تركيا وجنوب افريقيا تستدعيان سفيريهما وإيرلندا تطالب بلجنة تحقيق ومصر تكتفي بالاستنكار
الناصرة – «القدس العربي»: تفاوتت ردود الفعل الرسمية في العالم على مجزرة إسرائيل بحق أهالي غزة بين استدعاء السفير وبين استنكارات شديدة وفاترة وبين تبني الموقف الإسرائيلي كما فعلت الولايات المتحدة وأستراليا، فيما بقي موقف العرب فاترا أو مفقودا، على خلفية المجزرة المروعة التي راح ضحيتها أكثر من69 شهيدا، تزامنا مع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة في الذكرى السبعين للنكبة. فقد أعلنت تركيا عن استدعاء سفيريها من تل أبيب وواشنطن. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن إسرائيل هي دولة إرهابية وما تفعله هو إبادة شعب، مأساة إنسانية، ليس مهما إذا كان ذلك يصل من إسرائيل أو من الولايات المتحدة. وتابع «سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني بعزم. لن نسمح بأن يكون هذا اليوم هو اليوم الذي خسر فيه المسلمون القدس».
وفي وقت سابق، اتهمت تركيا إسرائيل والولايات المتحدة بالمسؤولية عن «المذبحة» ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. وقال الناطق بلسان الحكومة في أنقرة إن تركيا لا تعترف بالخطوات الأخيرة التي اتخذتها إسرائيل والولايات المتحدة».
ورفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية التعقيب أمس مكتفية بالقول «نحن نتعقب المنشورات في وسائل الإعلام. لم نتلق بلاغا رسميا، ولذلك لن نعقب في هذه المرحلة».
كما أعلنت جنوب أفريقيا عن استدعاء سفيرها لدى إسرائيل، وقالت إنها «قامت بهذه الخطوة في أعقاب الهجوم القاتل في قطاع غزة». وقالت وزارة الخارجية إن «حكومة جنوب أفريقيا تشجب بكل شدة أعمال العنف العدوانية للقوات الإسرائيلية على طول الحدود مع غزة التي أدت إلى قتل عشرات المدنيين شاركوا في مظاهرة هادئة ضد تدشين السفارة الأمريكية في القدس».
وعلى ذلك عقب الناطق بلسان خارجية الاحتلال عامنوئيل نحشون بأن سفارة جنوب أفريقيا أبلغتها بمغادرة السفير البلاد، معتبرة ذلك «مذكرة عادية» تحمل إشعارا بأنه حتى عودة السفير سيدير السفارة مستشاره. وهكذا قالت بالنسبة لإيرلندا، موضحة أن وزير الخارجية الإيرلندي استدعى السفير الإسرائيلي لمحادثة، وقال إن الخارجية الإسرائيلية لا تتطرق لمضمونها. وطالبت إيرلندا القيام بتحقيق رسمي مستقل بقتل عشرات المدنيين وإصابة آلاف.
مساواة غزة بإسرائيل
وكتب مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، زايد رائد الحسين، على تويتر، إن «القتل المروع للعشرات وجرح المئات بنيران إسرائيلية في غزة يجب أن يتوقف فورا. يجب احترام حقوق الإنسان». وقال إن على المجتمع الدولي التأكد من محاكمة المسؤولين عن القتل المشين. ودعت الناطقة بلسان مفوضية حقوق الإنسان لمحاسبة القتلة.
وفي بيان يوازي بين المعتدي والمعتدى عليه رغم هول المجزرة قالت مفوضة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني إن الاتحاد الأوروبي يدعو إسرائيل والفلسطينيين إلى الامتناع عن قتل المزيد من المتظاهرين في قطاع غزة. وتابعت «لقد قُتل عشرات الفلسطينيين، بمن فيهم أطفال، وأصيب المئات بنيران إسرائيلية، خلال المظاهرات الجارية بالقرب من السياج الحدودي، ونتوقع من الجميع أن يتحلوا بضبط النفس من أجل منع المزيد من الخسائر في الأرواح». ودعت إسرائيل لاحترام حق التظاهرات غير العنيفة ومبدأ استخدام القوة المتناسبة. ودعت حماس وقادة التظاهرات لضمان عدم استخدام المتظاهرين للعنف أو استغلالهم.
ضبط النفس
وقال متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أمس، إن بريطانيا «قلقة للغاية بشأن أنباء العنف وفقدان الأرواح في غزة». وأضاف المتحدث للصحافيين: «إننا نحث على ضبط النفس وتجنب الأعمال المدمرة لجهود السلام. وتابع «بريطانيا ملتزمة بحل الدولتين اللتين ستكون عاصمتهما المشتركة هي القدس».
أما البيت الأبيض فقد وصف الاضطرابات في قطاع غزة بأنها «هجوم دعاية خسيس»، وقال إن «المسؤولية عن قتل المتظاهرين في غزة تقع على عاتق حماس». وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، إن «حماس تتحمل المسؤولية عن الوضع الفظيع في غزة … فتح السفارة الأمريكية في القدس والعنف في غزة لن يؤثرا على خطة السلام»,
كما أصدرت الحكومتان الألمانية والفرنسية بيانين أعربتا فيهما عن قلقهما إزاء التقارير التي تفيد بوقوع عشرات القتلى. وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيانها إنه «يجب احترام الحق بالتظاهر السلمي في غزة» لكنها ساوت بين الضحية والجلاد وقالت ما يعكس عقدة الذنب التاريخية منذ الهولوكست:»يجب أن يكون لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وحدودها ضد مثيري الشغب العنيفين طالما يتم الحفاظ على مبدأ التناسب». كما دعت برلين الفلسطينيين إلى تجنب تصعيد الموقف، والتدهور إلى العنف أو تحريض الآخرين على العنف.
ولم تبتعد وزارة الخارجية الفرنسية عن هذا الموقف كثيرا ودعت قوات الأمن الإسرائيلية إلى التحلي بضبط النفس. وكتب وزير الخارجية جان إيف لو دريان إن «فرنسا تدعو كل الأطراف إلى التصرف بمسؤولية لتفادي أي تصعيد جديد». وأضاف «فرنسا تدعو مجددا السلطات الإسرائيلية إلى التحلي بالفطنة وضبط النفس عند استخدام القوة التي يجب أن تكون متناسبة تماما». وأعرب الوزير عن عدم رضاه عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وكتب أن هذه الخطوة «تنتهك القانون الدولي ولا سيما أنظمة مجلس الأمن».
روسيا قلقة
واكتفت روسيا بالتعبير عن قلقها العميق إزاء الأحداث الخطيرة، فيما وصل رئيس غواتيمالا للبلاد للمشاركة في تدشين سفارة بلاده في القدس المحتلة. يشار أن غواتيمالا سبق وأيدت تقسيم فلسطين. وكشفت صحيفة «هآرتس»قبل سنوات أن الصهيونية قامت بتقديم الرشاوى لبعض ساسة غواتيمالا مقابل موقفها من التقسيم مثلما فعلت ذلك مع دول أخرى في أمريكا الجنوبية.
ونشر زعيم تنظيم القاعدة، ايمن الظواهري شريطا دعا فيه المسلمين إلى إعلان الجهاد ضد الولايات المتحدة في أعقاب نقل السفارة إلى القدس. وقال إن الولايات المتحدة أثبتت في هذا العمل فشل المفاوضات مع الفلسطينيين. وفي شريطه الذي جاء تحت عنوان «تل أبيب أيضا هي أرض إسلامية» قال إن السلطات الفلسطينية تبيع فلسطين. وحث أنصاره على التسلح والخروج للجهاد.
وانتقدت مصر إسرائيل وندد بيان صدر عن وزارة الخارجية المصرية بما وصفه «استخدام القوة ضد المسيرات غير العنيفة»، مكتفية بالتحذير من «عواقب مثل هذه التصعيد الخطير». وعلى الأرض ما زال نظام السيسي يشارك في حصار غزة.
مصر طالبت حماس بمنع اختراق السياج
وقالت صحيفة «هآرتس» إن مسؤولي المخابرات المصرية الذين اجتمعوا مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في القاهرة، يوم الأحد الماضي، طالبوه بمنع التصعيد واختراق الحشود للسياج الحدودي. ووفقا للتقييمات في القطاع، فإن الرسائل التي حولتها مصر إلى وفد حماس، الذي ضم خليل الحية وروحي مشتهى، منسقة مع إسرائيل، وأن حماس وبقية التنظيمات مصرة على مواصلة المواجهة غير العنيفة.
الرواية الإسرائيلية
وفي إسرائيل زعم رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو أن حماس تتحمل المسؤولية عن قتل المتظاهرين، مدعيا أن من حق كل دولته الدفاع عن حدودها دون أن يتطرق للاتهامات بأن إسرائيل خططت مسبقا للمجزرة لـ« لكي وعي» الفلسطينيين ومنع انتشار النار لبقية الأراضي الفلسطينية. وقال نتنياهو إن حماس تصرح بأنها تنوي إبادة إسرائيل وأرسلت الآلاف لاختراق السياج من أجل تحقيق هذا الهدف. وتابع مهددا «سنواصل العمل بإصرار دفاعا عن سيادتنا ومواطنينا».
وفي إطار المجهود الدعائي العبثي قال وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان، إنه «رغم ارتفاع عدد القتلى يجب أن نتذكر ونذكر بأن هذه ليست مظاهرات، هؤلاء مخربون من منظمة إرهابية يهددون سكان إسرائيل».
وقال عضو الكنيست عيساوي فريج في «ميرتس» حزب اليسار الصهيوني، إنه في الوقت الذي تحتفل فيه القدس، فإن غزة تنزف، لكن المحتفلين في السفارة في القدس يشبهون المحتفلين على سطح تايتانيك، لا يدركون أن العاصفة يمكن أن تغرقهم قريباً. وتابع «أن القتل الجماعي اليوم هو نتيجة للنشوة، والشعور بأنه إذا كان ترامب في صفنا، فإنه يسمح لنا بكل شيء. لكن ترامب لن يكون موجوداً هنا لمساعدتنا في التعامل مع العنف والدماء التي ستسكب بسببه وبسبب قراراته».