“زهراب” يزجي سلاماً لفلسطين من عمّان في 45 صورة!

2023/11/16
Updated 2023/11/16 at 9:10 صباحًا

الايام -بديعة زيدان:”كنتُ أحبّ أن أكون مُحايداً، لكن ما دامت ليست هناك آذان تسمع صوت السلام، فلا بد من الانحياز للحقيقة”.. بهذه الكلمات اختصر المصوّر الأردني زهراب ماركريان، حكاية معرضه “سلاماً فلسطين”، الذي اشتمل على صور من كامل الجغرافيا الفلسطينية، تآلفت سويّاً لتحكي حكاية أصحاب الأرض الأصليين.
هناك في مسرح أسامة المشيني بجبل اللويبدة بالعاصمة الأردنية عمّان، وفي خمسين لوحة إلا قليلاً، عرض زهراب، الذي كان مصور العاهل الأردني الراحل الملك الحسين بن طلال منذ العام 1975، تفاصيل من يوميّات الفلسطينيين في جغرافيات وبيئات اجتماعية مختلفة، وفي أزمنة متعددة، في الأراضي المحتلة العام 1948، أو التي احتلت في العام 1967 بما فيها القدس الشرقية، مقدماً صوراً من قطاع غزة، التقطها بعدسته كغيرها.
ورغم السواد المحيط بيوميّاتهم، كان ثمة بياض في ابتسامة تلك الفتاة، أو اتكاء “أم العبد” على زوجها أمام الباب الأزرق، أو حيث شارات النصر في المنطقة المهمشة، وغيرها من الصور التي قال إنها “تحكي قصصاً لأصحاب الأرض، وتروي سيرتهم وتوثق وجودهم”.
واشتمل حفل افتتاح المعرض، الذي تواصل على مدار ثلاثة أيام، وقدمته الفنانة الفلسطينية السورية دلال فياض، قراءات من أشعار محمود درويش بإلقاء الفنان منذر خليل مصطفى، ومقطوعات غنائية لفلسطين للفنان يزن أبو سليم.
وفي حوارية افتتاح المعرض، الذي حمل عنواناً فرعياً مفاده “صور من غزة وفلسطين”، تحدث زهراب، مساء أول من أمس، عن حكايات بعض الصور الخمس وأربعين، التي التقطها في فلسطين، ممن بينها صورة لمسن في قرية فلسطينية، كان يتخذ من سور حديقته سريراً، وأصرّ على استضافة المصوّر على الإفطار، أما صور المسنّة التي تمتطي ظهر الحمار، فلفت إلى أنها لسيدة فلسطينية “أصيلة” كانت تصرّ على شراء ما يحتاجه منزلها بنفسها، فهي من جهة لا تريد أن تزعج أبناءها، وجميعهم متزوجون، ومن جهة تريد أن تشعر أنها لا تزال على قيد الحياة الحقيقية بالتنقل بنفسها، ومشاهدة ذات المشاهد، وذات الوجوه، ولو تجعّد بعضها للجيران والأقارب، التي كانت تشاهدهم وتشاهدها قبل عقود، حين كانت “عروساً”.
وأمام صورة لطالبات كلية الزهراء الثانوية في غزة، توقف زهراب قليلاً عن الكلام، قبل أن يقول: لعلي أريد أن أنسى ما يحدث الآن في غزة.. الصورة تشعّ بالفرح والأمل في المستقبل.. كبرن بلا شك، وربّما بعضهن بتن أمهات، لكن لا أدري من منهن قد تكون على قيد الحياة الآن.
وحول الصورة التي كانت من بين الصور المحورية في المعرض، ويتجمع فيها العشرات جلهم من الأطفال حول سيارة تعرضت للقصف، لفت زهراب إلى أنه، وبينما كان يتناول الطعام عند رئيس بلدية غزة، الطائرات الإسرائيلية استهدفت سيارة بالقصف، وحين توجهت لالتقاط صورة للسيارة، وجدت غالبية من حولها، وهم كثر، من الأطفال، فكانت الصورة الصادمة بالنسبة له، والتي شعرت معها أن أطفال فلسطين عامة، وقطاع غزة على وجه الخصوص، يغادرون طفولتهم مبكراً، ويتحولون أبطالاً.
ومن غزة أيضاً، ثم صورة لثياب معلقة على مقربة من شاطئ البحر، الذي وصفه بأنه الأجمل، والأنقى، والأكثر حميمية في العالم، خاصة أنه “مليء بالإحساس، وبلا إحساس لا صور جيّدة”، وهو ما كان في الصورة التي قال إنها توثق لـ”الحمار السوبر ماركت”، ما يعكس، “أن أهل غزة لم يغتلهم الحصار على صعوبته، فهم يتحايلون عليه بما يتوفر لديهم، ويتمسكون بالحياة ويحبونها أكثر من غيرهم.. الشعب الفلسطيني هو أكثر شعب صادفته، وأنا جلت العالم كلّه تقريباً، يحب الحياة، ويبتكر طرقاً كثيرة ليفرح.. فهو شعب يدرك أن الفرح في حالته صمود ومقاومة”.
وفي تعليقه على صورة لأطفال مدرسة فرحين متلاصقين في غزة، وبعد أن عاوده الصمت ليسيطر عليه قليلاً، قال بغضب: ما يحدث في غزة الآن “حرااااام”، قد يكونون جميعهم شهداء.. أين الإنسانية التي يتشدق بها العالم”.
وشدد زهراب على ضرورة دعم أهل فلسطين، وسكان غزة خاصة، بتوثيق حيواتهم، كاشفاً: منذ سنوات وأنا أسعى لإصدار كتاب يحوي صوري في فلسطين وعنها، لكني لم أجد من يدعمني، معرباً عن أمله بأن يتحقق ذلك قريباً.
ومع ذلك لم يخف المصور الذي لا يزال يصر على التواجد في الاستوديو الخاص قرب دوّار عبدون في عمّان، سعادته بالمعرض الذي نظمته دارة التصوير بدعم من مبادرة “حكمت الثقافة”، ويذهب ريعه لدعم أهالي غزة عبر الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية.. المعرض الذي يرى أنه يقدّم القليل لفلسطين التي أحب، ولأهلها الذين قاسموه “العيش والملح”.

 

Share this Article