غزة/ قررت وزارة التربية والتعليم التابعة للحكومة المقالة، تطوير برنامج “الفتوة” الذي أطلقته منذ أشهر بهدف تدريب طلاب المدارس في المرحلة الثانوية على “مهارات الميدان والتدريب على السلاح”، والعمل على تطبيقه في مدارس الطالبات وإعداد منهج تعليمي خاص بالبرنامج.
وكان تنفيذ البرنامج أثار جدلاً كبيراً، بشأن ما قد يترتب عليه من آثار سلبية في “إحداث موجة من العنف في صفوف الطلاب، بدلاً من إيجاد حالة تزيد من التسامح المجتمعي، وأنه أصبح مادة للاستغلال الإعلامي من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يحرض على حكم حماس بشكل دائم، ويبرز تلك الاتهامات لتبرير الهجمات الإسرائيلية عسكرياً، والتي تستهدف المدارس والطلبة”.وينفى مسؤول ملف التدريب الميداني لبرنامج “الفتوة” العقيد في جهاز الأمن الوطني التابع لأمن الحكومة المقالة، أن يكون هدف البرنامج إيجاد حالة من العنف المجتمعي لدى الطلاب الذين يعتبرون “عماد ومستقبل أي بلاد”.
وقال العقيد محمد النخالة في حديث لـ دوت كوم: “الشعب الفلسطيني يعاني باستمرار من إجراءات الاحتلال واعتداءاته المتكررة، وعانت غزة حربين متتاليتين خلال 4 أعوام فقط، وبرنامج الفتوة يهدف لتفريغ حالة العنف الموجودة لدى الطلاب، وهذا الجيل الصاعد الذي يعيش باستمرار في واقع مؤلم من خلال مشاهدته لجرائم وقسوة الاحتلال، الذي ينتهك المقدسات ويغتصب الأرض الفلسطينية، ويرى الطالب في ابن عمه شهيداً، وشقيقه أسيراً، ما يولد عنده حالة من الاحتقان الشديد، التي يكون بحاجة لتفريغ تلك الطاقة التي بداخله”.
وحول تطوير البرنامج ليشمل مدارس الطالبات، بين النخالة أن هناك أفكار لتطويره ولكن لم تدرس بعد الآليات المتبعة في ذلك وهل سيتم ذات الأسلوب المتبع في مدارس الطلاب وخاصةً أن للطالبات خصوصية لا تسمح بأن تكون مثل ما يُتبع مع الطلاب.
ويرى النخالة في تدريب الطالبات على السلاح ومهارات الميدان والقتال، أنها لا تشكل ضرراً على الفتاة في التدرب على السلاح.
ويرى أستاذ الصحة النفسية في جامعة الأقصى، الدكتور فضل أبو هين، أن إدخال السلاح، ولغة التجييش عملياً في برنامج الفتوة، تعني إقحام بعض النقاط التي لا يستطيع الفتى استيعابها في حياته وستؤثر عليه سلبياً، منادياً بضرورة إيجاد برامج ترفيهية للطلاب، كوسيلة من وسائل تفريغ الطاقة النفسية الموجودة عند الأبناء بسبب معاناتهم المستمرة في ظل ظروفهم الصعبة.
وحول إدراج الفتيات ضمن البرنامج، يقول أبو هين:”الفتيات يتعرضن لما يتعرض له الفتيان، من تراكم نفسي، بسبب العادات والتقاليد التي تحرمهن كثيراً من القضايا، ويعيشن في تأثير نقاط حساسة داخل عقولهن وانفسهن، وإدخال السلاح لحياتهن يعني تفجير النقاط الضعيفة داخلهم”، مشدداً على ضرورة تفعيل برامج رياضية ترفيهية تحقق الصحة النفسية، والوعي المجتمعي، بشكل أفضل لتخدم المجتمع مستقبلاً.
وأضاف “كفلسطينيين نعيش في مجتمع سياسي وخلق أمور جديدة أكبر من طاقات وإمكانيات الأنباء على التحمل والممارسة سيكون له أثر سلبي كبير، وخاصةً أن مرحلة المدرسة هي مرحلة لاستيعاب وفتح قنوات عقلية وإدراكية أمام الطلاب والمطلوب مساعدتهم على التركيز وليس التشتت بأمور خارج عن نطاق التحمل”.
وتابع:”لا بد من خلق وعي جماعي، يشكل هدفاً في كيفية توظيف طاقات الشباب في أمور يستطيعون فيها أن يجدوا المتنفس الذي يمنحهم الإدراك والتركيز بشكل صحيح”.
ويوافق الباحث السياسي “مصطفى إبراهيم” نظرة الدكتور أبو هين، في ضرورة إيجاد برامج نفسية وترفيهية للطلاب، خاصةً مع تأثرهم بالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، مشيداً في الوقت ذاته بالبرامج التي تحث الطلاب على القيم الوطنية، والانضباط، والتضحية، في ظل الصراع المتواصل مع الاحتلال الإسرائيلي في إطار نظري وليس عملي، وفق قوله.
ويضيف لـ القدس دوت كوم، ما تقوم به الداخلية بالتعاون مع التعليم هو برنامج عسكري وليس فتوة تعلم الطلاب الرياضة والصبر والثبات وقد يشكل هذا خطرا كبيرا في ظل أن هؤلاء الأطفال اهتماماتهم مختلفة، وتعميم البرنامج على جميع المدارس سيكون خطيرا وخاصةً أن المشرفين على البرنامج ضباط تعودوا على “الصرامة وتلقى الأوامر بجدية مما سيؤثر سلباً على نفسيات الطلاب من خلال تدخلاتهم في تربية الطلاب بشكل عنيف ومعاقبتهم بدلاً من المدارسين من خلال إجبارهم على ممارسة تمارين رياضية قاسية جداً”.
وطالب إبراهيم في ضرورة إعادة النظر في برنامج “الفتوة” وأن تكون هناك حصص رياضية يتعلم من خلالها الأطفال التمارين الرياضية وتدريس القيم الوطنية والثبات والانتماء للوطن بطريقة أفضل من الطريقة القائمة بعسكرة المدارس.
ويرى الباحث السياسي في تصريحات رئيس وزراء الحكومة المقالة “إسماعيل هنية” ووزير التعليم “أسامة المزيني” خلال حفل تخريج الدفعة الأولى من طلاب البرنامج بأنهم “نواة لجيش فلسطين الذي سيحررها” بأنها “شعارات رنانة”، مشدداً على ضرورة التركيز على أننا شعب ضحية ولنا الحق في مقاومة الاحتلال مع عدم الإخلال بحقيقة موازين القوى.
وأضاف “يجب تحميل الشعب أكثر من طاقاته وأن يتم التركيز على التعليم وزيادة حصص العلم للطلاب”، مشيراً إلى أن وزارة التربية والتعليم لم تظهر النتائج الحقيقية للطلاب التي تظهر تراجعاً واضحاً في مستوى الطلاب مع عدم توفر معلمين أكفاء ومؤهلين وذو خبرة للتعليم.
القدس دوت كوم .