من يطالع الصحف والمجلات الفلسطينية المقروءة واليومية منها بشكل خاص يجد ان هنالك مساعدات يتم توزيعها على الفقراء واشد الفقراء ومن يستمع ويرى وسائل الاعلام المرئية والمسموعة من هتافات اسعاف ونجدة لابناء شعبنا المحتاجين يظهر له وللوهلة الاولى باننا نعيش في كنف الفاروق عمر ابن الخطاب العادل الامين الذي قال مقولة بمعناها انه ” عدل فامن ونام ” الا اننا ما نلحظه على المساعدات اليوم لا تمس الطبقة الفقيرة العاملة . ولا ادري ان كانت المعايير التي تسير عليها هذه الجهات التي توزع هي مدروسة ام لا ؟؟؟ ولا ندري ان كانت المعايير التي تسير بتطبيقها هي موجهة ام لا ، وإلا كيف نفسر حرمان عشرات الالاف من العمال من هذه المساعدات ؟؟؟ والا كيف نفسر ان المساعدات هي تذهب لفئات محددة سلفاً ومعروفة تحت اطار برنامج يظهر على شاشات كمبيوتر وزارة الشؤون الاجتماعية او غيرها من الوزارات التي اصبحت وصية على الفقراء وما هي باعلم من غيرها بمن هو الفقير من غير الفقير .
وعندما يذهب الاتحاد العام مثلاً ويطالب بحجم بسيط ليقيت به بعض العوائل الفقيرة من العمال العاطلين الكادحين الذين لا يملكون لقمة عيش ابنائهم ويكون الرد وللأسف نعتذر !!! لا يوجد !!! وغيرها وغيرها من الردود السلبية التي يتفنن ملقوها بالحديث بها ، وفي نفس الوقت تقوم هذه المؤسسات نفسها بتوزيعات كثيره هنا وهناك ونحن لا نشكك بالطبع في استحاقية من يحصل عليها متمنين الخير والسترة لجميع الاسر ، لكن حقيقة إننا كنقابات عمالية نغار ونستفز من ان العوائل الأخرى من غير العمال تاخذ وتحصل على الحد الادنى من المساعدات واطفال عمالنا ينظرون بحسر ونساء وشيوخ اهلنا العمال يتحسّرون على ماهم به ينتظرون رحمة الخالق وليس رحمة الخلق .
يعيش عمالنا في ظروف اجتماعية حالكة السواد وامر من القطران الا انه لا احد يشعر بهم وبمرارتهم وبمعاناتهم ولا يشعر بالفقير الا الفقير ، وعمالنا ينظرون الى المؤسسات البنكية والغنية وما غني الاّ الله والتي تقوم ياصدار تعليماتها السامية بارسال الاغذية الى اهلنا المحتاجين في الخارج وهذا شيء اسجابي لكن لماذا اعين هذه المؤسسات تغض الطرف عن عمالنا المسحوقين لماذا هذه الشركات العظيمة لا تعرف عناوين العمال واسرهم وممثليهم .؟؟ متناسين ان هؤلاء العمال هم من يبنون مؤسساتهم واقتصادهم الوطني الذي تعتبر مؤسساتهم وشركاتهم جزءاً لا يتجزأ منه وان هؤلاء العمال هم عماد هذا الاقتصاد ، اذا ما نفهمه فان عمالنا هم فقط ليقدموا العطاء والعرق والدم لبناء لبنات هذا الوطن دون مقابل والا ماذا نفسر هذا الجفاء الاجتماعي في اطار فعاليات شهر رمضان المبارك والفضيل الذي من المفترض ان تكون عيوننا ثاقبة باتجاه العمال والفقراء والاسر الفقيرة . ناهيكم عن تعليمات الرئاسة بتجميد الافطارات الجماعية ظنا منها بأن قيمة هذه الافطارات كانت لا سمح الله ستذهب للفقراء . اعذروني اما اشك في ذلك لانني لدي تجربة في هذه الافطارات بل حضرت قسما منها ونظرت من حولي ولم اجد لا عاملاً ولا فقيراً ولا مسحوقاً بل اجد من حولي كافة اشكال البذخ والرفاهية والربطات الملونة كقوس قزح وبدلات رسمية كل بدلة تسد رمق عائلة فقيرة لمدة لا تقل عن شهر كحد ادنى ، وما شابه ذلك من مناظر غير مقبولة عدا عن كميات اللحوم والاسماك والموائد الفوقية التي كانت تذهب لحاويات النفايات فاين العدالة ؟؟؟ من هنا فانني اشكك بان هذا المنع سياخذ منحاه الطبيعي ، علما أنني أؤيد هـذا المنع الذي جاء بناء على تقدير واضح من القيادة الفلسطينية واحساسها بما يحصل في هذه الافطارات الاحتفالية الكرفانية . وهنالك ظاهرة سلبية اخرى بالمواطنين وخاصة الاغنياء منهم يتجهون الى العزائم والولائم لمن ؟؟ لمن ؟؟ لمن ؟؟؟ اقولها لكم بصراحة وبعد القفز عن اطار الاقارب لان هذا واجب اخلاقي واجتماعي لا اعتراض عليه . الا انهم يتجهون لجلب اصحاب النفوذ واصحاب الكـراسي الزائفة والزائلة انشاء الله الى مستحقيها ، وتدعوهم للمساهرة وللولائم التي تليق بمكانتهم غير المرموقة لدى فقراء هذا المجتمع ، وتقوم بالتقرب منهم وكأنهم يملكون خاتم سليمان وحاشى لله ان يكون ذلك .
عدا عن هذا كله تجد اليوم مؤسساتنا الشعبية والجماهيرية ذات العلاقة بالشعب والجمهور وخاصة العمالية منها تجدها تتبع لظروف قاسية جدا ماديا ومعنويا ولا تلق اي دعم من اي جهة كانت بالعكس يتم محاصرتها تحت شعار التقشف وكأ، المؤسسة التي تحتضن مئات الالاف من العمال كالاتحاد العام لعمال فلسطين تاخذ عشراتالالاف من الدولارات شهريا ، مع العلم أن ما تأخذه مؤسسة كهذه او ما كان من المفروض ان تاخذه هو لا يساوي 1% من مصروف احد الشخصيات المبجلة من أصحاب المعالي ة والنيافة والعطوفة . فاين العدالة ؟؟؟ بالله عليكم اين العدالة ؟؟؟
من هنا فاننا جميعا ودون استثناء مطالبون جميعا بتحمل مسؤولياتنا الاخلاقية والوطنية تجاه عمالنا الفقراء الذين يذهبون ويخاطرون بحياتهم ويطاردون من قبل الجيش الاسرائيلي بشكل يومي ومنهم من يكتب الله له الحياة ويذهب ويجلس وينام تحت العراء والشمس والبرد احيانا ومنهم من لا يجد عملا ويجلس ينتظر رحمة الله والمشغلين المستغلين لظرفهم ، عدا عن انهم يقبعون تحت رحمة العملاء والجواسيس الذين يعملون فقط الى جانب الشاباك الاسرائيلي ويقومون بارشاهم الى امكنة السكن ويقومون الشرطة الاسرائيلية باعتقالهم ويوقعهم في دائرة الحرمان الكاملة ، ولا نريد أن تحدث عن ظروف هؤلاء لانه الحديث يطول ويطول دون ان يجدوا من يسمع لهم ومن ينظر لظلمهم واستعبادهم واستغلالهم ، فعلى السلطة والقيادة الفلسطينية ان تقف على مسؤولياتها في توفير الحد الادنى من كرامة هؤلاء العمال سواء المتشردين منهم او الجاثمين في بيوتهم وعزيزي النفس الذين لا يستطيعون ان يتصنعوا كغيرهم من طالبي المساعدات . وعلى الجهات الرسمية وغير الرسمين ان تخصص جزءا من هذه المساعدات للعمال وان تترك خلفها كل السياسات النيوليبرالية غير المقبولة وتترك سياستها المحدودة في الرؤيا وعلى كافة اعنيء واثـرياء هذا الوطن الحبيب الذين نتمنى لهم المزيد ان يفتحوا ابوابهم ونوافذهم ويخرجوا عن صمتهم قبل ان يخرج العمال الكادحين عن صمتهم ويحصل مالا يحمد عقباه . واننا وبكل مرارة نقول بان الصمت لن يدوم وان السكون العاجز لن يبقى دفينا بل سيحيا يوما ما غدا او بعد غد او بعد شهر او بعد ياعة او … . وحتى لا يكون هذا علينا ان ندرك ذاك المغول الا وهو الفقر الذي يستوحش في مجتمعنا الفلسطيني.
محمد العرقاوي
نائب الامين العام للاتحاد العام لعمال فلسطين