القدس : محمد ابو الريش في منطقة شرق القدس لا يتصف الليل بالهدوء والصمت كما في أي مكان آخر، فصوت الرصاص حاضر في ظل غياب الأجهزة الأمنية التي تجد صعوبة في التنسيق مع الإسرائيليين لدخول المنطقة، هذا إن سُمح لها، بالإضافة إلى انتشار المخدرات. أما المواطنون فإن لم يسكنهم الرعب فإن النوم يهجرهم على أقل تقدير.
احمد حامد (39عاما) اب لثلاثة اطفال بات يخشى الاقتراب من نافذته ليلا خوفا من رصاصة طائشة قد تخترق الزجاج، ففي كل يوم في بلدته العيزرية يعود لمنزله مبكرا ولا يسأم من اعطاء الاوامر لابنائه بعدم الاقتراب من شرفة المنزل بعد الساعة الثامنة مساء.
وتخضع منطقة شرق القدس (العيزرية، وأبوديس، والسواحرة) للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، والمدنية الفلسطينية، ما يعيق دخول أجهزة الأمن الفلسطيني بشكل طبيعي إلى المنطقة.
يقول حامد: “هذه المنطقة مرعبة الى حد لا يطاق، ولولا سوء الاحوال الاقتصادية وصعوبة الوصول الى مكان عملي لانتقلت إلى مكان آخر أكثر أمنا”.
ولا تقف المشكلة في المنطقة عند انتشار السلاح والاستخدام غير المرخص له، بل تتعدى ذلك إلى انتشار المخدرات والسيارات المشطوبة، وانعدام السلم الاجتماعي، وتلك العمليات تتم تحت حماية الرصاص غير المرخص.
وفي ذلك، توضح إحصائية للشرطة ان7 قتلى قضوا على خلفية الثأر بين عامي 2011-2012، من بين 715 قضية اخرى مختلفة.
أما عناصر الأمن الفلسطينيون فيتعرض كل من يخالف التنسيق للاعتقال من قبل سلطات الاحتلال، الأمر الذي جعل “شرق القدس” منطقة مريحة لممارسي تلك النشاطات غير المشروعة.
من جهته، يرى مدير شرطة ضواحي القدس المقدم عماد ياسين ان السبب الرئيسي لانتشار الجريمة في المنطقة هو غياب السيادة الكاملة للشرطة الفلسطينية، وباقي الاجهزة الامنية على المنطقة.
ويبين ياسين ان اي تحرك للشرطة الفلسطينية يجب ان يكون مسبوقا بـ”تنسيق مع الاحتلال الذي يتعمد التأخير دوما ما يعيق القبض على المجرمين، كتجار المخدرات المخدرات وهذا ما يجعل الجناة يفلتون من قبضة القانون”.
“حمل السلاح ولبس الزي الرسمي ممنوع على الشرطة الفلسطينية هناك، وبالرغم من تلك القيود الا ان العديد من القضايا انجزت وتم تسليم العديد من المطلوبين للعدالة ومحاكمتهم”.
وعن تجارة المخدرات، يقول ياسين ان “عمليات النقل تتم في نقاط التماس مع الاسرائيليين، لان الخارجين عن القانون يعلمون ان رجل الامن غير قادر على اداء مهامه بالمستوى المطلوب في تلك المناطق”.
وبالرغم من ان حملة امنية واسعة هي الاولى من نوعها شنتها الاجهزة الامنية في منطقة (العيزرية وابوديس والسواحرة) قبل شهر، بعد تنسيق امني استمر أشهرا طويلة، اعتقل فيها عشرات المطلوبين، الا “انها لم تكن رادعا كافيا للخارجين عن القانون والهاربين، الامر الذي دعاهم للخروج بعد يوم من انتهاء التنسيق الامني واطلاق الرصاص في الهواء وعلى الاملاك الخاصة بالمواطنين تحت جنح الظلام مرات عديدة”، كما يوضح ياسين.
وأصبحت المنطقة في نظر المواطنين “تحكمها شريعة الغاب والبقاء فيها للاقوى”. يقول ضياء ابو زياد (31 عاما) ان “المجرمين قليلون في المنطقة لكنهم يملكون السلاح ولا يجدون رادعا حقيقيا يمنعهم من الاستمرار في خرق القانون لذا باتوا الاقوى”.
ويضيف: الاطفال لا ينامون الا على صوت الرصاص بدلا من ان يعيشوا طفولتهم البريئة، ولم يعد يسمح لهم باللعب في الخارج او المشي بالشارع ولا حتى ممارسة نشاطاتهم في المرافق العامة بالمنطقة خوفا من وقوع حادث ما.
ويوضح أبو زياد ان “معظم عناصر الأمن يكتفي بكتابة التقارير وتسليمها لقيادة الاجهزة الامنية، الا قلائل منهم يحاول ان يمارس نشاطه لكنهم انهم باتوا اما ملاحقين من قبل سلطات الاحتلال او مطلوبين لرجال العصابات الذين اطلقوا النار على منازلهم واملاكهم الخاصة جراء عملهم في الاجهزة الامنية وهم معرضون للخطر كما المواطنين الاخرين”.
وافاد مصدر أمني لـ دوت كوم ان اكثر من حالتي اطلاق نار تمت على ضباط وافراد في اجهزة الامن الفلسطينية بعد الحملة الامنية التي قامت بها في المنطقة.
القدس دوت كوم – محمد ابو الريش.