رام الله / أعلن مسؤول فلسطيني اليوم (الأربعاء)، عن إقرار خطة شاملة تستهدف إنعاش الاقتصاد الفلسطيني يتم تنفيذها على مرحلتين بدعم أمريكي ودولي.
وقال محمد مصطفى نائب رئيس الوزراء الفلسطيني في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، إن الخطة المذكورة حظيت بدعم من الدول المانحة لتنفيذها على المستويين القصير وطويل المدى.
وذكر مصطفى المكلف بالشؤون الاقتصادية للحكومة الفلسطينية ، أن الخطة ستستهدف بشكل رئيسي تحقيق تنمية شاملة للاقتصاد الفلسطيني بالتوازي مع التقدم في المسار السياسي مع إسرائيل.
وأوضح أنها تستهدف تقليل العجز السنوي في الموازنة المالية للسلطة الفلسطينية بغض النظر عن الدعم الخارجي من جهة ، والحد من النسب القياسية للبطالة والفقر في المجتمع الفلسطيني من جهة أخرى.
وحظي الاقتصاد الفلسطيني باجتماعات مهمة لممثلي الدول المانحة خلال الأسابيع الأخيرة، كان آخرها اجتماع عقد في واشنطن لبحث إقرار الشروع في خطط إنعاشه والحد من مستويات تدهوره.
وبهذا الصدد قال مصطفى، إنه تم إقرار برنامج تنموي شامل يقوم على مرحلتين، الأولى تتضمن مشاريع صغيرة للبنية التحتية والزراعة والخدمات العامة لتوفير فرص عمل وإنعاش عمل شركات القطاع الخاص.
وبين مصطفى أنه تم التوافق على المرحلة الأولى بقيمة 100 إلى 150 مليون دولار ، تبرعت الولايات المتحدة الأمريكية بمبلغ 21 مليون دولار منها، فيما التزمت كندا بمبلغ 5 ملايين دولار، ويتم حاليا العمل على استكمال باقي المبلغ المذكور.
وأشار إلى أنه تم تشكيل لجنة وزارية فلسطينية للشروع في تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة الاقتصادية في أسرع وقت، لتحقيق فائدة فورية لمجالس البلديات المحلية خصوصا في مناطق (ج) من الضفة الغربية وشرق مدينة القدس.
وسيتم الشروع في المرحلة الأولى من الخطة ، بحسب مصطفى، خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، حيث تم تشكيل لجان فنية خاصة بذلك والتحضير لبرنامج عمل يتضمن 350 مشروعا، على أن يتم تنفيذها خلال 6 إلى 9 أشهر لإحداث نقلة سريعة للاقتصاد الفلسطيني.
ويواجه الاقتصاد الفلسطيني تراجعا مطردا في نسب النمو محققا نسبة لم تتجاوز 4.5 % حتى منتصف العام الجاري ، مقارنة مع معدل وصل إلى 9 % قبل ثلاثة أعوام.
وأعلنت اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط مطلع الشهر الجاري، أن الخطة الاقتصادية الدولية الرامية إلى دعم الاقتصاد الفلسطيني باتت في طور التشاور النهائي.
وجرى نقاش الخطة بشكل مفصل خلال اجتماع الدول المانحة للفلسطينيين الذي عقد في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الماضي.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أول من روج للخطة الاقتصادية بهدف إنعاش الاقتصاد الفلسطيني من خلال سلسلة مشاريع استثمارية أعلن أن قيمتها سوف تصل إلى 4 مليارات دولار.
وقال مصطفى، إن الخطط المقترحة من قبل كيري ستكون ركيزة أساسية في المرحلة الثانية التي تمثل البعد الإستراتيجي طويل المدى من الخطة الاقتصادية لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني.
وأضاف أنه ستضاف إلى خطة كيري مبادرات وبرامج عمل أعدتها الحكومة الفلسطينية، وأخرى أعدها كل من صندوق الاستثمار والقطاع الخاص الفلسطيني وجهات دولية مانحة.
وبين مصطفى، أن جهودا فلسطينية مكثفة بذلت خلال الأسابيع الأخيرة لبلورة الخطة الأمريكية وإخراجها لحيز التنفيذ وتحويلها من رؤية وخطط إلى واقع قابل للتنفيذ في أسرع وقت ممكن.
ويقول مسؤولون فلسطينيون، إن تحقيق أي تنمية حقيقة لاقتصادهم المحلي مرتبط بشكل أساسي برفع القيود الإسرائيلية المفروضة على المعابر الفلسطينية وحرية الحركة والوصول إلى كافة مناطق الضفة الغربية.
وقال مصطفى، إن السلطة الفلسطينية طلبت من المجتمع الدولي توفير الدور الإسرائيلي المطلوب في إنجاح خطة دعم الاقتصاد الفلسطيني “عبر تهيئة الأوضاع على الأرض بطريقة تناسب جلب مشاريع الاستثمار الخارجي، وتوفير الضمانات والتسهيلات اللازمة لذلك”.
وأضاف بهذا الصدد “نريد تغييرا جديا في الفكر والسلوك الإسرائيلي وطريقة تقديمه للتسهيلات اللازمة للاقتصاد الفلسطيني من أجل تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي وتنفيذ مشاريع إستراتيجية من شأنها أن تساعد على النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل”.
في المقابل ، أكد مصطفى، أن الحكومة “ستقدم كل ما تستطيع من أجل تسهيل إنجاح الخطة الاقتصادية الدولية ودعم جهود القطاع الخاص الفلسطيني في تنفيذها من خلال خلق بيئة استثمارية مواتية وأجواء عمل مناسبة”.
وبحسب مصطفى ستشمل الخطة الاقتصادية الدولية ثمانية قطاعات رئيسية في الاقتصاد الفلسطيني تشمل الإنشاءات والإسكان والزراعة والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة والمياه والصناعات الخفيفة.
ورأي أن تنفيذها وفق الخطط المقترحة “ستزيد معدلات النمو القادرة على إحداث نقلة نوعية وملموسة للاقتصاد الفلسطيني، والحد من معدلات البطالة والفقر القياسية التي يعانيها”.
وأشار مصطفى، إلى أن أحد البرامج المهمة للحكومة هو برنامج تحسين الإيرادات الضريبية للسلطة الفلسطينية “ما سينعكس على المواطن وعلى فرص العمل، وتخفيف ديون القطاع الخاص ورفع معدلات النمو”.
وحول الدور الأمريكي في تنفيذ الخطة المذكورة أكد مصطفى، أن الإدارة الأمريكية “أبدت استعدادا كبيرا للقيام بدور إيجابي لإنجاح الخطة خصوصا فيما يتعلق بتقديم تسهيلات إسرائيلية جدية”.
في الوقت ذاته شدد مصطفى، على أن أي خطة اقتصادية لا يمكن أن تكون بديلا عن المسار السياسي، ولن تكون على حسابه “إذ لا يوجد اقتصاد أو أي مسار آخر يمكن أن يكون بديلا عن التمسك بالحقوق الفلسطينية ومسارها السياسي الثابت”.
ويأتي الترويج لخطة دعم الاقتصاد الفلسطيني بعد نحو ثلاثة أشهر من استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل بوساطة أمريكية بعد توقف استمر قرابة ثلاثة أعوام.
وتمكنت السلطة الفلسطينية منذ ذلك الوقت من تجاوز محنتها المالية، وصرف رواتب موظفيها بانتظام بعد أن واجهت مصاعب حادة في ذلك على مدار العامين الماضيين.
وبهذا الصدد قال مصطفى، إن انتظام تدفق المساعدات الخارجية إلى جانب تحويل إسرائيل المنتظم لأموال أموال الضرائب الفلسطينية المستحقة ساهم في انتظام صرف الرواتب والوفاء بالتزامات السلطة الفلسطينية.
وذكر أن السلطة الفلسطينية طلبت من الدول المانحة دعمها ماليا لتغطية العجز الحاصل في موازنتها حتى نهاية العام الجاري والمقدر بمبلغ 550 مليون دولار ، منه 300 مليون دولار عبارة عن التزامات سابقة لدول مانحة.
وقال مصطفى “تلقينا وعودا جدية بتوفير المبلغ المطلوب لتغطية العجز في الموازنة الفلسطينية، خصوصا في ضوء ما قدمناه بشأن مستويات تقدم الإصلاح الاقتصادي والشفافية في الأداء الحكومي”.
وأضاف “تلقينا كذلك تأكيدات من البنك الدولي باستمراره في تقديم المساعدات لخزينة السلطة الفلسطينية خلال الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد التي عقدت في واشنطن أخيرا”.
وترصد إحصائيات رسمية، أن السلطة الفلسطينية تلقت منذ تأسيسها في العام 1994 بموجب اتفاق أوسلو للسلام المرحلي مع إسرائيل، نحو 21 مليار دولار.
وتظهر الإحصائيات، أن 85 في المائة من مجموع الدعم الدولي للسلطة الفلسطينية تم استخدامه في تسديد الرواتب الشهرية لموظفيها البالغ عددهم 148 ألف موظف، من دون أن يساهم ذلك عمليا بإحداث تنمية حقيقية في الاقتصاد الفلسطيني.
وحدد صندوق النقد الدولي في تقرير حديث له ثلاثة عناصر أساسية لتحقيق نمو في الاقتصاد الفلسطيني تتمثل باستمرار السلطة الفلسطينية بعملية الإصلاح، ووفاء المانحين بالتزاماتهم، والحد من القيود الإسرائيلية بشكل واسع ومستدام.
لفت مصطفى، إلى أن الحكومة تركز حاليا على تفعيل عملية تحصيل الجباية الضريبية، والتنسيق مع الجانب الإسرائيلي لضمان تحصيل الحقوق الضريبية كاملة حسب ما تنص عليه الاتفاقيات، إضافة إلى العمل مع الدول المانحة لضمان تنفيذ التزاماتها واستمرار المساعدات في المواعيد المحددة.
وبهذا الصدد أكد مصطفى، أن الحكومة “تعمل بيد واحدة لأن المهام كبيرة والجهد المبذول كبير ويفوق طاقات الوزارات والحكومة، والمطلوب هو توحيد الجهود من كافة القطاعات الفلسطينية لمواجهة التدهور الاقتصادي والعجز المالي لدينا”.
وأقر مصطفى، بأن “سوء تفاهم” حدث عند تشكيل الحكومة برئاسة رامي الحمد الله في يونيو الماضي “لكن تم تجاوزه والجميع يعمل بجدية لإنجاح الجهد الوطني وتحقيق إنجازات للشعب الفلسطيني”.
وشكل الحمد الله الحكومة الفلسطينية الـ 16 بنفس تشكيلة الحكومة السابقة في 19 من الشهر الماضي بعد تجاوز خلافات أدت إلى استقالته في 23 يونيو الماضي بعد 17 يوما من تشكيله الحكومة الـ 15.
وتركزت الخلافات في حينه على اعتراض الحمد الله على الصلاحيات الممنوحة له خصوصا تعيين مصطفى، وزياد أبو عمرو نائبين له من قبل الرئيس محمود عباس.
(شينخوا)