بروكسل / وقعت اوكرانيا اليوم الجمعة في بروكسل اتفاق شراكة تاريخيا مع الاتحاد الاوروبي، ما اثار ردود فعل من روسيا التي منحها الاتحاد الاوروبي مهلة ثلاثة ايام لتغيير سياستها حيال اوكرانيا مهددا بتشديد العقوبات ضدها.
ومن بروكسل، صرح الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو “انه يوم عظيم بالنسبة للبلاد، بل ربما الاهم منذ الاستقلال”. وقال ان “لا مفر من التطور في التاريخ”، مشددا على ان الاتفاق يشمل “اوكرانيا كلها بما فيها القرم”.
واقترح بوروشنكو تمديد اتفاق وقف اطلاق النار الذي ينتهي عند الساعة 19:00 ت غ من يوم الجمعة، وفق ما نقل مصدر دبلوماسي اوروبي، الذي اوضح ان “بوروشنكو اقترح تمديد وقف اطلاق النار 72 ساعة، على ان تسمح هذه المهلة بتوفير بعض الشروط” مثل “الافراج عن الرهائن” بمن فيهم مراقبو منظمة الامن والتعاون في اوروبا وضبط الحدود الروسية الاوكرانية.
ووفقا لوكالة (انترفاكس) للانباء فان بوروشنكو صرح انه سيتخذ القرار بعد عودته الى كييف مساء اليوم الجمعة.
من جهتهم، امهل قادة الاتحاد الاوروبي المجتمعون في بروكسل روسيا ثلاثة ايام للقيام بأعمال ملموسة من اجل خفض التوتر في شرق اوكرانيا تحت طائلة فرض عقوبات جديدة.
وحدد الاتحاد الاوروبي اربعة شروط يتعين تلبيتها حتى منتصف يوم الاثنين المقبل، ومنها “بدء مفاوضات جوهرية حول تطبيق خطة السلام التي طرحها الرئيس (الاوكراني بترو) بوروشنكو”.
ويهدف اتفاق الشراكة اساسا الى الغاء الحواجز الجمركية بين دول الاتحاد الاوروبي واوكرانيا، الدولة الغنية بالصناعات المعدنية والمعروفة بصادراتها الزراعية.
وكان امتناع اوكرانيا عن توقيع الاتفاق في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وراء الحركة الاحتجاجية التي ادت الى الاطاحة بالرئيس الموالي لروسيا فيكتور تيموشنكو.
وصرح هرمان فان رومبوي رئيس مجلس اوروبا “انه يوم عظيم لاوروبا… الاتحاد الاوروبي يقف الى جانبكم اليوم اكثر من اي وقت مضى”.
اما ردود الفعل الروسية فلم تخل من التهديد بعد اسبوعين على وقف امدادت الغاز الروسي الى اوكرانيا لعدم تسديد الديون المترتبة عليها.
وفي تصريح الى التلفزيون الروسي، اعتبر الرئيس فلاديمير بوتين ان “الانقلاب غير الدستوري في كييف ومحاولات فرض خيار مصطنع على الشعب الاوكراني بين اوروبا وروسيا دفع بالمجتمع نحو الانقسام ومواجهة داخلية مؤلمة”.
وبتوقيع الاتفاق في بروكسل، تتبدد آمال بوتين بانضمام اوكرانيا الى الاتحاد الاقتصادي الذي اقامه مع دول اخرى من الاتحاد السوفياتي السابق مع بيلاروسيا وكزاخستان بينما يسعى الى إعادة نفوذ موسكو في المنطقة.
وحذر نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين من ان الاتفاق سيكون له “عواقب خطيرة”.
واكدت مجموعة الغاز الروسية العملاقة غازبروم مجددا اليوم الجمعة انها ترفض اي تفاوض جديد مع اوكرانيا طالما لم تسدد هذه الاخيرة ديونها، محذرة من اضطرابات محتملة في شحنات الغاز الى الاتحاد الاوروبي في الاشهر المقبلة.
وتخشى موسكو وصول منتجات مصنعة في الاتحاد الاوروبي الى اسواقها من خلال اوكرانيا، ما يمكن ان يؤثر على انتاجها المحلي. وتقول انه لا يمكن لكييف ان تستفيد في الوقت ذاته من امتيازات تجارية تقدمها كل من بروكسل وموسكو.
ووقع الاتحاد الاوروبي ايضا اتفاق الشراكة مع كل من جورجيا ومولدافيا.
وانتخب بوروشنكو في 25 ايار (مايو) وكان تعهد بتوجيه اوكرانيا نحو الغرب. وادى وصول سلطات قريبة من اوروبا الى الحكم في كييف الى نشوء حركة انفصالية موالية لروسيا في شرق البلاد.
لم يخف الرئيس الجديد انه يعتزم جعل هذا الاتفاق خطوة اولى نحو انضمام اوكرانيا الى الاتحاد الاوروبي، الا ان الاوروبيين استبعدوا الفكرة في الوقت الحالي.
وفي هذا الصدد، اشار بوروشنكو في بروكسل الى انه لن يصدر اي تصريح مشترك لاوكرانيا والاتحاد الاوروبي بل سيصدر الاوروبيون تصريحا “يعترف بحق” اوكرانيا “بطلب الانضمام” الى الاتحاد.
وكان تم توقيع الشق الاول من الاتفاق ويشمل الجانب السياسي في اذار (مارس) من قبل رئيس الحكومة الاوكراني ارسين ياتسينيوك.
وكان من المقرر ان يوقع الاتفاق في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي قبل ان يفضل الرئيس انذاك فيكتور يانوكوفيتش ان يطلب مساعدة اقتصادية من روسيا.
وادى قرار يانوكوفيتش هذا الى الحركة الاحتجاجية التي انتهت باطاحته ثم ضم القرم الى روسيا قبل نشوء الحركة الانفصالية في شرق اوكرانيا.
واطلقت كييف بعد ذلك حملة عسكرية ضد الانفصاليين اسفرت منذ نيسان (ابريل) عن مقتل اكثر من 400 شخص، فضلا عن تشريد 54,400 داخل اوكرانيا و110 آلاف فروا الى روسيا، وفق الامم المتحدة.
والتقى بوروشنكو بكل من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل في بروكسل. وقال مصدر دبلوماسي اوروبي ان القياديين الاوروبيين سيجريان محادثة جديدة مع بوتين نهاية الاسبوع الحالي لبحث التطورات.
وصرح بوروشنكو في مقابلة مع شبكة (سي ان ان) الاميركية مساء الخميس “انا مستعد لاقامة السلام مع الجميع”.
وعقد ممثلون عن كييف ومسؤولون انفصاليون جلسة ثالثة من المفاوضات غير المباشرة في دونيتسك يمكن ان تؤدي الى تمديد العمل بوقف اطلاق النار وهو ما تأمل به موسكو، ولو ان المعارك استمرت في الايام الاخيرة في حوض دونباس الصناعي الناطق بالروسية.
ووفق الجيش الاوكراني فان هجمات المتمردين اسفرت ليلة الخميس عن مقتل خمسة عسكريين. وفي المقابل اطلق الانفصاليون سراح اربعة مراقبين لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا اختطفوا في 26 ايار (مايو) الماضي.
ولا تزال مجموعة اخرى من المراقبين محتجزة في لوغانسك منذ 29 ايار (مايو) الماضي.
القدس دوت كوم