وكالات/ أشارت مصادر مطلعة إلى أن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند قد وجه انتقادات قاسية لقطر لأنه اعتبر أن رئيس وزرائها حمد بن جاسم قد خدعه عندما تعهد له بإقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعدم التوجه للأمم المتحدة لتقديم طلب الاعتراف بدولة فلسطينية، وزاد حنقه عندما تمت تلبية طلب عباس بهذا الخصوص في الأمم المتحدة.
وحسب هذه المصادر فإن أولاند يرى أن تركيا وقطر قد رفعتا محمود عباس لأعلى الشجرة وسحبتا البساط من تحت قدميه، وشدد مجدداً على رفض انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
ويبدو جلياً من هذه المعطيات أن قطبة مخفية تباعد بين أطراف المثلث الفرنسي – القطري – التركي الذي شد من قوة تنسيقه في الأزمة السورية، وتدخلت أطرافه مباشرة بخطة تآمرية مشتركة لدعم المعارضة السورية ومجموعاتها المسلحة سياسياً ومالياً وعسكرياً، كما مارست جميع أشكال التدخل والضغط لتفعيل الهجمة على سوريا لإسقاطها كدولة وإسقاط نظامها.
فشل هذا القطب الثلاثي في سوريا حسب الخبراء، قد ولد خلافات شديدة بين أطرافه وأدى لتبادل الاتهامات بالمسؤولية عن التورط وتوريط الآخرين، والمبالغة بتعميم التوقعات عن قرب سقوط الرئيس السوري بشار الأسد وأركان نظامه.
وهذا تحديداً ما أخذته على عاتقها الدوحة بوقت مبكر من الأزمة السورية، متعهدة لباريس وأنقرة بإتمامه، بينما ربط أردوغان تصعيد عدائيته نحو سوريا بقبض الثمن من باراك أوباما عبر الوعد بتسهيلات أمنية للجيش التركي بشمال العراق ضد قواعد حزب العمال الكردستاني، وهي وعود صعبة التحقيق لأن القيادات الكردية العراقية تعرف جيداً الكلفة العالية لتورطها بأي عمل مباشر ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني بفعل الترابط العشائري العابر للحدود بين الأكراد في العراق وتركيا.
وكذلك لأن الولايات المتحدة تعتمد بقوة على الدور الكردي بصياغة التوازنات السياسية الراعية لمصالحها داخل العراق، ولذلك فإنها لن تفرط بأولوية الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع مسعود البارزاني وجلال الطالباني لصالح إرضاء أردوغان مقابل تصعيده للضغوط على سوريا، التي بات مشكوكاً بفاعليتها، وإمكانية ظهور نتائج تترتب عليها بعض التطورات الميدانية المهمة التي حققتها الدولة السورية وجيشها على الأرض، وبظل التأزم التركي الداخلي حول الشأن السوري وتداعياته المحتملة، وبدء الانهيار الاقتصادي في تركيا.
باريس قبضت ثمن تورطها في سوريا من الكعكة الليبية برغم اعتراضها على صغر حصتها، بينما الدوحة وأنقرة تدوران بحلقة مفرغة حتى اليوم، منذ الفيتو الروسي والصيني المزدوج الذي عطل تغطية التدخل في سوريا، وشكل إعلاناً لتفليسة الحملة الغربية التي قادتها الولايات المتحدة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، وبتمويل قطري وبتناغم تركي.
حلقة الفشل السورية للثلاثي: قطر وتركيا وفرنسا هي الميدان الرئيسي للنزاعات فيما بينها، وعلى هامشها يمكن قراءة غضب باريس واعتبارها أن قطر ورطتها بالتزامات حول الموضوع الفلسطيني وأظهرتها بموقع العاجز عن التأثير أمام واشنطن التي عاتبتها بقسوة على دورها بإعلان موقف أوروبي مساند لطلب الاعتراف بدولة فلسطينية في البداية.
وقد اضطرت باريس بعد تأنيب واشنطن لها للإيعاز بموقف فرنسي متحفظ في ذلك الوقت، واقتراح أن تكتفي السلطة الفلسطينية بمقعد المراقب في الأمم المتحدة، بينما كانت فرنسا تبني كلامها على الوعود القطرية بعدم تقديم عباس لطلب الاعتراف الذي ناله مؤخراً، وبالتالي وضع فرنسا أمام اختبار موقفها الكاذب الداعم للطلب، يوحي ببداية لحسابات الخاسرين في الملف السوري.