عبرات من إضراب الأسرى
شكرا للجزائر ولجريدة «الشعب» الجزائرية الرسمية مرات ومرات
شكرا لها لأنها تصدر منذ أكثر من سنتين ملحقا خاصا بالقدس والأسرى الفلسطينيين فشكرا لها لهذا الاهتمام الذي لا نستبعده على بلد ثورة المليون شهيد، لأنها كانت مبادرة فسبقتنا وسبقت صحافتنا الفلسطينية، لأنها أثبتت أنها فلسطينية أكثر من كثيرين منا، لأنها تعرف مكانتها وامتدادها في المغرب العربي ورأت أن يكون لفلسطين جزء من هذا الامتداد، لأنها وسيلة إعلام لها مداخلها لأوروبا فرأت أن يكون لفلسطين نصيب في هذا الامتداد، لأنها استضافت مؤتمر نصرة الأسرى الفلسطينيين، لأنها البلد الأكثر التزاما في دعم فلسطين بين كل الدول العربية والأقل جعجعة، لأنها أعلنتها بصريح العبارة على لسان رئيسها الراحل هواري بومدين «مع فلسطين ظالمة أو مظلومة»، لأن مواقفها مبدأية وليست انفعالية أمام الإعلام وتنطلق من استقلالية قرارها، فقد كانت وستظل منارة ومثالا للثورة.
شكرا لمن فهموا وقدروا صبر الأنبياء
حياد إبليس
أسرانا يضربون عن الطعام ويسجلون بنضالهم ما هو أكبر وأقدس من مقاييس غينيس التي اجترحها كل من دخل هذا الكتاب على مستوى العالم، سواء كان من حيث طول أيام الإضراب عن الطعام التي وصلت إلى سبعة أشهر بالتمام والكمال حتى كتابة هذا المقال، أو من حيث المدة التي قضاها الأسرى في السجون والتي تعد بالعقود وليس بالأيام والأشهر والسنوات، سجلوا أطول حكم في العالم على مر التاريخ والذي يعد بآلاف السنين، سجلوا أسرع محاكمة عرفها التاريخ حتى أيام الانتداب البريطاني.
ورغم ذلك ما زال هناك في العالم وفي فلسطين نفسها من يتجاهل ذلك، ما زال التضامن معهم أقل بكثير مما يقتضيه الموقف.
ورغم ذلك نرى الصليب الأحمر الدولي « المحايد» حياد إبليس تجاه الفتنة يغلق أبوابه في وجه أهالي الأسرى، وكأن ما يواجهونه من حواجز وعذاب ومعيقات الزيارة والتفتيش العاري وغير العاري لا يكفي، ليضيف الصليب الأحمر حاجزا آخر بتحويل أهالي الأسرى إلى أريحا بدلا من رام الله لحجز تذاكر الزيارة.
لماذا بكى أبو رامي مرتين؟
وزير حالي ووزيرة سابقة حضرا لنصف ساعة إلى خيمة الاعتصام يوم الأربعاء ألقيا خطبتيهما في جمع من أهالي الأسرى وغادرا حين بدأ والد الأسير رامي فضايل كلمته. فبكى مرتين، مرة لأنه يتحدث عن فلذة كبده ومرة لأن الوزيرين لم يكلفا نفسيهما عناء الاستماع لكلمته رغم نداءات أحد القائمين على تنظيم الاعتصام لهما. كيف سيثق أهالي الأسرى أن مثل هذين المسؤولين سيتخطى اهتمامهما بقضية الأسرى زمانيا ومكانيا نصف ساعة من الزمن ونصف متر أمام خيمة الاعتصام.
أليس هذا الموقف المؤسف خيبة أمل بحد ذاتها؟
مرة أخرى أقول شكرا لمن يقدرون صمت الأنبياء.
الحياة الجديدة.