اريحا / ربما لا يكون البقاء بحاجة إلى صراع دوما، لكن في الجفتلك ثمة صراع قاس مع احتلال لا يخطر مسبقا بأنه سيسلب انسانا بيته ويتركه في العراء ليذهب البيت، بمحتوياته، لقمة في فم جرافة جائع.
لا يمر يوم على اهالي بلدة الجفتلك في غور الاردن القريبة على مدينة السلط الاردنية، والتي يقطنها اكثر من 6000 نسمة، دون ان تجول باراضيهم دوريات اسرائيلية تراقب اذا ما كان احد السكان قد عَمر منزلا او نصب خيمة.
وفي المحصلة، هدمت سلطات الاحتلال لأكثر من مرة 12 منزلا اضافة لحظائر الاغنام في البلدة وفق ما اشار مجلس محلي الجفتلك، بحجة عدم وجود تراخيص بناء.
وما يجعل عمليات الهدم أصعب من مثيلاتها هنا هو انها تكون مفاجئة بدون سابق انذار بحيث لا يجد اصحاب المنزل مأوىً عندما تصل الجرافات لتشرع بالهدم، ما جعل اصحاب البيوت يبقون محتويات منازلهم مرتبة بشكل يسمح لهم اخراجها بوقت قياسي فور وصول الاليات؛ على ان بعضهم فضل ان تبقى محملة على عربات جر لنقلها فلا يكون بالمنزل سوى بعض الاغطية والفرشات للنوم.
اما قرارات المحكمة العليا الاسرائيلية بوقف الهدم فتأكلها جرافات الاحتلال ايضا فلا يتم الالتزام بها كما حصل مع المواطن سعود الكعابنة الذي تشرد من ارضه مرتين بفارق زمني طفيف بينهما.
يقول عدد من المواطنين المتضررين بالجفتلك ان عمليات الهدم تكون مباغتة ولا وقت محددا لها، فاحيانا تكون نهارا واحيانا بوقت متاخر من الليل ما يترك السكان وسط ظلام دامس، مع اطفالهم لا يرون به سوى اضواء جرافات الاحتلال والياته.
والتقى مراسل القدس خلال جولة – المواطن سعود الكعابنة (50 عاما) الذي كان ينقذ ما يمكن استصلاحه من ركام منزله المهدم في حين نصب خيمة في المكان لتؤوي اسرته المكونة من 12 فردا.
اما الحيوانات فطال الهدم حظائرها، وبالقرب من ركام منزل سعود يمسك احد اولاد المواطن كعابنة معزة مصابة نجت من الموت، بعد ان هدمت الجرافات الاسرائيلية الحظيرة، مصدر رزق العائلة الوحيد.
يقول سعود ان “حجج تراخيص البناء هم (الاسرائيليون) مسؤولون عن اصدارها، ويمتنعون عن ذلك بقصد تهجيرنا من الارض، لكن انا غير مستعد خصوصا ان والدي هُجر سابقا من ارضه في بئر السبع”.
وسعود واحد من مئات المواطنين في البلدة لا يأمن الواحد فيهم على بيته، فالحاج السبعيني سليمان توفيق هو الاخر كان من بين هؤلاء الذين داست جرفات الاحتلال منازلهم. “اعداد الجنود توحى انهم قادمون لاكبر مما هو هدم .. للترهيب والتنكيل يأتون”، يقول الحاج.
ويصف توفيق كيف حاصر مئات الجنود مساء منزله وهدموه قبل ان يثقبوا خزان المياه الصالحة للشرب التي يشتريها لان المياه التي تصلهم هناك مالحة ولا تصلح لغير الري على انها متقطعة، كما ان الاحتلال يمنع نصب الخيام.
ويطالب سكان المنطقة السلطات الاسرائيلية، باستمرار، بتوسيع المخطط الهيكلي لاستصدار رخص بناء الا ان الاحتلال لا يوافق الا على عدد بسيط جدا لا يتناسب وعدد السكان.
القدس دوت كوم – محمد ابو الريش