لندن / تقول صحيفة “ذي غارديان” البريطانية في تعليق افتتاحي اليوم الاثنين على الزيارة المقرر ان يقوم بها الرئيس الاميركي باراك اوباما الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية المحتلة بعد ايام قليلة ان “المجتمع الدولى متواطيء من خلال تقاعسه في هذا الوضع الخطير الذي لا يمكن التنبؤ به” السائد بين الفلسطينيين واسرائيل. وهنا نص التعليق:
“نادراً ما حضر رئيس للولايات المتحدة لزيارة اسرائيل وسط مثل هذه التوقعات المتدنيةلما يستطيع تحقيقه هناك. فبحلول وقت وصول باراك اوباما ستكون حكومة بنيامين نتنياهو قد ادت اليمين الدستورية، وهي عبارة عن ائتلاف مكون من كتلة “ليكود واسرائيل بيتنا”: اي “ييش عاتيد” الحزب الذي اسسه النجم التلفزيوني السابق يائير لبيد، و”البيت اليهودي”، وهو حزب مرتبط بحركة الاستيطان في الضفة الغربية يقوده نفتالي بينيت. وهذا الائتلاف مناسب بصورة فريدة للتعامل مع القضايا الداخلية، مثل الاعفاءات الممنوحة للمتدينين الارثوذكس من الخدمة العسكرية. ولكنها غير مناسبة البتة لانهاء احتلال الضفة الغربية.
ومن ناحية واشنطن، هناك نقاش بشأن ما اذا كان الرئيس اوباما، الذي اصيب بحرق شديد في ولايته الاولى نتيجة رفض نتنياهو وقف البناء الاستيطاني، يريد التدخل مرةً اخرى في هذا المستنقع. ذلك انه في نهاية الامر براغماتي في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وقد تعلم الا ينفق رأسمال سياسي في الداخل الا على امور يستطيع تغيير ها في الخارج. وستكون رقصة الحرب التي اداها الجمهوريون حول تسمية تشاك هيغل وزيراً للدفاع مجرد مذاق صغير لما سيأتي اذا ما تحدى الرئيس اوباما بصورة جدية الصيغة التي ارساها مستشاره السابق دنيس روس، الا وهي مجاراة اسرائيل في خطاها بدقة بشأن كل ما تعتبره مؤثراً في امنها.
على ان وجهة النظر المضادة هي ان اختيار كل من جون كيري وزيرا للخارجية واختيار هاغل يعتبر دليلا على انه يريد تحريك الامور. اما نقطة الضغط هذه المرة فانها قد تنشا عن القول علنا ان نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يتمكنا من الجلوس الى طاولة واحدة للاتفاق على صيغة مقبولة، وعندئذ فان الولايات المتحدة ستقوم بوضع صيغة من جانب واحد. وسيكون هذا هو الشكل الاقوى لما اصبح يعرف بـ”خطة كلينتون” التي وضعها بيل (وليس هيلاري). ولن تكون الصيغة مختلفة الى حد كبير الان – رغم ان تداعياتها العملية ستكون بالتاكيد مختلفة، مع وجود 300 ألف مستوطن في الضفة الغربية.
ومن دون رغبة في الجانب الاسرائيلي لمعالجة موضوع الاحتلال، وبسبب الاعتقاد المرهق لدى الفلسطينيين بانهم لن يقطنوا ابداً اكثر من معازل كبيرة (بانتوستانات)، فانه يبدو من غير المحتمل ايضاً فرض حل للمسألة.
ومع هذا فان على كل الداعمين للوضع القائم ان يسألوا انفسهم ما الذي يؤيدونه. فالفلسطينيون الذين يتمثل دورهم في اجراء محادثات لا يقومون بها الآن، والمتشددون الذين يتمحور دورهم حول مقاتلة اسرائيل لا يقاتلون على وجه العموم. واذا قامت انتفاضة ثالثة، فان العالم سيندد بها قائلا، بحق، ان العنف ليس الوسيلة. فماذا حقق انتظار وصول المنقذ غودو؟ الوضع القائم لا يعني ان الامور على الارض لا تتغير. فهي تتغير كل الوقت. لكن ذلك يعني ان المجتمع الدولي متواطئ من خلال التقاعس عن العمل. والرسالة التي لا بد لأوباما ان يبلغ نتنياهو بها هي ان هذا الوضع خطير بقدر ما هو غير وضع لا يمكن التنبؤ به”.
القدس .