دبلوماسيون ومسؤولون: اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية “الخيار النووي” الفلسطيني

2014/08/09
Updated 2014/08/09 at 10:17 صباحًا

فهرس


لاهاي – القدس المحتلة/ زادت احتمالات فتح تحقيق في ارتكاب قوات الاحتلال جرائم حرب في قطاع غزة – وهو أمر لم يكن يخطر ببال حتى الآونة الأخيرة- بعد أن قال الفلسطينيون هذا الأسبوع انهم يريدون الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي رفضت قبل عامين التحقيق في قضايا ضد جيش الاحتلال في حرب 2008 – 2009 متعللة بالوضع القانوني المبهم للسلطة الوطنية.
لكن الأوضاع تغيرت كثيرا منذ ذلك الحين.
وانتشرت افادات جديدة عن ارتكاب جرائم حرب في الأسابيع الأخيرة بسبب العدوان على غزة حيث ردت إسرائيل على الهجمات الصاروخية بغارات جوية وغزو بري. وقال الفلسطينيون هذا الأسبوع بشكل غير متوقع انه يفصلهم إجراء واحد فقط عن الالتحاق بعضوية المحكمة الجنائية الدولية.
ووضع حجر الأساس القانوني لهذا التحرك في تشرين الثاني عندما وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 عضوا بأغلبية ساحقة على الاعتراف بدولة فلسطين بتغيير وضع السلطة الوطنية من “كيان” مراقب إلى “دولة غير عضو“.
وإذا وقع الفلسطينيون على المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية المعروفة باسم معاهدة روما تصبح المحكمة مختصة بالنظر في الجرائم التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينية.
ويمكن حينها فتح تحقيق للمحكمة الجنائية بتفويض فلسطيني للنظر في أحداث تعود الى أول تموز 2002 وهو تاريخ بدء عمل المحكمة بتفويض لمحاكمة أشخاص بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية.
وقال جون دوجارد أستاذ القانون الدولي وهو مقرر سابق للامم المتحدة للأراضي الفلسطينية “إذا قدمت فلسطين طلبا ستقبل في المحكمة الجنائية الدولية“.
وأضاف “الأمم المتحدة تكلمت واعترفت بدولة فلسطين والأمر يرجع الآن إلى المحكمة الجنائية الدولية لقبول فلسطين.. لا أرى سببا للرفض“.
وذكر أن الفلسطينيين قد يطلبون عندها من المدعين التحقيق ليس فقط في افادات عن جرائم ارتكبت في تموز وآب ولكن أيضا في شرعية المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة.
وقال دوجارد “المستوطنات جريمة مستمرة ومن الواضح تماما أن المستوطنات تشكل جريمة حرب بموجب معاهدة روما وهذا ما يثير قلق إسرائيل بشدة“.

الدفاع” الإسرائيلي
وصاحب توغل قوات الاحتلال في غزة في تموز اتهامات بارتكاب جرائم حرب. وفي ظل العدد المرتفع للغاية من الشهداء المدنيين وحجم الدمار في الجانب الفلسطيني فتحت الأمم المتحدة تحقيقا في انتهاكات لحقوق الانسان.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن القوة استخدمت بشكل متناسب لكن واشنطن الحليف الأوثق لإسرائيل وصفت قصف مدرسة تتبع الأمم المتحدة بأنه عار.
ودعت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين ساكي إلى فتح تحقيق في الهجمات على مدارس تتبع الأمم المتحدة في القطاع المكتظ بالسكان. وقالت “رغم أن لديهم (الاسرائيليين) الحق في الدفاع عن أنفسهم فان بإمكانهم فعل المزيد” لتفادي سقوط قتلى من المدنيين.
ويقول مسؤولون في غزة ان 1875 مواطنا معظمهم مدنيون استشهدوا بينما تقول إسرائيل إن 64 من جنودها وثلاثة مدنيين قتلوا.
وذكر مسؤولون إسرائيليون ان “الهجمات هي دفاع مبرر عن النفس” ضد هجمات النشطاء وأنه تم بذل كل الجهود لتفادي سقوط قتلى من المدنيين. وتزعم إسرائيل إن نحو 47 في المئة من الشهداء في غزة مقاتلون.
وقال مسؤول إسرائيلي – طلب عدم نشر اسمه لأن الاستراتيجية الدفاعية تندرج تحت بند السرية- إن الحكومة الإسرائيلية تخطط لوضع دفاع بشأن عمليتها في غزة وانه من الممكن توجيه اتهامات مضادة قد تشمل الرئيس محمود عباس إذا فتحت المحكمة الجنائية الدولية قضية، حسب قوله.
وقال المسؤول “نتحدث عن إرهاب يشمل مسؤولين وأفراد أمن وغيرهم من إدارته ومن مناطق تحت سيطرته” حسب قوله.
وأضاف أن “إسرائيل حرصت بشدة على الالتزام بقوانين الحرب وتجري تحقيقات داخلية لضمان أن يلتزم أفراد الجيش بقواعد السلوك والأخلاق“.
ووفقا لتقديرات فلسطينية فقد دمرت قوات الاحتلال أو ألحقت أضرارا بنحو ثلاثة آلاف منزل في غزة. ولا ينفي الإسرائيليون مسألة مهاجمة المنازل لكن خبراء قانونيين إسرائيليين يقولون ان المنازل حددت مسبقا كأهداف عسكرية مشروعة.
ويعتقد ريتشارد كيمب وهو كولونيل متقاعد بالجيش البريطاني سبق وان قاد قوات في أفغانستان والعراق ويدرس تعاليم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن “العمليات نفذت في إطار القانون” حسب قوله. وقال “هذا لا يعني أنه في غمرة اللحظة ينتفي احتمال أن يتصرف جندي أو قائد بشكل فردي خارج إطار قوانين الحرب“.

الفلسطينيون قد يواجهون أيضا اتهامات
والمحكمة الجنائية الدولية التي تضم في عضويتها 122 دولة هي الحل الأخير بمعنى أنها تتدخل فقط عندما تكون الدولة غير قادرة أو غير راغبة في التحقيق في مزاعم بارتكاب جرائم. ولم تنضم الولايات المتحدة والصين وروسيا للمحكمة.
وإلى جانب الاتهامات بالتباطؤ يواجه المحققون أيضا انتقادات من محللين بتوجيه اتهامات للأفارقة فحسب بينما تفلت التجاوزات في صراعات في مناطق حساسة سياسيا بالشرق الأوسط مثل العراق وسوريا ومصر من العقاب.
وتدافع المحكمة عن اجراءاتها.
وقال مكتب الادعاء في بيان لوكالة رويترز “اختيار المواقف والقضايا والأشخاص الذين يخضعون للتحقيق هو دائما قرار فردي من المدعين بناء على الإطار القانوني لمعاهدة روما والأدلة المجمعة. لذا فان الاعتبارات الجغرافية والسياسية لن تكون أبدا جزءا من عملية اتخاذ القرار“.
ووصف دبلوماسيون ومسؤولون خيار اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية بأنه “الخيار النووي” الفلسطيني لأنه أداة ضغط رئيسية يملكها الفلسطينيون في المفاوضات. لكنه قد يعرض الفلسطينيين أنفسهم لاحتمال الملاحقة القضائية.
وقال وزير الخارجية د.رياض المالكي الثلاثاء الماضي بعد الاجتماع مع المدعين لمناقشة مسألة الانضمام للمحكمة إن المعارك المستمرة لقرابة شهر في غزة “لم تترك لنا خيارا” إلا السعي لرفع قضية ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وقال إن فتح تحقيق من المحكمة الجنائية الدولية أصبح أمرا ضروريا في غياب نظام محاسبة حقيقي بسبب ثقافة الإفلات من العقوبة التي تتمتع بها إسرائيل والتي ترجع إلى تقاعس المجتمع الدولي عن التحرك.
وأضاف أن الفلسطينيين لا يواجهون صعوبات في بناء قضيتهم أو عرضها لأن إسرائيل تنتهك القانون الدولي بشكل واضح.
وتنقسم الفصائل الفلسطينية بشأن الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية ويقول محللون إن من غير المرجح أن توافق حركة حماس على الانضمام للمعاهدة إذا كان هناك احتمال أن يتعرض قادتها للملاحقة.
وقال حسن العوري المستشار القانوني للرئيس عباس لراديو صوت فلسطين الأربعاء الماضي إن حماس والجهاد الإسلامي رفضتا فكرة الحصول على عضوية المحكمة.
وأضاف: “رفض الاخوة في حماس والجهاد، ونحن نحاول اقناعهم بضرورة التوجه الى هذه المحكمة، كل فصائل منظمة التحرير موافقة على الانضمام الى المحكمة. بالنهاية الرئيس هو المسؤول والقيادة ستدرس الأمر وستتخذ قرارها بالنهاية“.
وحتى لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق مسؤولين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية فانه من غير الواضح كيف يمكن محاكمتهم. فالمحكمة ليس لها جهاز شرطة وتعتمد على تعاون الدول الأعضاء لنقل المشتبه بهم إلى لاهاي.

الحياة الجديدة

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً