رام الله / وجبة إفطار “عربية فلسطينية”، سيقدمها الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس، للرئيس الاميركي باراك اوباما، خلال زيارته لإسرائيل الاسبوع المقبل، على انها احدى الاكلات الشعبية “الاسرائيلية”، خطوة ليست بريئة كما يراها الفلسطينيون، ويقولون بانها ليست غير حلقة اضافية في مسلسل محاولات تجريدهم من هويتهم وتراثهم، وصولا الى الفلافل والحمص.
ويشيرون بهذا الصدد الى عمليات تغيير طالت اسماء المدن والجغرافيا الفلسطينية، مرورا بالتاريخ الذي لا زال ميدان صراع شديد، تختلط فيها المزاعم بالحقائق، دون ان تنجو منه الاطعمة وبعض الثياب والاشغال اليدوية التي باتت تقدم من قبل اسرائيل وتروج لها عالميا كجزء من تراثها
وكانت جمعية صناعية لبنانية، كشفت عن أن إسرائيل تحاول سرقة التراث العربي بما في ذلك بعض المأكولات، حين زعمت اسرائيل أن الفلافل (الطعمية) وجبة إسرائيلية.
ونسبت احدى الصحف العربية الى المدير العام لجمعية الصناعيين اللبنانيين، سعد الدين العويني، قوله في بيان له :” إسرائيل تدعي أنها أول من قام بصنع أكلة الفلافل، إنها تسرق مأكولات لبنانية عربية، وتنسبها إليها، وكان آخرها إعلانها أن أكلة الفلافل إسرائيلية”.
واضاف العويني “بعد الادعاء أن الحمص بالطحينة والتبولة هما من المأكولات الإسرائيلية التقليدية، جاء دور الفلافل، وجميع هذه الاكلات، تعتبر من الوجبات الشعبية لدى معظم الدول العربية لا سيما فلسطين ولبنان وسوريا والاردن ومصر”.
واستطرد قائلاً: “إن هذا نوع من القرصنة المرفوضة والادعاء الكاذب عن هوية الفلافل والحمص بالطحينة والتبولة والكبة وغيرها من المأكولات الشرقية الأصل”. مذكراً بأنه “لا يوجد في قواميس الطبخ والمأكولات في العالم ما يسمى بالمطبخ الإسرائيلي”.
وكان المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد كتب مقالة في العام 1996 عن أهمية كتاب “اختراع اسرائيل القديمة وإسكات التاريخ” لمؤلفه كيث هوتيلام.
ويكشف الكتاب خطورة إنكار المكان والزمان على التاريخ الفلسطيني، الامر الذي حث ادوارد سعيد للاشارة الى “ضرورة استرداد التاريخ الفلسطيني، وإعتاقه من قيود الدراسات التوراتية، بعد ان اتضح بما لا يقبل مجالاً للشك، ان المؤرخين اليهود، يتعمدون إلغاء وجود تاريخ فلسطين القديمة في كل دراساتهم”.
وإعتبر سعيد، محو الذاكرة التاريخية لفلسطين والفلسطينيين، بانه ليس أكثر من توطئة لإعادة صياغة الماضي بطريقة تخدم طموحات اسرائيل، وتبرر أعمالها القمعية، وعلى ضوء هذه النظرة تقوم بفصل المجتمع الفلسطيني عن ماضيه، الامر الذي يسهل لها تغيير اسماء المدن والقرى والشوارع، بمنحها اسماء عبرية”.
وفي السياق ذاته، كانت وزارة المعارف الاسرائيلية امرت بمصادرة كتاب دراسي بعنوان :”يبنون دولة في الشرق الاوسط”، ومع ان الكتاب صادر عن “مركز زلمان شازار” الاسرائيلي المتخصص في إصدار كتب المنهاج للمدارس الثانوية في اسرائيل، الا ان الجزء الذي يتناول مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، اثار حفيظة الحكومة الاسرائيلية آنذاك.
والسبب ان الاجابات على السؤال الوارد في الكتاب سالف الذكر، حول دوافع نزوح اللاجئين من فلسطين، لم ترق لوزارة المعارف الاسرائيلية، فمن وجهة نظر المؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي: “كانت عملية النزوح مجرد خطة مدبرة لتطهير فلسطين من العرب، ونفي الوجود العربي من طريق محوه من الذاكرة الجماعية”.
وفي هذا السياق، يمكن تفسير عملية الاستيلاء على ملكية الفلافل، والتبولة والحمص، والثوب الفلسطيني،.. وغيرها بأن المجتمع الاسرائيلي الفسيفسائي المتعدد الهوية واللغة والانتماء، يحتاج الى عمليات استهلاكية يمكن أن يستثمرها اعلامياً من اجل تغيير ملامح فلسطين او لبنان او سوريا او مصر او الاردن.
صحيح ان آلاف اليهود ممن غادروا اليمن والعراق والمغرب ولبنان، ما زالوا يحتفظون في اسرائيل بعاداتهم وتقاليدهم وأطعمتهم (وبينها الحمص بطحينة)… ولكن الصحيح ايضاً ان الدولة الاسرائيلية قررت عن طريق مؤسسة “غينيس” إعطاء وجبة غذائية لبنانية (الحمص) طابعاً اسرائيليا وكأنها هي من صنعها، ومثل هذه العملية المكشوفة ليست بعيدة عن عمليات استباحة الارض وتدمير القرى وتزوير بعض الحقائق التاريخية.
القدس دوت كوم .