لندن: تقول صحيفة “ذي غارديان” ان “التعاون” مع اسرائيل بشأن مصادر مياه الضفة الغربية ساعد على تعزيز المستوطنات غير الشرعية وتدمير حل الدولتين. يقول تقرير صدر حديثا ان اتفاقية اوسلو للعام 1993 بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية ساهم في ذلك وبخاصة على مدى عشرين عاما. والصفقة بين عرفات ورابين دارت حول العملية اكثر منها حول تامين سلام دائم. وخلال تلك الفترة استمرت اسرائيل في توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، واستولت “حماس” على غزة، وانتقلت اسرائيل الى اليمين. ولم تفض المفاوضات شيئا فشيئا الى شيء. وفيما يلي التقرير الذي بعث به مراسل الصحيفة ايان بلاك:
تقول دراسة اكاديمية جديدة ان قضية المستوطنات اعتبرت “تعاونا” ثنائيا حول مصادر المياه فيما بدا انه هيمنة عليها، لا يقتصر الامر فيها على اقرار الفلسطينيين بالمطالب الاسرائيلية ولكن على انهم “موافقون على استعمارهم”.
وقال جان سلبي من جامعة ساسيكس انه يتبين من سجلات لجنة المياه المشتركة الفلسطينية الاسرائيلية ان اسرائيل اشتركت لتحسين مصادر مياه الفلسطينيين موافقة السلطة الفلسطينية على مرافق مياه جديدة للمستوطنات. وهكذا فان الفلسطينيين يواجهون شح المياه ونظاما غير متطور لمصادرها، لكنهم وافقوا في مختلف الاحوال. فالمستوطنات ليست غير شرعية فحسب بموجب القانون الدولي ولكنها من العواثق الرئيسية لقيام الدولة الفلسطينية.
وبناء المستوطنات يعني ان احد الجانبين يلتهم قطعة الكعك بينما المفاوضات تستمر حول كيفية تقسيمها.
نشأ نظام اوسلو للمياه في العام 1995، وهي السنة التي اغتيل فيها رابين على يد اسرائيلي يميني. وتوضح لجنة المياه المشتركة ان الفلسطينيين طالبوا بكميات من المياه تبلغ اربعة اضعاف اسرائيل، لكن اسلوبهم كان مختلفا. اذ كان الفلسطينيون يعملون للحصول على خطوط توزيع صغيرة داخل وبين الجاليات الفلسطينية. بينما سار الاسرائيليون لتركيب شبكة توزيع كبيرة للمياه بين المستوطنات، وربط المستوطنات بشبكة المياه الاسرائيلية، ما اثار تساؤلات حول نوايا اسرائيل على المدى الطويل. وجوبهت المشروعات الفلسطينية بالانتظار لفترات اطول للحصول على موافقة الاسرائيليين.
وعكست اوسلو اولويات اسرائيل – تحديد استهلاك الفلسطينيين للمياه والمحافظة على سيطرتها على المصادر الجبلية. لكن الاتفاقية استثنت قطاع غزة ونهر الارن و60 في المائة من الضفة الغربية (المنطقة “سي”) التي ظلت تحت سيطرة الامن الاسرائيلي مباشرة.
والاختلاف في التوازن انعكس في الحقائق على الارض. قام الفلسطينيون بحفر الابار وانشاء الصهاريج من دون موافقة بين 2010 و2011، دمر الجيش الاسرائيلي منها 50. اما الاعمال الاسرائيلية الاحادية فكانت تتم بامر الحكومة وظلت بعيدة عن السلطة الفلسطينية.
تعرض عرفات وخلفه محمود عباس للانتقاد من ابناء شعبهم للقصور في اعداد اتفاقية اوسلو والدور الذي لعبته السلطة الفلسطينية بشأن المستوطنات والقضايا الاخرى. وكان كلا الرجلين على معرفة بموافقة السلطة الفلسطينية على البنية التحية لمياه المستوطنات.
وكشفت الاوراق الفلسطينية التي نشرتها “ذي غارديان” و”الجزيرة” في العام 2011 عن مدى التنازلاات التي قدمها الفلسطينيون خلال المحادثات الاخيرة مع اسرائيل في العام 2008. وتعرض المفاوضون الفلسطينيون الى تهم خيانة قضية الشعب.
وقال سلبي ان “ايا من الطرفين لم يكن راضيا عن هذه النتائج. فاسرائيل ظلت تستغل حاجة الفلسطينيين لتحسين مصادر المياه. والسلطة الفلسطينية كانت تحت ضغوط الموافقة على بقائها تحت الاستعمار، ولم تتحد تكتيكات اسرائيل الخبيثة بالقوة التي كان عليها ان تستخدمها. ثم ان المانحين الدوليين وقفوا الى جانب او تعاونوا في النشاط الذي يناقض احكام القانون الدولي، وينتهك سياساتهم بشأن مسيرة السلام، وهو ما ساعد على الاساءة الى امكانية حل الدولتين”.