غزة ـ الحياة الجديدة ـ عماد عبد الرحمن- غيرت الحرب على قطاع غزة الكثير من معالم المدينة، فلا يكاد يخلو شارع رئيسي أو فرعي إلا وتجد آثاراً للعدوان بارزة كلوحة كئيبة على جدران المدينة، تلك الحرب حولت غزة الى متحف كبير يحوي بين ثناياه آثار جرائم تشهد كل منها على وحشية فاعليها، فبمجرد انتهاء الحرب خرج سكان المدينة عن بكرة أبيهم لتفقد مدينتهم، فأصيبوا بالذهول من مشاهد لم يكونوا يرونها إلا في أفلام هوليودية.
الشابة يارا من سكان مدينة غزة قررت هي وصديقاتها فور انتهاء الحرب النزول الى شوارع المدينة وتفقد آثار الدمار الذي خلفته الحرب، تقول يارا “قضيت أغلب أوقات الحرب في البيت وأمام التلفاز بل قضيت بعض الأيام تحت الخطر أنا وأسرتي إثر تعرضنا لقصف عشوائي في تلك الأيام، وسمعت أصوات القصف ورأيت مشاهد الدمار في التلفاز ولكنني لم أكن أتوقع أن يكون المشهد هكذا في الطبيعة”، وأضافت: “انه أول ما تبادر الى ذهنها هي وصديقاتها التجول في المدينة ورؤية أهم معالم الدمار” وبالطبع أول ما توجهنا اليه برج الظافر 4 لأنه يعتبر الحدث الأضخم وإن صح التعبير ” المزار ” الأشهر لكل الراغبين في مشاهدة جرائم الحرب الإسرائيلية على غزة، وليس برج الباشا بالبعيد عن برج الظافر فذهبنا أيضا لرؤيته وفي كل مرة كنا نحاول التقاط أكبر قدر ممكن من الصور لمشاهد الدمار ولمعالم المدنية التي تغيرت”، وأشارت يارا إلى أنها ومن خلال جولتها لاحظت توافد المواطنين على تلك الأماكن وكأنها أصبحت ” مزاراً” فمنهم من يؤازر أصحاب المكان، ومنهم من يتضامن مع أصحاب مكان آخر داخل خيمة، ومنهم من يكتفي بالمشاهدة ويترك المكان ضاربا كفا بكف، ولكن الجميع يصابون بالصدمة من حجم الدمار.
يقول السائق محمد نوفل ويعمل في أحد مكاتب السيارات أن الكثير من معالم غزة تغيرت تماما، فلا يكاد يخلو شارع من آثار قصف سواء تدمير جزئي أو كلي، “وحسب طبيعة عملي فأنا أجوب شوارع المدينة باستمرار، بل أتكرر على المكان أكثر من مرة في نفس اليوم وفي كل مرة أجد الكثير من المواطنين متواجدين بكثرة أمام بعض الأماكن التي حظيت بدمار أكثر من غيرها مثل برج المجمع الإيطالي مثلا”، مضيفا أنه يجد نفسه أيضا في كل مرة يقترب من مكان مدمر يبطئ من سرعة سيارته ويتمعن في المكان وكأنه يراه من جديد، ويضيف نوفل أنه صادف العديد من الزبائن الذين يستدعونه لاصطحابهم بسيارته في جولة على أماكن غزة المدمرة، مؤكدا وجود ازدحامات مرورية في بعض الأماكن من كثرة المواطنين الزائرين وانسداد بعض الشوارع من حجم الركام المتناثر في المكان.
من جانبه قال المواطن أبو أحمد: يجب أن يتواجد أحد المهتمين بالتوثيق أو غيرهم أمام كل مكان مدمر وبعد توثيق الدمار يقوم بشرح نبذة عن المكان المدمر للمواطنين الذين يتوافدون لرؤيته وإطلاعهم على تفاصيل الجريمة الإسرائيلية بحق هذه الأماكن وفضحها للعالم أجمع”، وأكد أبو أحمد أن بعض الأماكن المدمرة قام أصحابها بالاستعانة بمصورين محترفين لتصوير فيلم وثائقي عنها وظروف تدميره لمقاضاة الحكومة الإسرائيلية على فعلتها، وأضاف أبو أحمد: “تستطيع أن تحدد أكثر الأماكن المدمرة جذبا للزيارة بل وتستطيع ترتيبها كالتالي الأبراج الثلاثة ” الظافر والباشا والمجمع الإيطالي” يليها المساجد ثم المصانع وآخرها الشقق السكنية من كثرة انتشارها في المدينة“.