رام الله /أكد مسؤولون في الحكومة ان مخاطر انعكاس الأزمة المالية التي تعيشها السلطة الوطنية على قوى الأمن الوطني انتقلت من مرحلة المخاوف الى مرحلة الواقعية، ما يهدد قدرة الأجهزة الامنية على القيام بواجباتها.
العاملون في الأجهزة الأمنية يحترقون بصمت بعكس الموظفين المدنيين الذين يتاح لهم التعبير عن غضبهم جراء تأخر صرف رواتبهم الشهرية، حيث يحظر على رجال الأمن التعليق أو إبداء الرأي فيما يخص عملهم أو حياتهم أو حتى التعبير عن موقفهم دون موافقة قادتهم.
ويقول أحد العاملين في جهاز الأمن الوطني: «الضائقة المالية التي تعيشها السلطة الوطنية تنعكس على الجميع وبإمكانهم الحديث الحر عن انعكاسات الأزمة، لكن نحن غير مسموح لنا الحديث والاحتجاج لاننا نقوم بعمل وطني أسمى من الراتب».
واضاف بعد إصراره على عدم ذكر اسمه: «الأطباء والعاملون في المهن الطبية أعلنوا مرارا إضرابهم عن العمل رغم ان عملهم مرتبط بحماية أرواح الناس، لكن العاملين في أجهزتنا الأمنية ليس بمقدورهم فعل ذلك لأنه يعني فوضى وفلتانا وتهديد كيان المجتمع برمته».
وتابع: «نحن صبرنا في السابق وعملنا لمدة عام من دون رواتب (…) ولن ننكسر لتداعيات هذه الازمة المالية التي يراد منها تقويض انجازات سياسية ببناء دولة مستقلة».
وقال بلغة حاسمة: «اننا نتغذى على الصبر في مواجهة الازمة ولن نلقي سلاحنا في مواجهة انعكاساتها علينا».
وتخصص السلطة الوطنية قرابة 31% من موازنتها المالية للنظام والأمن، وقد عمل قادة الأجهزة على خفض النفقات مع ترشيد الإنفاق مع تقديم مساعدات عينية للجنود، في حين سمح لهم بالاستدانة من الكانتينا المخصصة للجنود على ان يقوموا بسداد ديونهم عند صرف رواتبهم الشهرية.
ورواتب الجنود متدنية، حيث يحصل الجندي على نحو 1500 شيقل شهريا.
ووصف الناطق الرسمي باسم الاجهزة الامنية، اللواء عدنان الضميري، في حديث خاص لـ(الحياة الجديدة)، اوضاع الجنود والضباط في ظل الازمة المالية بانه «مأساوي» موضحا انهم باتوا مثقلين بالديون.
وحسب ما أكده الضميري فان الجنود وضباط الصف والضباط ممن هم أقل من رتبة مساعد يشكلون أكثر من 75% من تعداد قوى الأمن في حين أن الضباط لا تزيد نسبتهم عن( 20 الى 25 %).
وقال الضميري: «عندما توقف صرف الرواتب عام 2006 فان قوى الأمن لم تحتج أو حتى تتذمر لأن قانون الخدمة في قوى الأمن يحظر على الأجهزة الأمنية تشكيل نقابات او اطر نقابية او حتى الاحتجاج».
ويرى الضميري أن الإلتحاق بالجندية والعسكر والجيش يختلف عن الإلتحاق بالوظيفة العمومية من حيث التدريب والتعبئة التي تقوم على اساس الولاء والانتماء والصير في مواجهة اصعب الظروف.
وقال وزير العمل د.احمد مجدلاني، لـ(الحياة الجديدة): «انعكاسات الأزمة المالية على عمل قوى الأمن الوطني باتت واقعية وليس مجرد مخاوف، خاصة ان عمل هذه الاجهزة ليس مقتصرا على صرف رواتب منتسبيها بل هناك متطلبات لوجستية يومية وغيابها يؤثر بشكل مباشر على حركتهم وتنقلهم واتصالاتهم ما يهدد منظومة العمل بالتوقف».
واضاف: «الاجهزة الامنية ومنتسبوها بحاجة للتموين اليومي وفي حال عدم الايفاء بالالتزامات المالية للموردين والمتعهدين فان هناك احتمالا ان يتوقف عملهم، ما ينعكس بالسلب على قدرة الاجهزة على مواصلة عملها».
واشار مجدلاني الى عمق الازمة المالية وتأثيراتها على عمل الاجهزة الامنية لكنه قال: «رغم كل ذلك فان الاجهزة متماسكة وتعمل بالحد الادنى من طاقتها لكن استمرار هذه الأزمة يجعل المستقبل بالغ الصعوبة.
الحياة الجديدة- منتصر حمدان .