رام الله- وصف الأسير السابق و المختص بشؤون الأسرى ، عبد الناصر فروانة ، ” عيد الأم ” الذي يصادف في مثل هذا اليوم من كل عام ، بالمناسبة المؤلمة في حياة الأسرى ، والقاسية بقسوة ظروف الاحتجاز والاعتقال وزنازين العزل ألإنفرادي ، ومريرة بمرارة الحرمان من العلاج والاحتياجات الأساسية ، شأنه شأن باقي الأعياد التي تَمر عليهم وهم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية سيئة الصيت والسمعة ، حيث يضطر فيها الأسرى لقضاء ساعات طويلة وهم يستعيدون شريط ذكرياتهم مع أمهاتهم رغماً عنهم ، وبين أيديهم مجموعة من الصور كانت قد وصلتهم في أوقات سابقة ، ويستحضرون مشاهد طويلة وذكريات جميلة عاشوها مع أمهاتهم ، وكلمات ترددت على ألسنتهن وسمعوها من أفواههن في طفولتهم وشبابهم ، فيزداد ألمهم ألماً ومن حزنهم حزناً .
وقال فروانة ان آلاف الأبناء القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي قد حرموا من القيام بواجبهم تجاه أمهاتهم والاحتفاء بها في عيدها ، ومُنعوا قسراً من تقديم الهدايا الرمزية لأمهاتهم اللواتي لا زلن على قيد الحياة ، ( لا ) بل ومنعوا من تقديم التهاني والكلمات السعيدة عبر الرسائل والمكالمات الهاتفية ، فيما المئات من الأسرى الأبناء كبروا وهَرِموا داخل السجون وفقدوا أمهاتهم اللواتي رحلن بصمت دون وداع يليق بصبرهن وعطاءهن ومكانتهن ، وفقدوا الأمل في رؤيتهن من جديد وحرموا وللأبد من الاحتفاء بهن والقيام بالواجب تجاههن فيضطرون إلى مدحهن ورثائهن بمجموعة من الكلمات وأبيات من الشعر والقصائد النثرية .
وأضاف : سنوات العمر تمضى والسجن باقي ، فكَبر الأبناء الأسرى وهرم البعض منهم ، ورحلت مئات الأمهات فيما لا يزال الأبناء في السجون قابعين ، أو أنهم تحرروا بعد وفاة أمهاتهم فاضطروا للتوجه فور تحررهم للمقابر وقراءة الفاتحة على أرواحهن .
وأكد فروانة بأن جميعنا يضطر في هذه المناسبة لاستحضار مجموعة من الأمهات الماجدات اللواتي خطفهن الموت قبل تحرر أبنائهم ، واللواتي كن دائمات الحضور في الإعتصامات أمام مقار الصليب الأحمر بغزة تضامناً مع الأسرى، وفي المسيرات والفعاليات المساندة لهم والمطالبة بحريتهم وهن يصرخن ويحملن الصور واللافتات ، أمثال الحاجة أم غازي النمس ، ووالدة الأسير المحرر أيمن الفار ، ووالدة الأسير المحرر أشرف البعلوجي ، ووالدة الأسير محمد الفار وغيرهن
الكثيرات .
كما واستحضر فروانة بهذه المناسبة ” خنساء فلسطين ” الحاجة ” ربحية القني ” أم مازن ، من قرية كفر قليل جنوب نابلس، التي تمنت أن ترى أبناءها الخمسة المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي وقد جمع الله شملهم في سجن واحد لتتمكن من زيارتهم معاً ، لكن الموت خطفها عام 2009 قبل أن تتحقق أمنيتها وقبل أن يتحرر أبنائها .
فيما الحاجة المسنة ” مريم أبو عطوان ” من بلدة دورا غرب الخليل وجراء ما تعرضت له من إذلال وإجراءات تعسفية أثناء ذهابها لسجن ” ريمون ” الإسرائيلي لزيارة ابنها ” منيف ” الذي يقضي حكما بالسجن المؤبد خمس مرات بالإضافة الى 20 عاماً ، أصيبت بجلطة في مثل هذا الشهر من العام الماضي وتوفيت على أثرها بعد بضعة ايام ، والقائمة هنا تطول وتطول والقصص تملئ مجلدات .
وبيّن فروانة بأن هناك أيضاً مشاهد مؤلمة وقصص كثيرة لأمهات ( لا ) يزلن على قيد الحياة ، وقد حرموا من رؤية أبنائهن الأسرى منذ عشر سنوات وما يزيد ، وممنوعات من زيارة أبنائهن بحجة ” المنع الأمني ” أولا ومن ثم المنع الجماعي كما هو حاصل مع أهالي أسرى قطاع غزة ، والحاجة ” أم ابراهيم بارود” من مخيم جباليا والممنوعة من زيارة ابنها منذ 16 عاماً خير مثال على ذلك .
فـ ( لا ) زيارات و( لا ) تواصل و( لا ) لقاءات حتى في لحظات الاحتضار والموت والوداع الأخير ، والرسائل نادرا ما تصل ، كل شيء ممنوع … أبناء يتألمون في غياهب السجون ، وأمهات يخشون شبح الموت والرحيل قبل أن يعانقوا أبنائهن .. ويرددن دعائهن المشهور ” اللهم امنحنا طول العمر لنرى أبناءنا أحراراً وان نضمهم قبل الرحيل ” .
داعيا كافة وسائل الإعلام إلى تسليط الضوء على معاناة أمهات الأسرى وفضح ما يتعرضن له من حرمان وإجراءات تعسفية والعمل الدؤوب من أجل استعادة حقهن المصادر في التزاور ورؤية أبنائهن الأسرى بشكل دائم ومنتظم .