القاهرة /قال الباحث في دائرة الشؤون الروسية بجامعة تل أبيب والسفير الإسرائيلي السابق في موسكو تسفي ماغين أنّ سلوك روسيا في العالم تحركه التحديات الجغرافيّة السياسيّة الذي يوجهها لها الإسلام السياسي من جهة، والغرب المنافس من جهةٍ أخرى.
واعتبر ماغين أنّ “ذلك (الاسلام السياسي والغرب المنافس) يساعد في فهم أهداف سياسات روسيا حاليا في الساحة الدوليّة بعامة، وفي الشرق الأوسط بخاصة”.
وقال ماغين: الروس بدأوا يستوعبون أنّ هناك تهديداً إسلاميّاً وجوديّاً، فالتحدي الإسلامي بدأ في الحروب مع الشيشان وقمعته، لكنه انتشر في شمالي القوقاز، حيث تسكنه تجمعات إسلاميّة، بل تسلل لأعماق روسيا، وتمارسه محافل إسلاميّة محلية ومستوردة من دول الشرق الأوسط تواصل نيل الزخم لدرجة أن تقيم في المنطقة بأسرها خلافة إسلاميّة.
واوضح أنّ “ما يقلق الروس هو تعاظم الميول الإسلاميّة في محافظات على طول نهر الفولغا، ما من شأنه أن يصل لتفكيكها الجغرافي، وهذه تحت تأثير المعركة الإسلامية العالمية، التي ترى في روسيا هدفا بحد ذاتها”.
ولفت إلى أنّ الروس يعترفون بأنّ مصدر التهديد الإسلامي عليهم هو الشرق الأوسط، الذي يخلق اليوم معركة متداخلة مع محافل الإسلام في روسيا، وبالنسبة لهم، فإن تعاظم القوى الإسلامية في الشرق الأوسط سيؤدي بالضرورة لاحتدام هذا الميل فيها أيضاً، وهذا في واقع الأمر أحد الأسباب لدعمهم الأنظمة العلمانيّة في الشرق الأوسط، وعلى رأسها نظام الأسد.
اما بشأن أوكرانيا، فاوضح ماغين أنّ الدافع الروسي لمعارضتها الانفصال عن نفوذها، وعمليّاً سيطرتها على أوكرانيا، يعود لاهتمام روسيا الصرف بإعادة بناء مكانتها كقوة عظمى عالميّة، الأمر الذي ليس ممكناً، حسب فهمها، دون انخراط أوكرانيا في المنظومة الجغرافية السياسية التي تنسج الآن في روسيا، وفي نفس الوقت ولأسباب تتعلق بمنع هذه النيّة الروسيّة، يعمل الغرب على فصل أوكرانيا وبقدر الإمكان باقي دول الاتحاد السوفييتي سابقاً عن منطقة النفوذ الروسي.
وعن الأزمة السورية والنفوذ الروسي فيها، فسيكون لنتائج مؤتمر “جنيف-2” آثار على مستقبل روسيا في الشرق الأوسط، لأنّ روسيا احد عرابي المؤتمر، ومعنية بتحقيق تسويّة تسمح لها بأن تبقى عاملاً مؤثراً فيها، وفي الشرق الأوسط، وفق الدراسة.
وبحسب ماغين، فان هناك قواسم مشتركة بين روسيا والولايات المتحدة في مؤتمر “جنيف-2″، ففضلاً عن كونهما مبادرتين ومنظمتين له، فإن لكليهما تخوفا من انتصار الإسلاميين، ومصلحة في صدهم، ويوجد في جملة الاعتبارات آنفة الذكر ما يدفع القوى العظمى للتعاون إلى بلورة صيغة حل وسط بين الطرفين المتنازعين في سوريا.
وأكّد ماغلين أنّ لروسيا – كإحدى الدول المتضررة المحتملة لتعاظم الإسلام السياسي – مصلحة واضحة بالبقاء في الشرق الأوسط، والعمل فيه على احتواء هذا التهديد، وبات واضحا للروس أنّ هذه مواجهة دينية، بوسعها أن تؤدي لعملية نشوء واقع جغرافي سياسي جديد في المنطقة.
القدس دوت كوم