سامي ابو عون- الحياة الثقافية – غزة – عبد المطلب النخال في بحر السنين وجدف بمجداف التاريخ القريب وارسى مركبه عند ضفاف الشهيد و المثقف يوسف العلمي .
اذن هي غزة شفاء الحرف و غينها منتصب القوام و حرفها بعظامنا مشدود و مداها في مد العبارات و التفسير من اسم الودود
وهي من جلد الثبات راية عصية في وجه التجهيل و الاهمال ستنهض حتما من كبوة السنين
عفية الابدان رشيدة السبيل مصقولة القوام و المقام و هي أميرة الكتاب في تثاؤب الكلمات فوق ضفاف الصباح و هي التي لبست جيد الازمان و تعمشقت العلو بقاء و تحزمت الاسرار و خاطت جسد الالام بابرة الصبر و السنين.
ينتمي الشهيد يوسف العلمي لعائلة عريقة و اصيلة من عائلات غزة هاشم المشهود لها بالتاريخ الحافل بالعطاء و المكان و المكانة الوطنية الاجتماعية الثقافية و عرفت بعلمي صلاح نسبة الى جدهم صلاح الذي أتى من جبل العالم في المغرب و يرجع نسبهم الى الامام الحسن ابن علي طالب عليهما السلام وقد لقبوا بالعلمي الحسني و قد هاجرت قبيلتهم من الحجاز الى المغرب العربي في زمن الدولة الاموية عام 172ه.
وعاشوا في مصر و بلاد الشام و فلسطين.
ولد الشهيد في مدينة غزة عام 1895م و انهى تعليمه في المدرسة الرشيدية بغزة ثم سافر الى لبنان ودرس في دار المعلمين في بيروت وكان من اصدقائه الحاج أمين الحسيني
ولم يعمل في التدريس بعد تخرجه فقد عمل في التجارة وتنقل بين القاهرة و غزة و القدس و نابلس وكان له دور مميز في العمل الثقافي و الاجتماعي بعد أن عين في مجلس بلدية غزة عام1928م وكذلك شارك الشهيد في الثورة الفلسطينية من خلال بث الفكر و الثقافة المعرفية في صفوف الشعب كي يعي ما يدور و ما يحاك ضده من تجهيل للشعب الفلسطيني من مؤامرات ضياع الفهم في نيل حقوقه وقد تعرض للاعتقال عدة مرات من قبل الاحتلال البريطاني
كان الشهيد من الوطنيين الصالحين محبوبا ذو خلق و تاريخ مشرف محبا لوطنه ناجح في حياته و من زعماء الحياة السياسية و الثقافية وكان من الشخصيات التي كانت محط استهداف الانجليز لدوره البارز والمميز في مقاومة الاحتلال
تم اغتيال الشهيد يوسف العلمي برصاص الغدر و الخيانة من عملاء الانجليز في غزة عام1939م و ذلك وقت خروجه من منزله متوجها الى محل عمله التجاري و كان اخر كلامه نطق الشهادتين ثم شيع جثمانه في موكب مهيب بمشاركة الكثير من الوطنيين و المثقفين من عموم فلسطين الى مثواه الاخير فرحمة الله عليه.
ترك الشهيد ستة أبناء من زوجته زكية عبد الرحمن شعث التي حافظت على ابنائها و ربتهم تربية زكية .
هم:-
سامي و عدنان و سفيان و بشير و زهير وقد حصلوا على اعلى الدرجات العلمية و الاكاديمية و تبوءوا عدة مناصب رفيعة بعد ان اكملوا تعليمهم.
فقد عمل سامي مديرا عاما للبنك العربي في بيروت و عمل عدنان مديرا عاما لفرع البنك العربي في جدة في السعودية أما سفيان و بشير فيعتبران من اشهر الاطباء فالاول عمل رئيسا لاطباء مستشفى الجزيرة العام الكبير في ابو ظبي أما بشير فقد كان من اشهر اطباء مدينة الحسين الطبية بالاردن وعمل محاضرا بكلية الطب في الجامعة الاردنية .
اما سميح فقد حصل على اعلى درجة علمية في مجال التحاليل الطبية و له ابحاث و انجازات عديدة.
اما الدكتور زهير فهو اقتصادي بارع و شريك رئيسي في شركة (خطيب و علمي)التي تنفذ اعمالها في العديد من اقطار العالم.
قام ابناء الشهيد ببناء المدارس في انحاء غزة على نفقتهم الخاصة كما قاموا ببناء و ترميم المساجد و شاركوا في بناء اقسام كاملة في المستشفيات و كذلك ساهموا بانشاء و دعم العشرات من المؤسسات و الجمعيات العامة و تنفيذ كثير من المشاريع الثقافية و الاجتماعية التي تخدم المجتمع الفلسطيني و قد كانوا من السباقين في تقديم العون و المساعدة في أي عمل انساني.
واخيرا نقول:
الى متى تبقى الكراهية و الحسد للابداع و للمواهب في غزة و ليس كما حصل مع الشهيد يوسف العلمي من تصفية جسدية فالقتل له الف لون ووجه كالتهميش و الاقصاء و التشكيك و غير ذلك من القتل المعنوي و الذي يطال كل قائد صاحب فكر و كل مبدع و موهوب و ليس وراءه تنظيم يدعمه أو يحميه أو عائلة كبيرة تقف معه و تؤازره و لكن ستبقى غزة عصية رغم انف الالم.