رام الله- الحياة الجديدة- سعيد شلو- في رسالته الأخيرة قبل أن ينتزع حريته مع رفاقه أبطال نفق الحرية في السادس من أيلول 2021، طلب الأسير البطل زكريا الزبيدي من مشرفه على رسالة “الماجستير” د. عبد الرحيم الشيخ، حذف النقطة من آخر رسالته، في إشارة منه إلى أن رحلة “التنين” متواصلة في مواجهة الصياد، وأن الصراع معه سيبقى مفتوحاً حتى الحرية.
فوسط حضور غصت به جنبات مسرح نسيب عزيز شاهين في جامعة بيرزيت، نوقشت أمس السبت، رسالة الأسير البطل زكريا زبيدي، الطالب في برنامج الدراسات العربية المعاصرة، بعنوان: “الصياد والتنين: المطاردة في التجربة الفلسطينية 1968-2018″، بحضور عائلة الأسير، وجمهور أكاديمي وطلابي وشعبي واسع، وبإشراف د. عبد الرحيم الشيخ، وعضوية كل من د. جمال ضاهر ود. وليد الشرفا، الذين قرروا في ختام المناقشة نجاح الأسير زكريا الزبيدي في رسالته بدرجة “امتياز عالٍ”.
يسرد زكريا في أحد مقاطع الفيديو التي عرضت خلال مناقشة رسالته، قصة التحاقه بجامعة بيرزيت، وهو الذي ارتبط اسمه بالمقاومة المسلحة، هو الذي لا يجيد كثيرا استخدام الحاسوب بقدر تماهي أصابعه مع اعوجاجات البندقية، فيقول: “الثقافة هي الوعاء الكبير، فيها المقاومة وفيها العلم وفيها كل شيئ، نحن هنا في فلسطين لدينا ثقافة مقاومة، بمعنى أن المقاومة هي جزء من الثقافة الأم التي ينطوي في جلبابها كل الأشياء الأخرى”.
زكريا البطل، الذي جسد في أيلول من العام الماضي رسالته على أرض الواقع، حينما انتزع ورفاقه الخمسة حريتهم من أنياب سجانيهم في معتقل جلبوع، وصالوا بأقدامهم ثرى بيسان وصولا إلى جنين ومخيمها، “حقق بهذا الفعل الإدراكي ما يتطابق مع الإطار النظري لرسالته، لقد حول جمالية معركة جنين البطولية من جمالية التنظير إلى جمالية الإدراك”، يقول د. وليد الشرفا.
وفي متن المناقشة، عرضت ثلاث رسائل مسجلة لكل من الأسير وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي من معتقل هداريم، وأخرى للأسير وليد دقة من سجن عسقلان، وثالثة من بيروت للروائي إلياس خوري، كمناقشات من خارج الجامعة لرسالة الزبيدي.
شقيق الأسير زكريا، يحيى الزبيدي أكد لـ”الحياة الجديدة”، إن رسالة زكريا الزبيدي واضحة وصريحة، من خلال رسالته الأخيرة بأن يتم حذف النقطة في ختام رسالته، التي تعني أنه طالما تواجد الاحتلال، فإن التنين مطارد وقادم”.
وأضاف: “بثقافتنا وعلمنا وإيماننا بحتمية نصر شعبنا وكفاحه، سنحقق الانتصار، رغم كل الالم وجميع الظروف الصعبة التي يعاني منها كل الأسرى داخل سجون الاحتلال”.
ساعة ونصف الساعة من النقاش وقفت في ختامه لجنة الإشراف ومعها جميع الحاضرين في المسرح، ليخاطب د. عبد الرحين الشيخ الأسير البطل زكريا الزبيدي، فيقول: “هذه كلها تفاصيل يا زكريا، أما قرار اللجنة فهو قرارك الذي كتبته بقدمك في المطاردة، مطارَدا، ومطارِدا، وقرارك، الذي نتشرف بالنطق فيه كلجنة إشراف على رسالتك الماجستير: “الصياد والتنين: المطاردة في التجربة الفلسطينية 1968-2018″، هو نجاحك في الماجستير بامتياز عالٍ في الممارسة، ونجاح منقطع النظير في النظرية، وهذا نجاح لفلسطين، للبندقية الكلمة المقاتلة. فسلام عليك يوم ولدت، ويوم قاتلت، ويوم طوردت، ويوم أُسرت، ويوم خرجتَ من نفق الحرية في بيسان، ويوم تبعث حُرا”.
رئيس المكتبة الوطنية الفلسطينية عيسى قراقع وفي حديث لـ”الحياة الجديدة” على هامش مناقشة الرسالة، أكد أن تخرج الأسير زكريا الزبيدي من جامعة بيرزيت برسالة الماجستير، هي رسالة حرية بحد ذاتها وهي المقاومة التي جسدها زكريا منذ طفولته، والاحتلال يحتجز زكريا جسدا، لكنه كان حاضرا كبيرا بيننا”.
وأكد قراقع أن العديد من الأسرى حولوا قلاع الأسر إلى جامعات وأكاديميات، وكسروا الفراغ وسياسات القمع من خلال شهاداتهم ومقاعدهم داخل الجامعات الفلسطينية انتزعوا الحرية من سجانيهم رغم أنهم داخل السجون، وهو ما يعكس تعطشهم للحياة والحرية”.
وقال رئيس نادي الأسير قدورة فارس: “هذا شيء مثير بأن يقوم أسير ومطارد وشقيق شهيدين وابن شهيدة، ورغم كل الألم الذي مر به، ورغم كل التحديات والصعاب، إلا أنه يوجه رسالة من خلال مناقشته لرسالته اليوم بأنه لا يوجد شيء مستحيل، وأن نيل الحرية يستحق مواصلة دروب تحدي الاحتلال وسياساته بكل السبل، وأحد هذه الطرق هي المعرفة”.
وأضاف فارس: “من يمتلك الإرادة يستطيع أن يحقق المعجزات، وزكريا امتلك الأمل والإرادة، وما زال يقول: إنني ما زلت أملك هذا الأمل وهذه الإرادة، وإنني سأكون حرًا”.