بكين : أكد محمـد علوش، عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، والكاتب والباحث المختص بالعلاقات العربية الصينية، أننا ننظر باهتمام كبير الى تنامي وتطور العلاقات العربية الصينية وعلى كافة المستويات، ونعتقد أن هناك أهمية كبيرة لتطوير العلاقات الى مستوى العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين، فالصين والقيادة الصينية ونواتها الرئيس شي جين بينغ تحظى بعلاقات خاصة مع البلدان العربية، وهي علاقات راسخة وقائمة على أساس الثقة والمصالح المتبادلة.
وأضاف علوش، في حوار شامل أجرته معه جريدة (الشعب) اليوميّة الصينية، نحن نعقد آمالاً كبرى على مستقبل الصين كقوة دولية فاعلة ومؤثرة على مستويات مختلفة، فالصين استطاعت أن تعزز حضورها الإيجابي على المستوى العالمي رغم كل المحاولات الأمريكية والغربية للحد من دورها والتأثير السلبي عليها، مؤكداً أن العلاقات القائمة بين الصين والبلدان العربية قامت أساساً على قيم إيجابية من أجل تعزيز التعاون العربي الصيني وبناء مستقبل مصير مشترك عربي صيني.
وقال علوش بأن هناك تطوراً كبيراً طرأ على مستوى قدرة الصين على إدارة العديد من الملفات وحل الأزمات بما في ذلك القدرة الكبيرة التي تمتعت بها الصين في اطار دبلوماسية الدولة الكبيرة في الوساطة التي قامت بها لإنهاء الخلافات القائمة بين المملكة العربية السعودية وايران، وهذا التطور عزز كثيراً من مكانة الصين في القضايا الدولية وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد، حيث رحبنا بالجهود الصينية المبذولة للتدخل الإيجابي في معالجة مسألة الاختلاف وحالة الانقسام في الساحة الفلسطينية، حيث سيعقد لقاء للمصالحة الفلسطينية منتصف الشهر القادم في بكين.
وأكد علوش أن مواقف الصين الداعمة للقضية الفلسطينية تشكل أساس متين لعلاقات الصداقة التقليدية التاريخية بين فلسطين والصين، وكل المواقف والمبادرات الصينية المتعلقة بالقضية الفلسطينية جاءت وفق هذا الأساس، ونحن ننتظر مزيداً من التحركات الصينية لترجمة الرؤية الصينية ذات النقاط الثلاث لحل القضية الفلسطينية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وكذلك نعتقد أن هناك ضرورة ملحة لقيام الصين بالتعاون مع الأطراف الدولية الأخرى وخاصة مع روسيا الاتحادية ومع مجموعة البريكس للتوجه الى مجلس الأمن لمطالبته بعقد مؤتمر دولي للسلام ومن أجل تحقيق العدالة لفلسطين من خلال دعم واسناد الشعب الفلسطيني لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .
وقال علوش : نقدر عالياً رسائل التهنئة التي توجهها القيادة الصينية والرئيس شي لاجتماعات القمة العربية، ونأمل أن تتطور العلاقات العربية الصينية وأن تواصل الصين دعمها للمنطقة العربية نحو بناء وترسيخ الشراكة الاستراتيجية والحفاظ على القيم والمشاريع المشتركة التي تمثل مستوى متقدم للعلاقات العربية الصينية الممتدة عبر عقود طويلة.
وفي رده على سؤال بتعلق بالقمة الصينية العربية الأولى التي عقدت بنجاح في عام 2022، حيث حقق التعاون الصيني العربي نتائج مثمرة، وتطورت العلاقات الصينية العربية التي تمر حالياً بأفضل فترة في التاريخ، أكد أنه كانت للقمة العربية الصينية الأولى التي عقدت عام 2022 أهمية بالغة، حيث حققت إنجازات ملموسة على صعيد بناء وترسيخ التعاون العربي الصيني، وهو ما مهد الطريق لهذا التطور الهائل الذي نشهده بين الجانبين، على مستوى العلاقات والتنمية المشتركة وتنظيم المشاريع والاستثمارات الكبيرة في مجالات متعددة والتي خلقت بيئة جديدة للتعاون المشترك.
ونوه بأن هذه القمة عززت بشكل واضح التعاون والتنسيق المشترك وأرست قواعد العلاقة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل، بوصفها نموذجاً لعلاقات الصداقة والتعاون الودي، وعمقت التعاون العربي الصيني في مختلف المجالات من خلال الآليات القائمة في إطار منتدى التعاون العربي الصيني، ودفعت بجهود التنمية نحو آفاق أرحب، واعادت التأكيد على الالتزام الثابت بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك مبادئ الاحترام المتبادل لسيادة الدول ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية، واحترام مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وشجعت على صيانة النظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي، والعمل متعدد الأطراف، وتعزيز مبادئ التعاون والتضامن والعدالة والإنصاف في العلاقات الدولية، والحفاظ على مصالح الدول النامية والدفاع عن حقوقها.
وأضاف علوش بأن هذه القمة وضعت على جدول أعمالها القضية الفلسطينية حيث أكدت أنها تظل قضية مركزية في الشرق الأوسط ، مما يتطلب إيجاد حل عادل ودائم لها على أساس حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، وذلك وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وحول المؤتمر الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في الصين هذا العام، والخطوات المستمرة لبناء مجتمع مصير مشترك صيني عربي متعمقاً وعملياً، وبخصوص توقعاته، قال أننا نتطلع لمخرجات عملية وملموسة للمؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، ومواصلة العمل الجاد من أجل ترسيخ قيم ومبادئ حضارية مشتركة وفق ما تم البدء به سابقاً لبناء مجتمع مصير مشترك عربي صيني لأهمية مثل هذه الخطوة في مسيرة العلاقات العربية الصينية والتي حققت نتائج مثمرة في المنتديات السابقة.
وقال علوش، لقد رحبنا بكافة المبادرات التي قدمتها الصين والتي كان آخرها مبادرة الحضارة العالمية التي أطلقها الزعيم شي جين بينغ في العام الماضي، ولدينا أمل بأن تتواصل هذه الجهود التي تقوم بها الصين من أجل تحقيق التوازن العالمي والمساهمة الفعلية في إعادة بناء النظام الدولي على أسس ومرتكزات جديدة ووفق قاعدة التعددية القطبية وبما ينهي أحادية القطبية بقيادة الولايات المتحدة والتي تسود العالم منذ تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي قبل ثلاثة عقود.
وأضاف، لقد أسهم منتدى التعاون الصيني العربي بمساهمات كبيرة في تنمية العلاقات بين الصين والدول العربية وأصبح نموذجاً للتعاون بين بلدان الجنوب، وعلى مدار العقدين الماضيين، قدم المنتدى إسهامات مهمة في تعزيز تنمية العلاقات الصينية – العربية، وأصبح علامة بارزة ومهمة في التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية، وبكل تأكيد فان المؤتمر الوزاري العاشر للمنتدى والذي سينعقد هذا العام في الصين يحظى باستعداد من قبل الجانبين لتعزيز التواصل والتنسيق من أجل التحضير للمؤتمر وعقده بشكل جيد، بهدف فتح آفاق جديدة في العلاقات الصينية – العربية وضخ زخم جديد فيها.
وأوضح علوش بان هناك متغيرات كبيرة تجري، ولقد دخل العالم بفترة جديدة من الاضطراب والتحول، ولا شيء يمكنه أن يوقف اتجاه الدول النامية نحو تعزيز الوحدة والتعاون وتسريع التنمية والنهوض، ولا أن يوقف عزمها على أن تصبح مالكة مستقبلها ومصيرها، ومن هنا نعتبر أن هناك مصالح مشتركة بين الصين والدول العربية، وهذا ما يتطلب ذلك لعب دور أكبر في السلام والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والعالمي، والعمل على تعزيز التنمية المشتركة وتعزيز مكانة المبادرات الصينية الثلاثة، والاستمرار في تعميق ودعم بناء مجتمع مصير مشترك صيني عربي وتقديم إسهامات جديدة في تنمية البشرية وتقدمها.