تعقد منظمة العمل الدولية مؤتمرها الدوري في اوائل حزيران من كل عام لمدة اربعة عشر يوما ، ويشارك في هذا المؤتمر كافة الدول الاعضاء في الامم المتحدة وبمشاركة اطراف الانتاج الثلاث في العالم – حكومات – عمال – اصحاب العمل .
هذه المنظمة هي اكبر مؤسسة من مؤسسات من مؤسسات الامم المتحدة وهي معنية بحقوق وحريات العمال والعمل المشترك ومحاربة البطالة والفقر والتشغيل والتدريب المهني .. الخ .
نعم ان الاهداف محترمة ونبيلة ، لكن بكل اسف القوى المتنفذة في هذه المنظمة معادية لمبادئ وأهداف العمل والشعوب التي تناضل من اجل حريتها واستقلالها ، وعلى سبيل المثال موقفها من كفاح الشعب الفلسطيني الذي يناضل دفاعا عن حقه في تقرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .
في مؤتمرات هذه المنظمة كانت المجموعة العربية تقدم مشاريع ادانة لممارسات الاحتلال الاسرائيلي ، وهنا يظهر الخصوم في اعتراضهم على مشروع القرار الذي لم ينجح يوما في تمريره بسبب معارضة القوى المتنفذة في هذه المنظمة ، مما دفع اللوبي الصهيوني الى اتخاذ قرار بإلغاء لجنة القرارات .
والسؤال هنا ، ما هي هوية هذه المنظمة التي تلغي لجنة القرارات من لجانها حتى لا تناقش القضية الفلسطينية .
القضية الاخرى ، استطاعت المجموعة العربية مع اصدقاء العرب في العالم من اقناع المدير العام لمنظمة العمل الدولية من اجل تشكيل لجنة دولية تقوم بزيارة الى فلسطين والجولان وجنوب لبنان سنويا لإعداد تقرير عن الاحتلال الاسرائيلي ، هذه اللجنة سنويا تقوم بجولات ميدانية وتشاهد بأم عينها ، الاستيطان وقطعان المستوطنين ومصادرة الاراضي والحواجز وهدم البيوت وقهر وإذلال عمال فلسطين ، والاعتقالات ومطاردة العمال وقتلهم والتمييز العنصري وممارساته ضد العمال سواء بالأجور او ساعات العمل الطويلة ويقدم التقرير بعد العودة الى جنيف من قبل لجنة الصياغة وينحاز لصالح اسرائيل واحتلالها لفلسطين ، ونسجل عليه بعض الملاحظات ، حيث يذكرون في التقرير كلمة ( السكان ) وليس كلمة ( الشعب ) ، ويقولون بالتقرير بان العنف الاسرائيلي سببه ( الارهاب الفلسطيني ) ولم يلتزم بالشفافية والحياد ، وان بناء المستوطنات على الاراضي الفلسطينية له اثار سلبية !! فقط اثار سلبية ، يعارضون ( البؤر الاستيطانية ) وليس ( الاستيطان والمستوطنات ) ، وهنالك ايضا تطور الموقف الى القول بأن وضع العمال في الاراضي الفلسطينية المحتلة يثير قلقنا ، وقال المدير العام خوان سومافيا في التقرير ان الوضع يشوبه تصلب سياسي وعدم قدرة على مساعدة الاطراف وشكوك حول المصالحة الفلسطينية ، ويقول المدير العام بأن البطالة في فلسطين تصل الى 5% وهذا رقم غير صحيح حيث يصل معدل البطالة في فلسطين قرابة 35% وتصل نسبة الفقر الى 50% .
يحالون تجميل وجه الاحتلال الاسرائيلي بادعائهم انه يقف وراء تحسين الوضع الاقتصادي للشعب الفلسطيني ، كما انهم يتكلمون احيانا بصيغ غير واضحة لا لون ولا طعم ولا رائحة لها .
منذ خمس سنوات وافقت المنظمة على انشاء صندوق للتشغيل والمساهمة فيه لدعم عمال فلسطين ، وهنا نتساءل ماذا حدث لهذا الصندوق وماذا قدمت منظمة العمل الدولية لتمويل هذا الصندوق ، فهي لم تقدم شيئا يستحق الذكر.
اللجنة او البعثة التي يرسلها المدير العام منذ عام 1991 ، ماذا قدمت للشعب او لعمال فلسطين سوى انها تسجل مهماتها ومصاريفها على بند مساعدات لعمال فلسطين ، وتساوي بين الضحية والجلاد وتضع المعتدي والمعتدى عليه في سلة واحدة ، فهذه لجنة منحازة لإسرائيل ومعادية لفلسطين ، وبكل اسف لم يصدر عن المنظمة كلمة واحدة ضد الاحتلال او ضد ممارساته العنصرية الارهابية ولم تطالب يوما بإطلاق اسير فلسطيني رجلا كان او امرأة او طفلا او عاملا ، وان 50% من المعتقلين هم عمال وأبناء العمال ، والى اليوم لم تعترف المنظمة بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس .
لقد حضرت وفود متعددة من منظمة العمل الدولية الى فلسطين ، وشاركت مع الاتحاد الدولي للنقابات ( ITUC ) وزارات بعض المؤسسات الرسمية والمدنية والعمالية ، واستمعت الى معاناة العمال والشعب من تدابير وإجراءات الاحتلال ، واطلعت هذه الوفود على الممارسات الاستيطانية الاسرائيلية وعلى مصادرة الاراضي وعلى بناء الجدار وعلى تهويد القدس وعلى الحواجز الاحتلالية ومطاردة العمال والاستمرار في الاعتقالات والاغتيالات .
كما اطلعت هذه الوفود المرسلة من قبل منظمة العمل الدولية على معاناة الاسرى والجرحى واسر الشهداء ، في غزة وفي الضفة وأشكال تخريب الاقتصاد الفلسطيني ، ولم تحمل برنامجا واحدا من هذه البرامج ولا ساندت قطاعا من هذه القطاعات الفلسطينية ، لأنها منظمة منحازة للاحتلال ومدارة من قبل الاتحاد الحر ولا تستطيع ان تأخذ موقفا موضوعيا ومنصفا للشعب الفلسطيني ، كما منظمات اليونسكو والصحة العالمية واليونيسيف والعدل العليا .. الخ
كما انها لا تحمل هموم ومصالح عمال فلسطين ، كما يحملها الاتحاد العالمي للنقابات وأمانته العامة وقيادته وأمينه العام الرفيق جورج ما فريكوس الذي يحمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن قضايا الاسيرات والأسرى الاطفال ونجح في تحريض الرأي العام على اسرائيل وإدانتها .
ارجو من الاشقاء العرب ، حكومات – أصحاب عمل – عمال ان يهتموا بمنظمتهم ( منظمة العمل العربية ) التي تميزت بدورها القومي العربي ودافعت عن حقوق عمال وشعب فلسطين ضد العدوان الاسرائيلي ، وحافظت على اهدافها النبيلة وفي مقدمتها العمل العربي المشترك رغم امكانياتها الشحيحة – مثلا منظمة العمل الدولية – تفوق ميزانيتها ما يزيد 800 مليون دولار نصفها رواتب ومهمات سفر ،وأما ميزانية المكتب الاقليمي لمنظمة العمل الدولية في بيروت فتقدر بـ 17مليون دولار سنويا ، والسؤال هنا ، كيف تصرف هذه الاموال ، وهل وزراء العمل العرب يعرفون شيئا عن هذا الموضوع .. الخ ، بينما ميزانية منظمة العمل العربية تساوي 3 مليون دولار مع ان بعض الحكومات العربية لم تلتزم بتسديد اشتراكاتها في الوقت الذي تسدد الاشتراكات لمنظمة العمل الدولية التي لا تحترم الوفود العربية والمواقف العربية التي تسدد الاشتراكات سنويا .
الامين العام للاتحاد العام لعمال فلسطين