يؤكد أرشيف منظمة التحرير الفلسطينية، أن العلاقات الفلسطينية مع جنوب إفريقيا تمتد إلى منتصف خمسينات القرن الماضي، منذ اللقاء الأول الذي جمع الشهيدين ياسر عرفات وصلاح خلف، بقادة ينتمون إلى حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ANC، في المؤتمر الطلابي المنعقد عام 1956، في أوروبا الشرقية، كما يذهب توثيق الذاكرة الفلسطينية إلى تأكيد أول لقاء رسمي جمع الحركة الوطنية الفلسطينية نظيرتها الجنوب إفريقية، من خلال لقاء رتبته الحكومة الجزائرية في الجزائر المستقل حديثا عام 1965، جمع الشهيد خليل الوزير من حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، بالراحل الكبير أوليفر تامبو، الذي كان مسؤولا عن العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي قبل أن يصبح رئيسا له بعد عامين أو أكثر، وشاركت الحركة الوطنية الفلسطينية التي ضمت فعليا، فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى رأسها حركة فتح، مع الحركة الوطنية الجنوب إفريقية، التي ضمت عدة أحزاب، أبرزها حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، والحزب الشيوعي الجنوب إفريقي، منصة مبادئ وأهداف واحدة، تلخص في السعي إلى الحرية والاستقلال والمساواة وتحقيق تقرير المصير، وإنهاء كل أشكال السيطرة بالإكراه، سواء كانت عبر الاحتلال الإسرائيلي أو عبر تشريع نظام الفصل العنصري، المعروف اختصارا بنظام الإبارتهيد. وكان خطاب القرن الأشهر للزعيم ياسر عرفات في الأمم المتحدة عام 1974، مؤكدا حق الشعب الجنوب إفريقي في الحرية والكرامة والمساواة والحياة الكريمة، معلنا إدانته لنظام الإبارتهيد البائد، مؤكدا وقوف الشعب الفلسطيني وتضامنه المطلق مع شعب جنوب إفريقيا. وهكذا يمكن أن يقال إن ازدهارا في العلاقات الفلسطينية قد شهدته أواخر عقد الستينيات من القرن الماضي، بالإضافة إلى عقدي السبعينات والثمانينات، حتى وصلت العلاقة إلى التوافق الضمني، إعلاميا وسياسيا وتضامنيا، في كلا البلدين، على وصف العلاقة بين الشعبين الفلسطيني والجنوب إفريقي، بالشراكة النضالية، أكدتها جملة الراحل الأممي الكبير “نيلسون مانديلا” في منتصف التسعينات، حينما قال: “إن حرية جنوب إفريقيا ستبقى منقوصة ما لم تحصل فلسطين على حريتها”، فيما قال الرئيس الأسبق جاكوب زوما عام 2010، “إننا والشعب الفلسطيني كنا نقاتل سويا”.
وبدتأ ثمار التعاون بين الطرفين الفلسطيني والجنوب إفريقي محمولا على رافعة تضامنية عالمية، حتى بات يقترن ذكر النموذج الفلسطيني، بنظيره الجنوب إفريقي، أو العكس مفسرا للحالة في المنابر الأممية، وهو ما تجلى في إشارة أوليفر تامبو للصراع، في خطاباته الموجهة لمجلس منظمة تضامن الشعوب الأفرو- أسيوية في القاهرة مطلع سبعينات القرن الماضي، وبشكل مركز حول قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قائلا في إحداها ‘إن إصرار إسرائيل في استمرار احتلالها للأراضي العربية، ورفضها للمطالب العادلة للشعب الفلسطيني، قد جعل من منطقه الشرق الأوسط أرضية لصراع متفجر، مما يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين، شكلت جنوب أفريقيا حليفا مهما لفلسطين منذ العام 1994، وتحديدا مع وصول حزب المؤتمر الأفريقي الوطني بقيادة ” نيلسون منديلا” الى الحكم، وتلا ذلك إطلاق علاقات دبلوماسية أصبحت راسخة من العام 1995، وشكلت جوهانسبرغ داعما قويا لفلسطين في جهودها لتحرر والبناء الوطني في ظل تشارك البلدين تاريخيا من المعاناة بسبب سياسات التمييز والفصل العنصري، ودعمت جنوب أفريقيا فلسطين في الأمم المتحدة وعلى مستوى أفريقيا بشكل غير مشروط، ان وصف العلاقة بين الشعبين الفلسطيني والجنوب إفريقي، بالشراكة النضالية، أكدتها جملة الراحل الأممي الكبير” نيلسون مانديلا” في منتصف التسعينات، حينما قال إن “حرية جنوب إفريقيا ستبقى منقوصة ما لم تحصل فلسطين على حريتها”، فيما قال الرئيس السابق جاكوب زوما عام 2010، ” إننا والشعب الفلسطيني كنا نقاتل سويا”. وبالعودة إلى الوراء، فإن عواصم عربية وأجنبية عدة، شهادات صامتة على بداية تشكيل العلاقة الفلسطينية مع جنوب إفريقيا النضالية، انطلاقا من القاهرة التي احتضنت حركات التحرر العالمية إبان فترة حكم الزعيم جمال عبد الناصر، مروراً بالخرطوم والجزائر، وصولا إلى براغ وبودابست وغيرها.
كما اننا نستطيع ان نستنتج طبيعة العلاقة بالتالي:
تتمتع فلسطين وجنوب أفريقيا بعلاقات ودية تعود الى أيام النضال ضد الفصل العنصري عندما أقام المؤتمر الأفريقي والحزب الحاكم ومنظمة التحرير الفلسطينية علاقات ودية أخوية قبل عام 1994، ما أسفر عن التفاهم والعلاقات الجيدة وإقامة الصلات، وبالتالي اعتبرت جنوب أفريقيا قناة مناسبة للتعبير عن معاناة الشعب الفلسطيني وحقوقه وتطلعاته.
تلتزم حكومة جنوب أفريقيا، القائمة على أسس تاريخية وعملية وأخلاقية (حقوق الانسان) بالقضية الفلسطينية ضد الفصل العنصري والاحتلال الإسرائيليين، وقد تعززت العلاقة بين البلدين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية في فبراير1995، اذ افتتحت في ذلك العام السفارة الفلسطينية في جنوب أفريقيا عام 1999، ومكتب التمثيل لجنوب افريقيا برام الله.
تعد لجنة التعاون المشتركة على المستوى الوزاري، وآليات المشاورات السياسية بين جنوب أفريقيا وفلسطين حوافز هيكلية في تعزيز العلاقات بين البلدين، وتعبيرا عن روابط الصداقة والدعم المتبادل القوية والطويلة الأمد بينهم.
اتخذت الدولتان مسارات مختلفة لعزيز هذه العلاقة القوية، وفضلا عن الدعم السياسي القوى للقضية الفلسطينية على الصعيدين الثنائي والدولي، تواصل جنوب أفريقيا تقديم مساهمات مالية لدعم سفارة فلسطين في بريتوريا للاحتفال السنوي بيوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني.
ظلت سياسة جنوب أفريقيا الخارجية ومواقفها الدبلوماسية تجاه الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ثابتة منذ فجر الديمقراطية في جنوب أفريقيا ومنذ قيادة أول رئيس للبلاد نيلسون منديلا، ولا تقتصر هذه السياسة على مواقف بريتوريا واجراءاتها الثابتة في ظل التغيرات التي شهدتها الإدارات الديمقراطية في جنوب أفريقيا.
لقد سعت جنوب أفريقيا منذ وقت طويل الى إيجاد تدابير تصالحية، بادرت الى وضع ودعم مشاريع قرارات لصالح فلسطين، وحضرت العديد من اجتماعات مجلس الأمن التي تناولت القضية الفلسطينية، والتزمت بسلوك تصويتي منسق منذ العام 1994م، ودعمت طلب فلسطين بالاعتراف بها دولة في الأمم المتحدة، وبالتحديد الحملة الدبلوماسية ” فلسطين”194، في العام 2009م، لقد دافعت جنوب أفريقيا عن الفلسطينيين في جميع مؤتمرات السلام التي حضرتها.
من منظور تاريخي تابعت جنوب أفريقيا القضية الفلسطينية عن كثب، ودائما كان موقفها تجاه فلسطين واضحا ومتسقا ومتماشيا مع المجتمع الدولي في دعم القضية الفلسطينية العادلة.
تدعم جنوب أفريقيا قضية الشعب الفلسطيني العادلة لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وتدعم الجهود التي تفضي الى التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، اوهي مستعدة لمواصلة العمل مع المجتمع الدولي في بذل جهود دؤوبة للتوصل مبكرا الى حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، وتقديم مساهمات إيجابية للوصول للسلام والاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط.
ينبغي على المجتمع الدولي أن يلزم بالاتجاه الصحيح المتمثل في ” حل الدولتين” وأن يسعى الى تعزيز عملية السلام في الشرق الأوسط على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة، ومبدأ ” الأرض من اجل السلام” وغيره من التوافقات الدولية.