صراع الإرادات بين الفلسطينيين والاسرائيليين…بقلم:فايز رشيد

2014/08/27
Updated 2014/08/27 at 8:56 صباحًا

فهرس

نعم بالفعل، التعبير كما ورد في العنوان هو الأدق في وصف ما يجري بيننا وبين اسرائيل في المجالين، العسكري والسياسي . سواء كان في الرد على اسرائيل أو في المفاوضات الفاشلة التي جرت معه في العاصمة المصرية، وعودة الصراع إلى مربعه الأول، واستئناف الاعتداءات بحق الفلسطينيين .

رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو تعمد إجهاض المفاوضات، وفقاً للمبادرة المصرية، والوفد الفلسطيني أعلن تمسكه بمطالبه . حالة من اللاجدوى والعبثية طبعت مفاوضات القاهرة . هذا الوضع يطرح تساؤلات عديدة، لعل من أبرزها: ما قيمة المفاوضات مع مثل هذا الجانب؟ هل كان رأياً صائباً إرسال وفد فلسطيني للتفاوض، ولو بطريقة غير مباشرة؟ وهل حقاً كان هناك من يتصور الاستجابة الإسرائيلية للمطالب الفلسطينية؟ وخاصة من خلال الائتلاف الحكومي الحالي الذي هو في حقيقته، يميني.

بداية، صحيح، أن الصمود الفلسطيني العظيم يمنع اسرائيل من تحقيق أهدافها، ولكن إسرائيل حاولت في المفاوضات تحقيق ما عجزت عن إنجازه في العدوان العسكري . إسرائيل وضعت هدفاً رئيسياً من المفاوضات واعتبرته شرطاً وجوبياً وهو نزع سلاح المقاومة الفلسطينية في القطاع، ولا تزال تصرّ على هذا المطلب . كما أرادت من المفاوضات، تعميم نتائج أوسلو على قطاع غزة، ونقل تجربة الضفة الغربية إلى القطاع . كما هدفت وتهدف الحكومة الائتلافية، إلى تحسين صورتها في الشارع الإسرائيلي، ومنع تشكيل لجنة تحقيق للبحث في تقصيراتها، والمستوى القيادي العسكري للجيش، أثناء المعارك، استباقاً لمنع تحميل نتنياهو ووزير دفاعه يعلون ورئيس الأركان وآخرين مسؤولية التقصير وإقصائهم جميعاً من مناصبهم . إسرائيل حاولت ألا تظهر أنها تتفاوض مع الفلسطينيين وخاصة مع الفصائل المعارضة لنهج أوسلو، لذلك اتبعت تكتيكاً في المفاوضات، يتمثّل في عدم الجلوس مدة طويلة في القاهرة، وإنما السفر بينها وتل أبيب مرات متعددة، في الوقت الذي مكث فيه الوفد الفلسطيني، أياماً طويلة (وغادر مرة واحدة فقط، للتشاور مع القيادات المسؤولة قبل عودته النهائية) . بالطبع إسرائيل تحرص على هذا الشكل التفاوضي الذي لم يأت صدفة .

أيضاً، فإن سن قوانين جديدة في الكنيست في العامين الأخيرين، هدف على الأغلب إلى تقييد حركة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في اتخاذ القرارات التي تعتبرها مصيرية، منفردة، بل يجب عليها أن تأخذ موافقة ثلثي أعضاء الكنيست (80 من 120)، وهذا من المستحيل تحقيقه في الكنيست اليميني الاستيطاني الحالي، الممثل لشارع إسرائيلي 95% منه يعتبر أن العدوان على غزة كان عادلاً . هذا وفقاً لإحصائية حديثة، أجراها “معهد إسرائيل للديموقراطية” ونشرت نتائجها بالعربية (الاثنين 18 آب الحالي) .

من هذه التقييدات، رفض التنازل عن أي شبر من “أرض إسرائيل”، صفقات تبادل الأسرى، القرارات المتعلقة بكافة التسويات مع الفلسطينيين أو مع العرب وغيرها، لذا فإن المطالب الفلسطينية تعتبرها إسرائيل “اتفاقيات مصيرية” لها شأن وتأثير استراتيجي على دولتها . أيضاً، فإن أحد قرارات مؤتمر هرتزيليا الأخير (الرابع عشر الذي انعقد في هرتزيليا في أواخر حزيران الماضي) هو التخلص من القوة العسكرية للفلسطينيين في غزة، باعتبار ذلك مهمة رئيسية تجابه إسرائيل . هذه القضايا وغيرها تجعل من الصعب على الحكومة الاسرائيلية الحالية الاستجابة للمطالب الفلسطينية، إلا فيما يتعلق بتجميل وجه اسرائيل، من خلال الموافقة على بعض القضايا التي تعتبرها “إنسانية” (وكأن فعل الاحتلال له وجه إنساني!؟) . للعلم وفقاً لإحصائية أجرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” منذ أسبوعين، فإن 72% من الإسرائيليين يؤيدون توسيع العمليات العسكرية ضد غزة، كما أن أعضاء في الائتلاف الحكومي الحالي، منهم على سبيل المثال وليس الحصر، ليبرمان وزير الخارجية ورئيس الحزب المتطرف “إسرائيل بيتنا”، ونفتالي بينيت الاستيطاني المتشدد رئيس حزب “البيت اليهودي” وغيرهما يطالبون بإعادة احتلال قطاع غزة، فكيف يوافق مثل هؤلاء على المطالب الفلسطينية؟ كما أن معظم قيادة حزب الليكود، وأغلبية أعضاء الحزب أي نحو 78%، (مثلما أشارت استطلاعات كثيرة، وأحدها قامت به صحيفة “يديعوت أحرونوت”) من الأعضاء، يلحون على إعادة احتلال القطاع .

إنه إذاً: الصراع بين إرادتين، بين الضحية والمعتدي، لذا ومع التفهم الكبير لكل العوامل الضاغطة على الوفد الفلسطيني، وعلى شعبنا في القطاع بكل تضحياته ومعاناته، وهدم بيوته، وتشريده، والتنكيل به، ومع عدم الدعوة بالطبع إلى انتحار فلسطيني، فإن معركتنا عادلة، بالعكس من معركة المحتل،إن للصراع قواعده أيضاً . . لا هدنة مع بقاء الاحتلال، فاسرائيل لا تفهم غير لغة القوة . وهذه وحدها كفيلة بإجبارها على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية . قدر شعبنا: المقاومة والصمود . إنه لم يختر معركة، بل العدوان والمعارك مفروضان عليه فرضاً . ووفقاً للثائر الأمريكي اللاتيني الشهير خوسيه مارتيه، “فإن من الغباء افتعال معركة، لكن من الجبن والعار الهرب من معركة جرى فرضها عليك” .

شعبنا بكل فئاته، وفي كل مواقعه،إضافة إلى كل فصائله المقاتلة أعلن بوضوح، رغم الآلام والجراح والشهداء والجرحى، ورغم تجريف البيوت وإبادة عائلات بأكملها، وبرغم كل المعاناة والتضحيات والعذابات: لن نهرب من معركة مفروضة علينا . سنظل نقاوم طالما بقي الاحتلال، لأن معركتنا وحقوقنا مشروعة وسنهزم اسرائيل، لأن إرادتنا هي الأقوى .

القدس دوت كوم

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً