جنين – أ.ف.ب- بعد انسحاب مدرعات وجرافات الاحتلال من بعض شوارع جنين مخلفة دمارا في كل مكان، روى مواطنون في المدينة “أياما سوداء” عاشوها.
وقالت فايزة أبو جعفر في الحي الشرقي لمدينة جنين لوكالة فرانس برس: “أيام سوداء”، مضيفة وهي تشير إلى الدمار المحيط بها، “الوضع صعب، صعب جدا، على الأطفال وعلى الجميع. خوف ورعب. ودمار…”
إلا أنها تستدرك “معنوياتنا عالية”.
وواصل جيش الاحتلال أمس عدوانه الواسع على جنين ومخيمها.
على مسافة غير بعيدة من الشارع الذي وقفت فيه أبو جعفر، استشهد مواطن ثمانيني برصاصة قناص إسرائيلي، وفق ما يقول مواطنون.
ودفع جيش الاحتلال منذ الأربعاء الماضي بعربات مدرعة مدعومة بسلاح الجو إلى جنين وطولكرم وطوباس ومخيماتها.
وجرفت آليات الاحتلال الأسفلت عن الطرق، ما تسبب بتدمير البنى التحتية. وأمكن أمس رؤية تلال صغيرة من التراب والأسفلت على جوانب هذه الطرق، بالإضافة إلى دمار وفجوات في الأبنية.
ويزعم جيش الاحتلال أن أنابيب المياه تحت الأرض ثقبت عن طريق الخطأ بينما كان يحاول البحث عن عبوات على جانبي الطرق، لكن مواطنين يؤكدون أن الأمر متعمد.
وتشهد الضفة الغربية المحتلة توغلات منتظمة من قبل جيش الاحتلال. لكن من النادر أن تنفذ بشكل متزامن في مدن عدة، وبإسناد جوي، كما يحدث منذ الأربعاء الماضي.
“حرب”
ووقف مجدي المهدي يتفقد سيارتين ودراجة نارية سحقت تحت كومة من الركام والمعادن المتناثرة من جرافات عسكرية احتلالية.
ووصف ما حدث بأنه “حرب”، مضيفا “أقاموا ثكنة عسكرية قبالتنا، وكانوا يحضرون الشبان إليها للتحقيق معهم”.
وقال طاهر السعدي: “نحن معزولون عن العالم الخارجي تماما”. وأضاف: “المياه مقطوعة والكهرباء مقطوعة.. كل البنية التحتية دمرت. لم يبق بنية تحتية”.
وتابع: “جميع مقومات الحياة هنا معدومة. لا يوجد خبز. نحن نعيش بصعوبة. لا يوجد حليب، والمواد الغذائية مقطوعة بشكل نهائي”.
وأفاد مصور لوكالة فرانس برس في جنين أمس بأن أصوات إطلاق النار تسمع في أنحاء المدينة، بينما خلت الشوارع تقريبا من الحركة، باستثناء آليات الاحتلال، مشيرا إلى تحليق طائرات مسيرة في أجوائها.
2002
وتدور اشتباكات عنيفة في مخيم جنين.
ويقول محافظ جنين كامل أبو الرب: “لا نعرف بالضبط ما الذي يحدث هناك”. وحسب أبو الرب، هناك “إجراءات إسرائيلية بمحاصرة المستشفيات وتقسيم المدينة والمخيم إلى مربعات واعتبارها مناطق عسكرية مغلقة”.
وتابع “لا يسمح للإسعاف ولا الدفاع المدني ولا الصحفيين بالدخول والخروج حتى نعرف حقيقة ما يجري”.
وكان مخيم جنين مركز الانتفاضة الثانية ضد الاحتلال في مطلع الألفية الثانية.
وفي عام 2002، حاصر جيش الاحتلال المخيم لأكثر من شهر وسط اشتباكات عنيفة وسوى بالأرض مئات المنازل، فيما استشهد 52 مواطنا وقتل 23 جنديا احتلاليا.
ويعرف المخيم بأنه معقل للمقاومة في الضفة الغربية.
وقارن أبو الرب ما يحدث اليوم بـ 2002، قائلا: “هذا العدوان يذكرنا بذلك العدوان اللئيم، من حيث العدد ..، من حيث تدمير البنية التحتية وإطلاق النار على الأبرياء”.