غزة – “الأيام”: قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن جيش الاحتلال يواصل استخدام دباباته في دهس المدنيين الفلسطينيين، بشكل متعمد وهم أحياء وسحق جثامينهم، إلى جانب استخدام المدنيين كدروع بشرية خلال عملياته البرية في قطاع غزة، في إطار جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة المستمرة، منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وأضاف “الأورومتوسطي” في بيان له، إن فريقه الميداني وثق جريمة مركبة مكتملة الأركان ضد أسرة مدنية مكونة من أُم مسنة وأربعة من أبنائها، منهم ثلاث فتيات وحفيدة لا تتعدى العام والنصف، باقتحام منزلهم وإطلاق النار والقنابل باتجاههم مباشرة، داخل منزلهم في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وإخراجهم منه، مساء الخميس الماضي، ثم احتجازهم وهم مصابون داخل وقرب دبابات للاحتلال لأكثر من ثلاث ساعات، في منطقة قتال خطيرة واستخدامهم دروعاً بشرية، ومن ثم دهس الأم صفية حسن موسى الجمال (65 عاماً) وقتلها، بعد إصابتها بجنازير دبابة وهي لا تزال على قيد الحياة على مرأى من ابنها.
وأفاد نجل المسنة مهند الجمال (28 عاماً)، “نحن نسكن في شارع النزاز في الشجاعية شرق غزة، في حوالى الساعة 10:00 صباح الخميس، فوجئنا بسماع صوت قصف وانفجارات، حاولنا الخروج ولم نستطع، حوصرنا، دخلنا البيت وصعدنا للطابق الأول وجلسنا في غرفة وسط البيت، ولاحظنا تقدم الدبابات باتجاه المنطقة، ثم اشتدت وتيرة القصف، وانتبهت لوجود عدد كبير من الدبابات، التفت وتمركزت في أرض جيراننا الملاصقة لمنزلنا، وشرعت بأعمال تجريف وتدمير فيها، ثم رفعوا علم إسرائيل داخل الأرض. كنت أنا وأمي وشقيقاتي الثلاث وابنة أختي الصغيرة داخل الغرفة، حرصنا ألا نصدر صوتاً، بعد العصر أو قبل المغرب بدأت الدبابة تطلق قذائف باتجاه شقة أخي في الطابق الأرضي من منزلنا، جمعت أفراد أسرتي وجلسنا في إحدى الغرف، وبقينا ننتظر مصيرنا ونردد الشهادتين”.
وأضاف، “بعد المغرب، سمعنا صوت إطلاق نار في الشارع، أعقبه صوت تفجير، وتبين لي أن الجنود اقتحموا المنزل بعد تفجير جدار وصعدوا إلينا، وعندما وجدونا في الغرفة بدؤوا بإطلاق النار عشوائياً على جدران الغرفة وألقوا قنبلة تلو القنبلة، حتى ألقوا 5 قنابل مع إطلاق نار باتجاهنا في الغرفة، وكانوا يصرخون بالعبري ولا نعلم ماذا يقولون.. أصبت بشظايا في ظهري وأصيبت شقيقتي بشظايا، وكانت شقيقاتي يصرخن (إحنا مدنيين)، وأصيبت والدتي بشظية كبيرة في صدرها، ثم تقدم الجنود واحداً تلو الآخر وهم يصرخون (اصمت)، ثم سحبوني وأجبروني على خلع ملابسي وأوقفوني على الجدار، ثم دخلت مجندة عند والدتي وشقيقاتي، والجنود يصوبون أسلحتهم نحوي لمدة نصف ساعة. طلبوا مني حمل أمي على ظهري وإنزالها للأسفل، ثم قال جندي آخر، أنزلها على حمالة حيث حملتها مع جندي آخر، وخرجنا من الفتحة التي فجرها الجيش وخرجنا إلى الأرض المجاورة وأدخلونا في الدبابة، حيث أدخلت النقالة وعليها أمامي ثم خرجت وأرجعوني للمنزل وأخذوا جواز سفري، ثم أنزلوني ووضعوا قيوداً في يدي، وكانت شقيقاتي عند باب الدبابة، وطلب منهم الجنود الانتظار، ثم جاء جندي الساعة 9:45 مساءً فك القيود ووضع مرابط في يدي وعصبة على عيني، وأوقفني على تلة رمل، وكان يضيء تجاهي بالليزر.. شعرت أنهم سيعدمونني، ثم شغل الدبابة، وأمرني بالدخول فيها، ودخل الجنود داخل الدبابة، كانت هي دبابة ثانية غير الدبابة التي بها والدتي وتحركت الدبابة ذهاباً وإياباً في المنطقة ثم أنزلوني في منطقة يبدو فيها درج ولم أعرف أين أنا، وكان يطلب مني التحرك بتوجيه منهم. استمر ذلك نحو 15 دقيقة وسط شتائم مسيئة، ثم قدم أحد الجنود وسحبني من رقبتي وتحركت 50 متراً وأدخلوني دبابة أخرى من جديد، تحركت في المكان ثم أنزلوني وأدخلوني في دبابة كانت بها الحمالة التي نقلنا بها أمي وتحركت الدبابة، اعتقدت أنهم سينقلوننا إلى مكان لعلاج والدتي، ثم أنزلني، وأنزلوا والدتي وهي مصابة ووضعوها على الأرض، عرفت بعد عدة دقائق أننا في آخر شارع النزاز دوار مشتهى، سألت أين أنا، فقال سيأتي (إسعاف) لأخذ أمك، وكانت والدتي ملقاة على الأرض، كانت هناك دبابتان على اليمين واليسار تحيطان بالدوار والثالثة التي كنت فيها، وبعد أن صعد الجنود للدبابة التي أنزلوني منها بدأت بالتحرك للخلف فدهست والدتي”.
وتابع، “رأيت المشهد وشعرت كأنني فقدت عقلي وبدأت بالبكاء والصراخ.. الدبابة على اليمين اقتربت مني وأرادت أن تدهسني فهربت وظننت أنني سأُقتل ولكن الدبابتين اتجهتا لجهة شارع آخر، والدبابة التي كانت في جهة اليسار كانت ستدهس أمي مرة أخرى ولكن لم يحصل ذلك، ثم التفت الدبابات ووجهت فوهة مدافعها نحوي فخفت واتخذت ساتراً واختبأت، وبدأت أصرخ ولا أسمع إلا صوت الرصاص، وانتبهت لاقتراب كلاب من جثة والدتي تريد نهش لحمها، فأبعدتها عنها.. كان ذلك تقريباً الساعة الواحدة فجر الجمعة، كان الجندي في الدبابة يعلم أين قام بإنزالها وكان قادراً على أن يتفاداها ولكنه تعمد دهسها. لم أستطع تحمل الموقف مع إطلاق النار، ولم أستطع حمل أمي بعد أن قامت الدبابة بدهسها. ومع صدمتي بما حدث، بصعوبة استطعت تغطية أمي وهرعت أركض من المكان وتفكيري لو أن هناك “إسعاف” كما قال لما قام بدهسها، وذهبت أبحث عن شقيقاتي اللاتي لا أعلم ما مصيرهن وبقيت أمشي وأنا أبكي وأسمع في الشوارع أصوات إطلاق النار. بقيت أمشي حتى وجدت شخصاً في بلكونة أعطاني زجاجة ماء وأخبرني بطريق آمن لأسير فيه حتى وصلت لمنطقة الدرج عند أصحابي. حاولت التواصل مع أي أحد للوصول لشقيقاتي، ولاحقاً عرفت أنهن في المستشفى المعمداني لعلاج الإصابات وسألوني عن أمي فأخبرتهن”.
من جهتها، قالت شقيقته، “لما اقتحم الجنود منزلنا وبدؤوا بإطلاق النار وإلقاء القنابل، أخبرناهم أن أمي أصيبت وتموت. رأينا جرحها كبيراً وجاءت جندية لإسعافها إسعافات أولية. بقينا نراها وهم يحاولون علاجها وأنا أرى أمي قريبة من مفارقة الحياة. بعد أن احتجزونا في الأسفل بعض الوقت، أخبرونا بعدها أن نغادر، بعد أن كانوا أخذوا أخي وأخبرونا أن نذهب إلى شارع صلاح الدين. سألناهم عن أمي فأخبرونا أنهم سينقلونها إلى مستشفى وأعطونا ضوءاً أخضر ومشينا، كنا مصابين والدم ينزف منا ومعنا طفلة عمرها سنة ونصف السنة. وصلنا الساعة الحادية عشرة والنصف في منطقة قبل مفترق الشجاعية فيها دبابات، كان فيها إطلاق نار كثيف وبدأت عندها بالإشارة بالضوء الأخضر حتى مررنا، ولم يكن هناك أي شخص في طريقنا حتى وصلنا إلى المستشفى المعمداني”.
وأكد “الأورومتوسطي” أنه سبق ووثق العديد من حوادث قتل جيش الاحتلال مدنيين فلسطينيين دهساً تحت جنازير الدبابات بشكل متعمد وهم أحياء.