عمان: ظهر خلافا للعادة رئيس الديوان الملكي الأردني فايز الطراونة على شاشة التلفزيون مساء السبت في حوار مطول هدفه إسناد رئيس الوزراء الجديد الدكتور عبدلله النسور الذي تم تكليفه بقيادة حكومة المشاورات البرلمانية الجديدة بعد ثلاثة أسابيع من الترقب والإنتظار.
وحسم العاهل الأردني جدلا عنيفا إجتاح الأوساط السياسيية والبرلمانية عندما أعاد تكليف الدكتور النسور برئاسة وزارة جديدة مع خطاب تكليف مختصر يتحدث عن تعزيز الإصلاح السياسي والديمقراطي والتركيزعلى الأولويات الإقتصادية الصعبة.
وكان البرلمان قد وضع بين يدي القصر الملكي ثلاثة خيارات بينها تكليف شخصية برلمانية بالرئاسة أو التجديد للنسور أو تكليف نائبه الدكتور عوض خليفات.
وفاز النسور بهذا السباق الماراثوني البرلماني الذي حبس أنفاس السياسيين بدعم وإسناد قوي من شخصيات وأوساط نافذة في مستويات القرار من بينها الطراونة نفسه.
وتظهر ملامح الأجندة الإقتصادية تحديدا على تكليف النسور للمرة الثانية في إطار إكمال الرجل لمهمته الخاصة بتحرير الدعم الرسمي للسلع والخدمات وإكمال مسلسل الإستجابات لوصفات صندوق النقد الدولي.
ورغم أن نحو ثلث أعضاء البرلمان قرر تسمية النسور رئيسا للوزراء بحيث أنقذت المشاورات البرلمانية في اللحظات الأخيرة إلا ان التجديد للنسور لا يعتبر بحال من الأحوال من الخيارات الشعبية بسبب رفع وزارته لأسعار المحروقات وإصراره على إجراءات قاسية.
وكان النسور وبعد أيام من تكليفه بحكومته الأولى قد أبلغ القدس العربي مباشرة بأنه كان يعرف بوجود أزمة إقتصادية لكنه لم يدرك حجمها وحساسيتها حتى أصبح رئيسا للوزراء.
ومن المرجح أن النسور سيحاول تسجيل بصمات تاريخية على موقع الرئاسة الثانية بعدما إستطاع تدوين إسمه كاول رئيس وزراء في تاريخ المملكة يختار بآلية مزدوجة وبعد مشاورات يشارك فيها البرلمان ممثلا للشعب وإن كانت المعارضة السياسية قد وصفت المشاورات من حيث المبدأ بأنها شكلية.
تكليف النسور للمرة الثانية حصل بسبب شراسته في الدفاع عن الأولويات الإقتصادية ومصارحته للشعب عدة مرات بخصوص قرب إفلاس الخزينة وإرسال رسائل مناكفة لدول الخليج العربي التي تتجاهل الحاجات الإقتصادية الأردنية.
لكن معركة الحصول على ثقة البرلمان لن تكون سهلة أمام النسور وفقا لتقديرات الخبراء فالرجل سيواجه بعاصفة من الإنتقاد وسيحتاج لمساعدة مؤسسات مهمة وفاعلة في القرار حتى يفلت بحجم معقول من أصوات الثقة البرلمانية .
وتنقسم كتل البرلمان على نفسها في مسألة النسور فغالبية النواب يعترفون بقدرات الرئيس الجديد الذاتية والذهنية لكن عدد كبير من النواب يسجلون عليه دفاعه عن جزئية رفع الأسعار بدون رحمة خصوصا على الطبقات الفقيرة والمهمشة.
ويحسم تكليف النسور جدلا تسببت به حالة زحام نخبوية لكن النسخة الجديدة من النسور بالحكومة الطازجة وفقا لمقربين جدا من النسور ستشهد تحولا دراماتيكيا بشخصية الرجل الذي أصبح رئيسا للحكومة بصلاحيات أوسع وأشرس بحيث سيعمل على إخضاع بقية مؤسسات الدولة وسيسيطر تماما على آلية إتخاذ القرار بعيدا عن أي شركاء.
النسور الأن في موقع قوة وجميع المسئولين في مواقع القرار الأخرى في موقع أضعف في مواجهته فالرجل بخبرات واسعة وذكية وإمكاناته العملية كبيرة ووجود قاعدة برلمانية متينة تدعمه سينقله بنعومة من حاجز ثقة البرلمان أما خصومه السياسيون وعلى رأسهم نائبه الشهير الدكتور عوض خليفات فأمامهم عاصفة تتحضر لتعيد إنتاج المشهد.
سياسيا لن ينطوي إعادة تكليف النسور على أي دلالة إيجابية بخصوص التهدئة مع الشارع أو الأخوان المسلمين.
وإجرائيا لن يكون النسور مسئولا عن ملفات الدفاع والخارجية وسيركز على المسألة الداخلية وتحديدا الأجندة الإقتصادية.
القدس العربي.