غزة / في أحد مشاهد الموت، نجت شيماء زعرب (18عاما) بأعجوبة من قصف استهدف منزلها في الحي السعودي غرب رفح لتبقى وحيدة مشوهة باكية اهلها وتقول “كنا جالسين في البيت لم نرتكب أي جريمة فإذا بصاروخ يضرب بيتنا، وبعدها لم ادري بنفسي الا في المستشفى“..
ملقاة على سرير العناية تحاول أن ترتب كلماتها، تقول ” لم أتخيل في يوم ما ان افقد عائلتي بهذه البشاعة، وبلغة الواثق تخاطب الاحتلال قائلة “على الاحتلال أن يدرك تماما انه مهما حدث لن تنال منا وسنبقى صامدين بإذن الله.”
وتضيف زعرب وهي تصرخ قائلة:”حسبي الله ونعم الوكيل – راح بابا – راحت ماما – يا رب مين ضل من عائلتي”، لا أعلم ما الذنب الذي ارتكبناه أنا وعائلتي ليقوم الاحتلال باستهداف منزلنا على رؤوسنا، وتقطيعنا أشلاء”
23 مواطناً استشهدوا من عائلة زعرب جراء قصف منزل المواطن رأفت عودة زعرب (35عاما) بثلاثة صواريخ جلهم من الأطفال والنساء والمسنين.
مجزرة عائلة النيرب
ابو محمد النيرب (60عاماً) وزوجته سهيلا لم ينجبا حتى سن متأخر، فأخذوا يحفرون بالصخر، ويسابقون الزمن، ويختصرون المسافات حتى يزينوا حياتهم بمن يحمل اسمهم من بعدهم.. بعد 25 عاماً من الصبر رزق ابو محمد وزوجته بثلاثة أبناء ذكور وهم (محمود، ومحمد، ومؤمن)، الا أن صواريخ الاحتلال قتلتهم جميعا.
مواطنون عايشوا الموت بشوارع رفح
الفتاة دعاء ابو جزر تروي بتلقائية مأساتها “اليوم كان كأنه يوم الحشر، الموت شفته بعيوني صاروخين جنبي نطقت الشهادة الف مرة “تشاهدت بدل المرة ألف، 6 ساعات وأنا بالشارع من حي السلام للبرازيل أجمع اخوتي واحداً واحداً على وين“.
وتقول ان عمتها قالت لها عبر الهاتف “عمتي وينك.. دعاء الحقينا شارعنا فيه ست وابنها ماتو جربي ابعتي حدا يحملنا.. سيارة الاسعاف كانت بالشارع، وبعد جدال مع سائق الاسعاف سمح لنا بالركوب، وآخ من الي بالاسعاف، الدم غسلني.. حسبي الله ونعم الوكيل، سواق الاسعاف بحكيلي شو اسمك ؟؟ دعاء: بتعرفي يا عم لولا الدموع الي شفتها ما أخدتك أولادي والله لهلا ما بعرف عنهم اشي“.
ويقول اياد كامل “مجازر.. مجازر كبيرة في رفح الشهداء في الشوارع والجرحى، يا الله يا الله المدافع فوق رؤوسنا، يا الله يا الله نجينا يا الله ارحم ضعفنا، يا الله ارحم واحفظ بيوتنا“..
وفي منشور له عبر الـ “فيس بوك” يقول الزميل الصحفي محمد الجمل “في سنة 2008 انهدم اللي بيت واليوم انهدم البيت الثاني اللي بنيته بدمي… الحمد لله
ويضيف الجمل ان اصرار زوجته والحاحها على تأخير توجههم للمنزل انقذ جميع افراد العائلة من موت محقق فكل جيراننا ارتقوا شهداء بعد قصف المنازل ومن بينها منزلنا.
عمليات القصف الهمجي التي طالت كل شيء برفح طالت سيارات الاسعاف حيث تم استهداف مجموعة من الاسعافات شمال رفح حضرت لإسعاف سيارة الاسعاف المستهدفة ما أدى الى سقوط عدد كبير من الشهداء متفحمين من المسعفين والمصابين.
وكما بالشجاعية استشهد في رفح ايضا صحفيون ومسعفون حيث تشير الانباء الى استشهاد ثلاثة مسعفين وصحفي، والصحفي هو عبد الله فحجان الصحفي في موقع صدى الملاعب والاقصى الرياضي
اب يخاطب ابنه الشهيد
وهذه قصة موت جديدة، د. احمد شاهين يخاطب ابنه الشهيد عبر مداخلة له عبر الفيس بوك قائلا حبيبي بابا.. اكيد انت بتعرف انو بعد استشهادك رحلنا من الدار فورا عند عمو محمود لانو الدار دونك يصعب السكن فيها يا علي، لما اصحيت من النوم الساعة 6 الصبح قررت اشرب قهوة الصباح في الدار عشان اشم رائحة ملابسك الطاهرة، ولكن يا علي مقدرتش اخش الدار وحدي واستنيت حوالي ساعتين لما صحي عمو زياد من النوم عشان يروح معاي ع الدار“.
ويضيف مخاطبا ابنه الشهيد “عشت لحظات روحانية بالنظر في ملابسك وغرفتك وكمبيوترك، بعد ساعه اخذت اذن من الوفود المقبلة على عرسك يا بابا، حملنا امك في السيارة الى المستشفى عشان صديقك الدكتور بسام ابو وردة جراح الاعصاب يجري لها عملية في عظام جمجمة الراس اللي تكسر جراء شظايا الصاروخ الصهيوني الغادر اللي خطفك من بيننا.
ويستطرد “العملية تمت بنجاح يا علي، والحمد لله رجعنا من المستشفى الى دار عمو محمود بعد المغرب حيث تكملة العلاج في المنزل بسبب ظروف المستشفى الطارئة.
ويستأذن من ابنه الشهيد قائلا “معلش يا علي مضطر انهي عشان انا مرهق كتير وكمان القصف الصهيوني الارهابي ما زال يزلزل الارض من حولنا، ان شاء الله بكره بنكمل
اسال الله ان تكون بجوار الانبياء والشهداء والصالحين.
نازحون غدرتهم التهدئة
غدرتهم التهدئة الانسانية، فعادوا ادراجهم الى منزلهم في حي التنور شرقي رفح، لينعموا بالنوم والراحة في بيتهم بعد عشرة ايام من اللجوء والمعاناة في مدرسة أ للاجئين..
وما ان حطوا رحالهم في منزلهم حتى فوجئوا بقصف مدفعي على منزلهم فهربوا الا ان الصواريخ لم تمهلهم وباغتتهم وهم امام منزلهم ليقضوا شهداء..
هذه قصة استشهاد اربعة مواطنين في قصف اسرائيلي استهدف منزلا يعود لعائلة غنيم ولم تتمكن طواقم الاسعاف من الوصول لمنزلهم لانتشال العدد المتبقي من الشهداء من تحت الانقاض.
عمليات القصف الاسرائيلي ادت الى نزوح نحو 60 الف مواطن ممن يقطنون قرب الشريط الحدودي الشرقي لرفح لترك منازلهم تحت القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي المكثف، فبعد اعلان اسرائيل انتهاء التهدئة بدأت الدبابات والمدفعية الإسرائيلية بقصف عشوائي على طوال الحدود في رفح ما خلق حالة من التوتر في صفوف الذين تركوا منازلهم على عجل حتى وصلوا مناطق أكثر أمناً، قبل ان يستقروا في مدارس وكالة الغوث على بعد نحو 7 كيلومترات قطعوها مشياً على الأقدام.
ويقول راغب احمد “65 عاما” لقد اضطررت مع أسرتي وعددها 20 فردا لمغادرة منزلنا في منطقة الجنينة شرق رفح بعدما واجهنا الموت أكثر من مرة، جراء القصف الإسرائيلي المتواصل بشكل عشوائي بالقذائف المدفعية والتي كانت تنهال على جانبي الطريق التي سلكناها مع عشرات العائلات التي تسكن نفس المنطقة، ويضيف لقد تركنا منازلنا متوكلين على الله وكان الجميع ينطق بالشهادة.
وتتشابه روايات الموت للنازحين الجدد في المضمون مع الاختلاف في الوصف، فالبعض نجا من الموت، والبعض الآخر خلف وراءه شهداء وجرحى من أقاربه وأصدقائه وجيرانه، بينما يتواجد من نجوا وغادروا منازلهم في مراكز إيواء مؤقتة بمدارس “أونروا”، في أوضاع بائسة، من دون توفر أبسط مقومات الحياة.
والمنازل المجاورة بلا توقف، فهربت دون ان ملابس وترك فلوسها وكافة مقتنياتها“.
شهادات مروعة لحياة “غير إنسانية”
ويقول المواطن عبد الحميد وافي ان مسلسل التهجير القسري ما يزال مستمرا بحق المدنيين من أبناء شعبنا في قطاع غزة. وأعتقد لو أن الناس لجأوا لمقر الأمم المتحدة أو المقر الرئيس لوكالة الغوث سوف تلاحقهم قذائف وصواريخ العدو الصهيوني. ولن يجدوا الحماية التي ينشدونها.
وتتواصل مأساة أهالي قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل والذي راح ضحيته وفقا للمصادر الطبية الرسمية أكثر من 1680 شهيدا إضافة إلى ما يزيد على 8000 جريح معظمهم أطفال ونساء وشيوخ.
|