يبدو أن أصوات المدافع وإطلاق النار سوف تتوقف في غزة مع تسارع وتيرة الاتصالات السياسية والدبلوماسية للاتفاق علي صيغة للتهدئة أو هدنة بين اسرائيل وحماس في ظل الوساطة المصرية التي تأتي بطلب أمريكي وضغط دولي .
لكن عدداً من المحللين أكدوا أن حرب غزة الثانية كانت مجرد تمهيد لتغيير خريطة المنطقة مؤكدين أن ما حدث في غزة يتجاوز فكرة الانتقام من صواريخ أطلقت نحو الحدود وطال بعضها العمق الاسرائيلي ليصل الي تسوية يتم الاعداد لها لتطرح أسس مختلفة لمفاهيم الصراع العربي الإسرائيلي، “إضاءة” حاولت من قراءة مستقبل المنطقة بعد وقف اطلاق النار في غزة.
من جانبه يرى د.أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأمين عام جبهة النضال الشعبى الفلسطينى أن الحرب على غزة ساعدت على توحيد جميع الفصائل الفلسطينية وخاصة حركتي فتح وحماس مما يمهد الطريق لانجاز المصالحة الوطنية والبدء فى تطبيق ما تم الاتفاق عليه فى كل من القاهرة والدوحة ، وهذا يتطلب جهد كبير من قبل الجميع وإجراء اتصالات مكثفة لاجتماع سريع للقيادة الفلسطينية .
وأكد أن المصالحة فرصة لتوحيد الشعب الفلسطينى والإطار السياسي لمواجهة الاحتلال سواء فى شكله الدموي فى قطاع غزة أو مواجهة الاستيطان وتهويد القدس.
وأوضح مجدلاني أن إسرائيل لديها جملة من الاهداف من حرب غزه أولها يتعلق بالأمن الاسرائيلى والتهديدات الفلسطينية عن طريق الصواريخ التى تمس العمق الاسرائيلى وبالتالى تحاول إسرائيل تحطيم البنية العسكرية مؤكداً أن الحملة الانتخابية لنتنياهو بدأت مع ضرب غزة.
وأضاف أن أهم أهداف الحرب هي إحباط مساعى القضية الفلسطينية للتقدم للحصول على عضوية الامم المتحدة خاصة وأن إسرائيل تعلم أن ذلك يحدث إرباك للمسار الدبلوماسي للقضية الفلسطينية .
وأشار مجدلاني إلي أن الحرب الاسرائيلية على غزه أدت لتهميش العديد من القضايا الهامة بالمنطقة مثل الوضع السورى وتسليط الضوء على الاوضاع فى فلسطين مشيراً إلى أن الحرب لن تستمر لفترة طويلة وستنتهى فى أقرب وقت وخاصة فى ظل الجهود المبذولة من المجتمع الدولى والعربي مؤكداً أن الوضع الاقليمى بالمنطقة لن يتأثر بالحرب.
بينما أكد د. بركات الفرا سفير فلسطين لدى جامعة الدول العربية السابق أن الحرب أثبتت أنه لا بديل عن الوحدة الوطنية الفلسطينية وظهر ذلك فى إعلان أبو مازن أن المصالحة ستتم، لان الصاروخ الذي يضرب الشعب الفلسطينى لا يفرق بين فتحاوي وحمساوي بل يستهدف كل أبناء الشعب الفلسطيني.
وتوقع الفرا انتهاء الحرب قريباً لان إسرائيل لا تتحمل أكثر من ذلك ولو استمرت الحرب ستثبت فشلها وخاصة فى ظل استهداف المقاومة لعمقها الاستراتيجي واستخدام الصواريخ التى وصلت لقلب إسرائيل مما زاد قلقها وجعلها تهدف إلى تحطيم البنية العسكرية الفلسطينية ولكنها أيقنت أن الوضع اليوم ليس كالأمس وبالتالى ستعيد حساباتها.
وأضاف أن هناك العديد من القضايا الهامة فى المنطقة تأثرت بالحرب أهمها الاحداث فى سوريا والتى باتت لا تلقى اهتمام وذلك لتوجه الانظار إلى غزة مؤكداً أن التأثيرات الاقليمية الناتجة عن غزة ستكون طفيفة جداً وخاصة فى ظل تحقيق الهدنة سريعاً.
فيما استبعد د. سمير غطاس الباحث فى الشأن الفلسطينى فكرة اندلاع حرب شاملة في المنطقة مؤكداً أن صواريخ حماس والعدوان الاسرائيلي مهد لحل إقليمي للصراع يتم تسوية شكله النهائي بجهود مصرية ورعاية أمريكية حيث سيتم الاعلان عن تخلي اسرائيل عن احتلالها لغزة وعودة القطاع للإدارة المصرية كما كان قبل عدوان 1967.
وأوضح أن هناك مخطط عودة الارتباط بين الأردن والضفة الغربية وبذلك يتم الفصل النهائي بين الضفة والقطاع ويذوب الفلسطينيين في الأردن وترتبط غزة بسيناء ويعطي للغزاويين حق التنقل والإقامة والحياة في سيناء وبذلك تختفي فكرة الدولة الفلسطينية.
ويري غطاس أن سيناء هي المستهدفة في هذا المشروع فجزء منها مع غزة يمكن ان تصبح بديلا للدولة الفلسطينية والملاحظ أن قمة القاهرة التي عقدت بين مصر وقطر وحماس تم استبعاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس منها مما يشير إلى استبعاد عباس عن المشهد مؤكداً أن الشكل النهائي لخريطة المنطقة ينتظر حسم معركة دمشق وسقوط النظام السوري.
إضاءة : روزا النديم