الايام – يوسف الشايب:توفي، مساء أول من أمس، الفنان حسين منذر، أحد مؤسسي فرقة العاشقين الفلسطينية ومطربها الرئيس، هي التي اشتهرت بأغانيها النضالية والتراثية، بعد إصابته بعارضٍ صحي استدعى نقله إلى المستشفى.
وعُرف الفنان اللبناني الراحل، المولود في مدينة بعلبك شرق لبنان، بغنائه لفلسطين وعنها، من خلال فرقة العاشقين الموسيقية التي كان أحد مؤسّسيها عام 1978.
وسجّل الراحل مع فرقته أكثر من 300 أغنية عن فلسطين، من أبرزها: “اشهد يا عالم علينا وع بيروت” و”من سجن عكا طلعت جنازة”، و”يا طالع ع جبال النار”، و”هبت النار”، و”موّال فلسطين”، وغنى كلمات مجموعةٍ من أبرز شعراء فلسطين كالشاعر أحمد دحبور الذي ألف العديد من أغاني الفرقة، إضافةً إلى محمود درويش، وتوفيق زياد، وسميح القاسم.
ونعى الرئيس محمود عباس، أمس، إلى “شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات، وامتنا العربية، وأحرار العالم”، فنان الثورة الفلسطينية، قائد فرقة العاشقين، المناضل الكبير الفلسطيني والعروبي حسين منذر (أبو علي).
وقال عباس إن فلسطين فقدت ابنا من أبنائها المناضلين الأوفياء، الذين كرسوا حياتهم لخدمة الثورة الفلسطينية، عبر مسيرة فنيّة ونضاليّة شكّل خلالها نموذجًا فنيًّا سيظلّ خالدًا في الوجدان الوطنيّ الجمعيّ، مضيفاً أنّ الفنّان الراحل حول بأغانيه وأناشيده الوطنيّة تاريخ الثورة الفلسطينيّة المعاصرة ومعاركها وبطولاتها إلى صورة حيّة، من خلال فرقة العاشقين الّتي اقترن اسم الفنّان الراحل بها.
وأشاد الرئيس بدور الفقيد الكبير بعد أن أغنى الثقافة الوطنية والفن الشعبي الفلسطيني، من خلال أغانيه الوطنية التي عبرت عن تضحيات أبناء الشعب الفلسطيني وصموده وبطولاته، معبّراً عن تعازيه الحارة لأسرة الراحل منذر وأصدقائه ومحبيه.
وكان الرئيس محمود عباس منح الفنان المناضل حسين منذر، عام 2018، وسام الثقافة والعلوم والفنون “مستوى الابتكار”.
ونعت وزارة الثقافة، في بيان لها، أمس، الفنان حسين منذر (أبو علي)، الذي وافته المنية بعد عطاء فني إبداعي كرّسه من أجل الثورة الفلسطينية.
وقال وزير الثقافة عاطف أبو سيف: “خسرت الساحة الثقافية والفنية والوطنية رجلاً من رجالاتها الأوفياء الذين عمّدوا طريق الكفاح بفعلهم النضالي والفني من أجل حرية شعبنا وأرضنا، واصفاً منذر بأنه من أبرز أعلام الفن الثوري المقاوم ومن أعلام الأغنية الشعبية الوطني، ولافتاً إلى تزامن رحيله مع ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا التي ذكرها المنذر بأعماله من خلال صوت العاشقين التي كانت صوت الحرية والاستقلال”.
وفي 11 تشرين الثاني 2010، وفي ذكرى استشهاد الرئيس ياسر عرفات، كان “أبو علي” ورفاقه من “العاشقين” القدامى منهم والجدد، على موعد مع تحقيق حلمين في آن، أكبرهما الغناء على أرض فلسطين، وتحديداً في قصر رام الله الثقافي، والثانية عودة فرقة العاشقين للغناء، بالاندماج مع “عاشقين أوروبا”، لتضم أعضاء من الرعيل الأول وأعضاء جدد، جميعهم بقيادة حسين منذر.
وقتذاك، رأى “أبو علي”، في زيارة فلسطين حلماً يتحقق، رغم الغصّة التي خلفتها إجراءات الاحتلال، والحواجز العسكرية، وجدار الفصل العنصري، عبّر عن سعادته بالمشاركة في إحياء الذكرى السنوية السادسة لرحيل “الختيار”، مستذكراً حضور عرفات لحفل الفرقة في العاصمة الأردنية عمّان العام 1995، وصعوده إلى المسرح، والعناق الحار من “الأب القائد”.
سرد أبو علي، حينها، فصولاً من البدايات، وتحدث عن الملحن حسين نازك، والشاعر أحمد دحبور، قائلاً: جبنا العالم كله نحكي بالأغنية حكاية فلسطين حتى عام 1993، حيث توقفت الفرقة عن العمل بعد انقطاع الدعم لها، لكنها عادت من جديد.
واستعاد يسار دحبور، مساء أمس، مقالاً كان كتبته والده الشاعر الراحل أحمد دحبور عن حسين منذر وفرقته “العاشقين” العام 1993، جاء فيه: حين وقع الهجوم الصهيوني المجنون على بيروت، كنا في دمشق، وتشكلت ورشة فنية مرتجلة: أنا أكتب، وحسين نازك يلحن، وحسين المنذر يغني، ثم سرعان ما تكاملت المجموعة فعثرنا على ميزر مارديني، الراقص السوري البارع وهو كردي الأصل، وبثينة منصور الفتاة الصفدية الموهوبة، وإذا كانت بثينة ترقص وتصمم فيما بعد، فإن شقيقتها الصغرى هناء تنشد مع الكورال وتشارك في الرقص التعبيري، ثم رزقنا بأسرة الهباش، وهي أسرة فلسطينية متحدرة من اصول جزائرية، وكان كبيرها، خليل يعزف على الايقاع، فيما يعزف شقيقه خالد على القانون وآلات النفح، أما شقيقهم الاصغر محمد فكان في عرف تلك المفاجأة، هو الطفل المعجزة الذي يقدم الوصلات الغنائية، ويغني بصوته المغرد القوي والى جانبه سها دغمان، الفتاة الصفدية ذات الصوت الذهبي، وكان هؤلاء جميعا نواة أغاني العاشقين التي اختزلناها، فيما بعد، في كلمة واحدة: “العاشقين”.
جدير بالذكر أن آخر أغنيات منذر، رفقة “العاشقين”، كانت قبل أربعة أشهر، تحت عنوان “رصاص العز”، وتغنّى فيها بـ”كتيبة جنين” و”عرين الأسود”، وبالمقاومين الجدد على أرض فلسطين وبارودهم.
رحيل حسين منذر.. موّال فلسطين!
