القرار الأخير الذي اصدرته وزيرة الداخلية البريطانية، في حكومة باريس جونسون ،بريتي بينتل، من واشنطن، يوم الجمعة الماضي،بتصنيف الجناح السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” منظمة ارهابية وحظر نشاط الحركة في عموم الاراضي البريطانية، وسجن كل من يروج لها على الاراضي البريطانية لفترة لا تقل عن ١٠سنوات، عزاه البعض إلى وجود لوبي صهيوني قوي في لندن وارجعه البعض الآخر إلى تبعية بريطانية قوية وتقليدية لواشنطن فيما ذهب قسم ثالث إلى اعتباره ناجم عن علاقة قوية وشخصية تربط الوزيرة البريطانية بإسرائيل.
وردت حركة “حماس” المستهدفة على القرار الذي جاء بعد٢٠عاما من قرار بريطاني مماثل بإعتبار الجناح العسكري للحركة ،كتائب الشهيد عز الدين القسام، منظمة إرهابية،وبعد سنتين وثمانية اشهر على قرار حكومة تيريزا ماي السابقة بتصنيف حزب الله اللبناني تنظيماً ارهابياً وحظر نشاطه في بريطانيا، بوصفه إستمراراً لخطيئة وعد بلفور.
فهل هذه هي الاسباب الوحيدة لصدور هذا القرار؟ وهل هو حقيقة خطيئة كما ذكرت حماس؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذه المقالة.
ولكن وقبل محاولة الاجابة لا بد من الإشارة الى حقيقة مهمة وهي ان الحكومة البريطانية تكذب إن زعمت بان الهدف من وراء إستصدار هذا القرار هو مكافحة الإرهاب وحماية مصالح الشعب البريطاني. فحركات المقاومة الفلسطينية والعربية ورغم الضرر الكبير والهائل الذي الحقته سياسات بريطانيا الإستعمارية بشعوبنا إلا انها لم تستهدف يوماً مواطنين بريطانيبن ابرياء.
ولذلك فإنه من الواضح وضوح الشمس في رابعة النهار ان هدف بريطانيا من وراء إصدار هذا القرار ضد حماس هوحماية مصالح إسرائيل التي تحتل فلسطين وجزء من الاراضي اللبنانية ومرتفعات الجولان السورية والتي تجيز كل الشرائع السماوية والارضية مقاومتها وتعتبرها شرعية.
ولكي نضع النقاط على الحروف فإن تصنيف حماس في ١٩ تشرين الثاني٢٠٢١ وقبلها حزب الله وحركة انصار الله في اليمن والمقاومة العراقية منظمات إرهابية هي امتداد للاسباب التي حدت ببريطانيا إلى إستصدار وعد بلفور في الثاني من تشرين الثاني عام ١٩١٧.
وتلك الاسباب لها علاقة بمصالح استعمارية بريطانية وبوجود لوبي صهيوني قوي يتحكم بمفاصل السياسة البريطانية منذ مطلع القرن العشرين ولكن سببه الرئيس هو القرابة الدينية بين الصهيو-،مسيحية البريطانية والصهيونية اليهودية.
فالصهيونية-المسيحية البريطانية ولدت في بريطانيا في القرن السابع عشر اي قبل صهيونية هيرتزل”العلمانية” باكثر من ٣٠٠سنة.
واتباع هذه الصهيونية التي انتقلت إلى الولايات المتحدة الامريكية مع موجات الهجرة يؤمنون بالعودة الثانية للسيد المسيح وإقامتة للدولة الالفية التي ستدوم الف عام وبأن الشرط الاساس لتلك العودة كان يتطلب اولاً إقامة دولة يهودية بموجب وعد بلفور وهو الامر الذي تم في ١٥ايار عام ١٩٤٨ ومن ثم بعد إقامتها واحتلالها لكل فلسطين التاريخية عام ١٩٦٧هدم المسجد الاقصى وبناء الهيكل المزعوم الثالث على انقاضه كشرط لعودة المسيح.
وقد التقط تيودور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية العالمية المعاصرة هذه الحقيقة حينما قال بالحرف الواحد “لو لم توجد الحركة الصهيونية لاوجدتها بريطانيا كما اننا نجد صهاينة بريطانيا وامريكا والغرب اكثر تطرفاً وعداء للفلسطينيين والعرب من صهاينة إسرائيل اليهود.
في الختام وبناء على ما تقدم فمطالبة بريطانيا بإعادة النظر بقرارها تصنيف حماس ارهابية كما الإعتذار عن جريمة وعد بلفور هو درب من المستحيل اولا لاننا ضعفاء والعالم لا يصغي للضعفاء وثانياً لان حكام بريطانيا اكثر صهيونية من حكام إسرائيل.
ويبقى الحل الوحيد هو إعادة الإعتبار للمقولة التي رفعتها حركة التحرر العربية اثناء حكم الراحل جمال عبد الناصر معسكر الاعداء مكون من الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية ايضاً.
من دون ان ننسى طبعاً ضرورة الاهتمام بالراي العام في تلك البلدان وما منع السفيرة البريطانية مؤخراً من اكمال محاضرة لها في آحدى المدن البريطانية سوى اكبر دليل.