بغداد ــ براء الشمري /تشهد محافظة الأنبار غربي العراق، صراعاً سياسياً تصاعد بشكل واضح خلال الأيام الماضية، وسط تحذير زعماء قبليين من احتمال استغلال تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) هذا الصراع للعودة إلى المدن المحررة في المحافظة، بينما يخشى آخرون من تمدّد مليشيات “الحشد الشعبي” في الأنبار من خلال استمالة بعض أطراف الصراع على حساب أخرى.
وكشف عضو في مجلس محافظة الأنبار، عن وجود انقسام كبير داخل المجلس بين معسكرين، الأول يساند المحافظ صهيب الراوي، والآخر يقف ضد المحافظ ويدعمه أعضاء مجلس الأنبار المنضوين ضمن “كتلة الحل”، مشيراً إلى أن الانقسام وصل إلى حد توجيه الاتهامات بالفساد والمطالبة بإقالة الراوي. ولفت عضو المجلس الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى تشكيل عدد من أعضاء المجلس كتلة لإقالة الراوي، مؤكداً أن هذه الكتلة تشكّلت بعد الخلافات العميقة بين المحافظ وقيادة “كتلة الحل”. يُشار إلى أن “كتلة الحل” في مجلس محافظة الأنبار تتبع لـ”حركة الحل” ويترأس الأمانة العامة للحركة عضو البرلمان العراقي عن المحافظة محمد الكربولي
من جهته، قال عضو مجلس محافظة الأنبار طه عبد الغني، إن المجلس لن يقبل بما سماه الابتزاز الذي تقوم به “حركة الحل”، موضحاً في تصريح صحافي أن 17 عضواً في مجلس الأنبار صوّتوا لصالح قرار “رفض الابتزاز” من مجموع 22 عضواً حضروا الجلسة.
وفي سياق متصل، حذر عضو تجمّع العشائر المتصدية لـ”داعش” فاضل العيساوي، من تبعات الخلافات السياسية التي تشهدها محافظة الأنبار، مؤكداً لـ”العربي الجديد” أن تنظيم “داعش” قد يستغل الانشغال بالصراعات لينفذ هجمات مباغتة في المدن المحررة. وأضاف: “سبق لداعش أن هاجم مدينة الرطبة في محافظة الأنبار واحتلها لساعات، وهذا الأمر قد يتكرر في مدن أخرى محررة كهيت والرمادي والفلوجة”، مشيراً إلى أن خطر التنظيم لا يزال كبيراً ما دام يسيطر على مساحات واسعة من الصحراء الغربية لمحافظة الأنبار. ودعا العيساوي القوى السياسية في الأنبار إلى تجاوز الصراعات والعمل على تحرير الصحراء وبلدات القائم وراوة وعانة من سيطرة “داعش”، معرباً عن تخوفه من استمرار الخلافات حتى موعد الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في سبتمبر/أيلول المقبل.
وأدت الخلافات السياسية في الأنبار إلى تراجع الدعم الذي كانت تتلقاه المحافظة من المجتمع الدولي. وقال عضو مجلس المحافظة عذال الفهداوي، إن عمل المنظمات الدولية في المحافظة تراجع بشكل واضح، موضحاً في بيان أن أغلب الخدمات لم تكتمل لعودة عدد كبير من النازحين الذين ما يزال جزء منهم في المخيمات. وعلى الرغم من إعلان القوات العراقية العام الماضي عن تحرير مدن الفلوجة والرمادي وهيت ومناطق أخرى في الأنبار، إلا أن عدداً من بلداتها الغربية كالقائم وراوة وعانة لا تزال تحت سيطرة تنظيم “داعش”.
في هذه الأثناء، يخشى زعماء قبليون محليون من تمدد مليشيات “الحشد الشعبي” في محافظة الأنبار مستغلة الصراع السياسي الحالي الذي يدور بين سياسييها. وقال جاسم العلياوي، وهو أحد شيوخ العشائر في قبيلة الدليم، إن الأنبار تشهد، منذ أسابيع عدة، تسابقاً من قِبل المليشيات لفتح مقرات واستقطاب الشباب العاطل عن العمل، محذراً في حديث لـ”العربي الجديد” من تغاضي محافظ الأنبار صهيب الراوي، ومجلس محافظة الأنبار عن فتح مقرات لمليشيات متهمة بارتكاب جرائم ضد المدنيين في المدن والمناطق التي حررتها القوات العراقية من سيطرة “داعش”.
وأشار إلى تشكيل مليشيا “النجباء السنية” في مدن الأنبار المحررة وخصوصاً مدينة الرمادي والقرى المحيطة بها، موضحاً أن هذه المليشيا تمثّل الذراع المسلحة لمليشيا “النجباء” المرتبطة بإيران في محافظة الأنبار، مؤكداً أن تشكيل هذه المليشيا ليس الأول، إذ سبق لمليشيا “بدر” التي يتزعمها النائب هادي العامري فتح مقر لها في منطقة الفلاحات غربي مدينة الفلوجة في الأنبار. وأضاف: “قد تستغل هذه المليشيات الخلافات التي نشبت أخيراً داخل الحكومة المحلية في الأنبار لإيجاد موطئ قدم سياسي من خلال دعم بعض الأطراف المتنازعة على حساب أخرى”، لافتاً إلى أن قادة المليشيات بدأوا يتدخلون في الملف الأمني في الأنبار وأطلقوا سراح عدد من المعتقلين مقابل مبالغ مالية كبيرة.
في سياق متصل، قال المحامي فراس الراوي إن عدداً من المعتقلين في سجون الأنبار يتم الإفراج عنهم بعد الحصول على تزكية من المليشيات، وتقديم كتب تشير إلى أنهم أعضاء في “الحشد الشعبي”، موضحاً في حديث لـ”العربي الجديد” أن ذوي المعتقلين يحصلون على هذه الكتب الموقّعة من قادة فصائل “الحشد” مقابل مبالغ مالية كبيرة. وأشار إلى عدم قدرة الأجهزة الأمنية المحلية على الوقوف بوجه ضغوط المليشيات المنتشرة بشكل واضح في محيط مدينتي الرمادي والفلوجة، فضلاً عن مقراتها الثابتة في كورنيش الفلوجة، والسجر والأزركية شمال المدينة.
وكان آمر “فوج الشهيد جلال” في طوارئ الأنبار، عاشور جلو، قد كشف في وقت سابق عن قيام القوات العراقية بإطلاق سراح قيادات وعناصر في تنظيم “داعش” مقابل مبالغ مالية تصل إلى 40 ألف دولار.
العربي الجديد