الناصرة /أوفد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مستشار الأمن القومي يعقوب عميدرور إلى العاصمة الروسية موسكو لبحث قضية الأسلحة الكيماوية السورية مع عدد من المسؤولين في الحكومة الروسية.
وذكرت صحيفة ‘معاريف’ أن عميدرور سيلتقي خلال زيارته موسكو بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومستشار الأمن القومي نيكولاي بيتروشف، لبحث سبل منع تسرب الأسلحة الكيماوية السورية إلى منظمات وصفتها الصحيفة بالإرهابية.
رأت دراسة جديدة صادرة عن المركز الأورشلمي في القدس الغربية أنه في نهاية المطاف تقوم السياسة الروسية بتفضيل سورية على إسرائيل، لافتةً إلى أنه ليس غباءً سياسيا أن تدعم روسيا الأنظمة على الشعوب لأن الواضح الذي فهمته موسكو هو أن الإسلاميين هم الذين سيحكمون الدول العربية في المستقبل المنظور، وهذا ما سينشط الحركات الإسلامية في روسيا للثورة هناك ما يجعل روسيا في موقف محرج إذا وافقت على الثورة في الدول العربية، في حين تبقى خسارة إسرائيل مؤقتة لأن روسيا أصبحت بمواقفها الأخيرة العدو الأكبر للعرب مع العدو الآخر التقليدي للعرب و الدائم إسرائيل، فروسيا تعرف أنه سيأتي اليوم الذي يبحث الطرفان الروسي وإسرائيل على إستراتيجيات متعاونة لمنع المد الإسلامي المعادي لهما في المنطقة، وبذلك سيبحث الطرفان الروسي والإسرائيلي على إعادة العلاقات بينهما إلى سابق عهدها وأكثر، خاصة بعد اختفاء سورية الأسد من الخارطة وانكسار إيران و تحولها إلى المد السني.
وتابعت الدراسة قائلةً أما روسيا وإسرائيل فسيكون همهما البحث عن شريك خارج هذه المعمعة السنية في الشرق الأوسط و لن يكون هناك أحسن للطرفين من إعادة العلاقات القوية بينهما، خاصًة وأن أهم مصادر التخوف الروسي مما يحدث في المنطقة العربية من التغيير هو صعود الأحزاب الإسلامية إلى السلطة في أماكن التغيير المسمى (الربيع العربي).
وأشارت الدراسة إلى أنه في روسيا توجد أقلية مسلمة كبرى وعندها مشكلة الشيشان، وهي لا تريد امتداد سلطة الإسلاميين إلى عقر دارها، وبالتالي اختارت روسيا دعم نظام الأسد في سورية، رغم أنها تعرف أنه نظام زائل عاجلاً أم أجلاً، ذلك أن الإستراتيجية الروسية على علم بأنها خاسرة بدعمها الأسد، ولكن اكبر مكسب أرادت تحقيقه هو عودة ظهورها الدولي وإسماع صوتها للغرب وجعلهم يجلسون معها في طاولة واحدة ويناقشون أفكارها، هذا الدور الذي فقدته روسيا منذ زمن بعيد وبدعمها سورية عادت روسيا لتستعرض قوتها، وهذا ما جعلها تبتعد عن الدولة العبرية، ولو مؤقتًا، لأنها تريد دورًا إستراتيجيا عسكريا يليق بقيمتها في السياسة الدولية وليس مجرد دولة تابعة لإسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك، فعلى الرغم من أن روسيا تعلم أنها ستخسر المعركة لان النظام في سورية سيتغير عاجلاً أم أجلاً، وستخسر أيضا الشعوب العربية والحكومات العربية الجديدة، فهي تعلم أن أهدافها الإستراتيجية المقبلة ورؤيتها في الشرق الأوسط ستتوازى مع إسرائيل التي بدون شك لن يعجبها التعامل مع دول إسلامية في حال صعود الإسلاميين في سورية مع مصر وقد تلتحق الأردن ولبنان بهما، وستشعر تل أبيب بعزلتها في بقعتها الجغرافية، لذلك ستكون إسرائيل الهدف للتعاون الاستراتيجي المقبل لروسيا بوتين لأن موسكو ستتمتع مع إسرائيل، التي تتمتع بكره تاريخي من العرب، بكره وحقد عربي شعبي وحكومي ما سيجعل هذه المرة روسيا من تبحث عن إسرائيل وليس العكس وستساعدها اقتصاديا وعسكريا وستتنصل من العرب الحاقدين عليها وهذا احد أسباب تشجيع روسيا ما يحصل في سورية حاليا من تدمير للبنية التحتية ونشوب حرب أهلية و تطويل عمر النظام، فهذا هدف روسيا حاليًا وهو تدمير سورية عدو المستقبل بعد زوال نظام الأسد، وتريد بذلك تحويل سورية إلى دولة منعزلة و ضعيفة تحتاج لسنوات ضوئية لبنائها من جديد ليصبح شعبها يترحم على أيام روسيا والأسد، علاوة على ذلك رأت الدراسة الإسرائيلية أنه بتدمير سورية ستتحطم أوتوماتيكيًا لبنان وبذلك تكون روسيا قضت على أعدائها المستقبليين الذين يتوعدونها اليوم وستحسن علاقتها مع إسرائيل التي ستصبح قلعة تحمي مصالح الروس من أيادي الإسلاميين في الشرق الأوسط، خاصة أن إسرائيل في ذلك الحين ستبحث عن دعم دولي اكبر لمواجهة موجة إسلامية في المنطقة فستكون روسيا ومعها حلفائها في شرق أسيا، الصين والهند، أحجار الأمان لإسرائيل.
وتطرقت الدراسة أيضا إلى واشنطن حيث قالت أن أمريكا لن تنزعج من الدعم الروسي لإسرائيل لأن أهم اهتمامات أمريكا في إسرائيل هو مكانتها الجغرافية التي تسمح لأمريكا بتثبيت أقدامها ومعاينة عن قرب للسيطرة على ما يحدث في الشرق الأوسط، إما تجاريا واقتصاديا وحتى عسكريا، فالدولة العبرية لم تعد سوقًا مربحا كثيرا للأمريكيين، وفي نفس الوقت أصبحت إسرائيل بعيون خبرائها ومراكز أبحاثها تُشير إلى تراجع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط.
من ناحيته قال الجنرال (احتياط) داني روتشيلد، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق رأى في دراسة قام بإعدادها في المركز الأورشليمي إن تحول الشرق الأوسط إلى معقل للإسلام السياسي الراديكالي، المرتكز على دعم جماهيري متين، وضع حدًا لتوقعات تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية وإنشاء علاقات إستراتيجية مع دول مركزية في المنطقة، وتابع أنه لا يمكن التهرب من الانطباع بأن الولايات المتحدة ترى في إسرائيل بخطواتها المستقبلية خطرا استراتيجيا أكثر مما تراها حليفًا استراتيجيا، وخلص إلى القول إن الصورة التي أعطيت لحكومة إسرائيل الحالية في أوروبا وفي الولايات المتحدة بالغة القسوة والانتقادات ضدها في العالم ليست نزيهة دائمًا، لكن من ناحية إسرائيل، هذا إخفاق دبلوماسي مدوٍ، لجهة أن نُطرد من المدينة وأن نأكل السمك النتن، على حد وصفه.
‘القدس العربي’ – زهير أندراوس.