أبو مرزوق القيادي بحماس الموجود بالقاهرة قال إن حماس لم تتخذ قرارها النهائي بعد. وقال أبو مرزوق على موقع فيسبوك “ما زلنا نتشاور ولم يصدر موقف الحركة الرسمي بشأن المبادرة المصرية“.
وأعلنت حركة الجهاد الاسلامي رفضها للمبادرة المصرية، وثمنت أي جهد يبذل لوقف العدوان. وقالت الحركة في بيان لها أمس: “أبلغنا الجانب المصري موقفنا بعدم قبول هذه المبادرة التي لا تلبي حاجات شعبنا وشروط المقاومة التي لم تستشر فيها”. واضافت “هذه المبادرة غير ملزمة لنا، وسرايا القدس ستواصل عملياتها جنبا إلى جنب مع كل الفصائل والأجنحة العسكرية، دفاعا عن شعبنا في مواجهة العدوان الاسرائيلي“.
وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د. حنان عشراوي أمس ان هناك عدة آراء داخل المقاومة “تتناقض” في رأيها حول المبادرة المصرية. وقالت عشراوي خلال مؤتمر صحفي عقدته في مقر المنظمة برام الله “هناك عدة أطراف وعدة آراء داخل المقاومة تتناقض في رأيها حول المبادرة، ولكن نحن ندرك ان الأمور تحتاج الى بحث أكبر ووقت أكثر، فنحن ننظر الى المضمون وليس الى اللغة“.
وقالت عشراوي ان مصر تشاورت مع كافة الأطراف قبل الاعلان عن المبادرة. واضافت “نحن ننظر الى المبادرة المصرية على انها الخطوة لوقف عدوان الاحتلال الاسرائيلي على شعبنا في القطاع“.
وقصفت طائرات الاحتلال شرق مدينة غزة ما ادى الى استشهاد مواطن. كما استشهد مسن في قصف على مدينة خان يونس. واستشهد الشاب اسماعيل فتوح (26 عاما)، في قصف على حي الزيتون بمدينة غزة. وكان خمسة مواطنين استشهدوا منذ ساعات الفجر الأولى في قصف على قطاع غزة. وشنت طائرات الاحتلال غارتين على بيت حانون، ما أدى لوقوع اصابتين بينهم طفل، نقلو على إثرها لمستشفى بيت حانون. كما شنت الطائرات سلسلة غارات من بيت لاهيا شمالا إلى رفح، بعد إعلان استكمال العدوان. وأصيب ثلاثة مواطنين بجروح، بينهم طفل، مساء أمس في غارتين على حيي الزيتون والشجاعية.
واستشهد المواطنان صالح دهليز وياسر المهموم جراء استهداف طائرات الاحتلال لسيارة كانا يستقلانها في رفح.
وحذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري من فيينا أمس من ان “ما يجري هناك ينطوي على مخاطر كبيرة وحتى احتمال تصعيد العنف بشكل أكبر“.
واعلن كيري انه قرر الغاء زيارته المقررة الى مصر والعودة الى واشنطن لاعطاء المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار الوقت كي تنجح. ودعا الدول العربية الى الضغط على حماس لقبول المبادرة المصرية. وقال “نحن مستعدون لبذل كل جهودنا لمساعدة الأطراف على الالتقاء والعمل على خلق مناخ مناسب للمفاوضات الحقيقية“.
وأضاف: “أنا مستعد للعودة الى المنطقة غدا اذا لزم الأمر، أو في اليوم التالي أو الذي بعده لمتابعة اية احتمالات اذا لم تنجح هذه (المبادرة). ولكن المصريين يستحقون منحهم الوقت والمجال لمحاولة انجاح هذه المبادرة“.
واقترحت مصر تحديد الساعة السادسة بتوقيت غرينتش من صباح أمس لبدء تنفيذ تفاهمات التهدئة بين الطرفين، على أن يتم إيقاف إطلاق النار خلال 12 ساعة من إعلان المبادرة المصرية وقبول الطرفين بها دون شروط مسبقة.
وخلال 48 ساعة من بدء تنفيذ المبادرة، تستقبل القاهرة وفودا رفيعة المستوى من الحكومة الاسرائيلية والفصائل الفلسطينية للتباحث بشأن تثبيت وقف اطلاق النار، على ان تجرى المباحثات مع كل طرف بشكل منفصل.
ورحب اوباما بالمبادرة المصرية. واعرب خلال حفل افطار رمضاني استضافه في البيت الأبيض، عن امله في ان “تتيح (المبادرة) استعادة الهدوء”. وأكد ان اسرائيل “لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد هجمات لا تغتفر”. لكنه وصف مقتل مدنيين فلسطينيين بأنه “مأساوي“.
وكانت جامعة الدول العربية دعت ليل الاثنين الثلاثاء “كل الأطراف” المعنية الى دعم المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار. كما قررت الجامعة “دعم طلب دولة فلسطين وضع اراضيها تحت الحماية الدولية وصولا الى انهاء الاحتلال“.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بعد محادثة هاتفية مع نظيره المصري سامح شكري أمس ان فرنسا “تدعو كافة الأطراف” الى احترام وقف فوري لاطلاق النار كما تقترح مصر.
وقال فابيوس في بيان “كل الجهود يجب ان تفضي الى وقف العنف وحماية المدنيين”، موضحا ان فرنسا تؤيد “مبادرة مصر المدعومة من الجامعة العربية للتوصل الى وقف فوري لاطلاق النار“.
واضاف: “لكي تكون التهدئة دائمة اكدت انه يجب ان تلبي المطالب المشروعة لاسرائيل من الناحية الأمنية وكذلك الحاجات الانسانية والاقتصادية للفلسطينيين. وعلى السلطة الفلسطينية ان تكون بالتأكيد شريكا وثيقا“.
وحذرت وكالات مساعدات أمس من ان مئات الآلاف السكان في غزة أصبحوا من دون مياه بعد ان دمر العدوان شبكة المياه والصرف الصحي وأكدت ان جميع سكان القطاع مهددون بأزمة مياه خلال أيام.
وقالت وكالة (الأونروا) ان الهجوم المستمر منذ ثمانية أيام تسبب في اضرار بالغة للبنية الأساسية ودمر 560 منزلا على الأقل.
وقال جاك دو مايو رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اسرائيل والأراضي المحتلة في بيان “خلال أيام سيعاني سكان القطاع بالكامل من نقص حاد في المياه”. واضاف انه اذا استمر الاقتتال ومع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة فان “المسألة لن تتعلق باحتمال مواجهة السكان المحاصرين أزمة مياه حادة وإنما متى سيواجهونها”. وتابع: “المياه أصبحت ملوثة والصرف الصحي يفيض ويجلب مخاطر جمة للاصابة بالأمراض“.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي ساعدت فرقها في عمليات الاصلاح الطارئة ان العديد من مهندسي مياه البلدية قتلوا في القصف وان الجهة التي تزود غزة بالمياه أوقفت كل العمليات الميدانية لحين إمكانية ضمان سلامة موظفيها.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر ندى الدوماني في إفادة صحفية “المياه مشكلة ويمكن ان تتحول بسرعة الى كارثة“.
وقالت الأونروا ان الدمار ضاعف من آثار حصار اسرائيل المستمر منذ ثماني سنوات للقطاع. وقال المتحدث باسم الوكالة سامي مشعشع في افادة صحفية “شبكة المياه والصرف الصحي تكاد لا تعمل ومع استمرار القصف على مدى ثمانية أيام فهي في حكم المدمرة“.
واضاف “ننظر الى 90 مليون لتر من مياه الصرف غير المعالجة والتي تتدفق الى البحر كل يوم لأنه لا توجد كهرباء لمعالجتها. 90 في المئة من مياه الشرب لا تصلح للاستهلاك الآدمي“.
وحذرت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي من ان الخدمات الصحية في الأراضي الفلسطينية المحتلة على شفا الانهيار وسط نقص شديد في الأدوية والوقود لتشغيل مولدات المستشفيات.
وقال المتحدث باسم الأونروا “نحن نشعر بقلق بالغ في الأونروا من انه اذ لم ينجح وقف اطلاق النار الذي يجري التفاوض عليه فان الهجوم البري الذي جرى الحديث عنه بكثرة قد يبدأ وقد نشهد توغلا عسكريا اسرائيليا لغزة“.
وقالت المتحدثة ندى الدوماني انه اذا كانت هناك هدنة فان اللجنة الدولية للصليب الأحمر تأمل في ان يسمح لها بالوصول بطريقة أفضل الى الأعداد المتزايدة من الاصابات. وقالت ان اللجنة الدولية للصليب الأحمر “تعمل على توثيق انتهاكات للقانون الدولي الانساني” في الصراع.