لندن / نشرت صحيفة “ذي اندبندنت” البريطانية اليوم الجمعة تعليقاً كتبه احد كتابها البارزين ادريان هاملتون يقول فيه ان الصراع في غزة “يخدم مصلحة كل من اسرائيل و(حركة) حماس”. وهنا نص تعليقه: “هناك تفسير بسيط لقرار اسرائيل تصعيد الامور تجاه غزة. السبب هو أنها تستطيع القيام بذلك. فهي تمتلك التفوق العسكري. وهي تعلم ان عملها لن تكون له عواقب، على الأقل على الصعيد الدولي.
الرئيس اوباما تنحى جانبا، قائلا إنه يتفهم السبب في ما يقوم به الاسرائيليون لكنه يأمل أن تحاول تجنب الخسائر المدنية. وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أوضح الطرف الذي تقف بريطانيا بجانبه، مصرحا بأن “حماس تتحمل المسؤولية الكبرى عن الأزمة الراهنة”.
وحتى مصر، في الوقت الذي دانت فيه الغارات الجوية الاسرائيلية كانت حذرة في رد فعلها، بينما هناك عدد غير قليل من الفلسطينيين في الضفة الغربية يودون تماما لو تتكبد “حماس” هزيمة.
النتيجة الواقعية الوحيدة هي التي رأيناها أمس، عندما قتل ثلاثة اسرائيليين بعد وابل من 70 صاروخا انهمرت من غزة. ولكن في هذه الحالة أيضا يمكننا متابعة أهداف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. فكلما زاد تصعيد الصراع، كلما كان الرد الاسرائيلي أقوى وكلما شعرت اسرائيل بأنها دولة تتعرض للهجوم، في الوقت الذي يتوجه فيه نتنياهو للانتخابات خلال شهرين من الآن.
وهكذا يتواصل الصراع، كما تواصل منذ أن تخلت اسرائيل عن احتلالها لغزة عام 2005. وهكذا لن يكون هناك شك في أنه سيستمر لفترة طويلة كذلك.
وهو سيستمر، رغم كل الآلام الناجمة عنه، لأن مستوى منخفضاً من الأعمال العدائية (عدد القتلى في الجانب الاسرائيلي كان قليلا نسبيا في الجولة الأخيرة) يمكن تحمله بل إنه مفيد سياسيا للجانبين.
الحرب والسلام:
لو حل السلام، فإن التأييد لـ”حماس” ربما ينخفض بين الفلسطينيين التواقين لمستقبل أفضل. وفي حالة الحرب، فإن الفلسطينيين سيلتفون حول “حماس” باعتبارها المنظمة الوحيدة القادرة على الوقوف بوجه اسرائيل والتسبب في الإضرار بها.
ولكن السلام في هذه الحالة لا يمكن اعتباره في مصلحة اسرائيل كذلك. فقد تخلت عن احتلال غزة ليس لأنها أرادت دولة فلسطينية قابلة للحياة في فلسطين، ولكن لأنها عرفت أنها لا تستطيع احتلال شعب يمكن لأفراده أن يغرقوها بطريقة مباشرة. والسيطرة على الحدود وعرقلة النشاط التجاري واغتيال القادة هو شكل من اشكال الاحتلال بوسائل أخرى. ويساعد استمرار احتلال غزة في ضمان استمرار الانقسام بين السلطة الفلسطينية و”حماس” وتعمقه أكثر، وإبعاد أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، أكثر فأكثر.
وإطلاق الطائرات القاذفة للقنابل في مناخ الهجمات الصاروخية المتصاعدة على السكان هو رد فعل واضح من جانب أي حكومة تواجه انتخابات عامة. وهذا هو السبب في أن اسرائيل دُفعت للقيام بغزو فوري عام 2009. لكن لذلك فوائده لحكومة تواجه عزلة متزايدة وسط الربيع العربي، وانتخاب رئيس من الإخوان المسلمين لمصر، وتلقي “حماس” دعما وزيارة من أمير قطر.
نجاح وفشل:
ان اي تصعيد في القتال في هذه المرحلة، مهما يحقق لنتنياهو من الاصوات الاضافية، يقضي على اي ضغط لاجراء مفاوضات بشأن فلسطين. وقد يكون الرئيس اوباما متعاطفاً مع فكرة محادثات جديدة، ولكنه لن يتدخل عندما لا تكون هناك امكانية للنجاح.
ولكي تكون للسلام فرصة، يجب ان تكون اسرائيل راغبة فيه، وان تكون فلسطين متحدة بما يكفي للوفاء به. ولا توجد امكانية تستحق الذكر لحصول الامر الاول، بل انها اقل الآن. واما امكانية وجود فلسطين موحدة قادرة على التفاوض فهي اقل.
ان الامر الآخذ في التغير هو السياق الدولي. وعندما يتوجه الفلسطينيون الى الامم المتحدة في نهاية هذا الشهر ليطلبوا صفة مراقب، ستجد اسرائيل ان ليس لها سوى اصدقاء قلائل، وان من يؤيدونها بحماس منهم اقل. والاستمرار في دك غزة لن يساعدها في ذلك.