لا يخفى على أحد أن فلسطين تعيش وضعاً سياسياً حرجاً ومتأزماً، يردد الشارع الفلسطيني سؤال ‘لوين رايحين’، ومن هنا وجد مركز السياسات ودراسات حل الصراع التابع للجامعة العربية الأمريكية من هذا التساؤل عنواناً للمؤتمر الذي ينعقد في مقر الجامعة في رام الله منذ أمس الأول وينتهي مساء الْيَوْم الأحد.
نؤمن في الجامعة العربية الأمريكية بأن التغيير يأتي من الداخل ومن هنا أنشأت الجامعة مركز سياسات ودراسات حل الصراع PCRSC, الذي يهدف لخلق حلقة وصل لتمكين العصف الذهني الحر بين الأكاديميين والنشطاء والكتاب والسياسيين آملين أن يقف المركز كمركز للفكر Think Tank يقدم المشورة السياسية لصناع القرار. تأتي أهمية هذا المؤتمر من المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها فلسطين وتأثير المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية. خلال الأشهر الماضية عملت الجامعة جاهدة للتحضير والتنظيم لهذا المؤتمر الدولي الأول من نوعه حيث ارتأينا في المركز أن نبحث هذا العام مستقبل الصراع مع دولة إسرائيل في ضوء السياقات والمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية الراهنة، وفي هذا الإطار تمت دعوة عدد من السياسيين والمحللين والأكاديميين الدوليين، للحديث في محاور المؤتمر الخمسة، وعرض رؤيتهم وإسهاماتهم في المواضيع المطروحة.
محاور المؤتمر:
1- القانون الدولي ودبلوماسية الأمم المتحدة: تناولت هذه الجلسة أهمية تدويل القضية الفلسطينية كما ركزت على نقاش دور القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية في حماية وضمان الحقوق الفلسطينية وقد جاء التقديم والنقاش عميقاً ومثيراً بوجود مجموعة من الخبراء والباحثين في المجال الدبلوماسي والقانوني.
2- دور وسائل التواصل الاجتماعي في حل الصراع: أما المحور الثاني فركز على أهمية استخدام الدبلوماسية العامة في زيادة الوعي تجاه القضية الفلسطينية لضمان دعم وتأييد دولي وشعبي لها، وتم نقاش دور دبلوماسية الفيسبوك وتويتر في حل الصراعات خاصة أن وزارات خارجية الدول العظمى الْيَوْم تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي كأداة أساسية ليس في التعامل مع شعوبها فحسب ولكن للتواصل مع كل شعوب العالم ومن هنا كان مهماً التركيز على أهمية تبني هذه الوسيلة في تحقيق أهداف الدبلوماسية الفلسطينية من خلال التركيز على الدبلوماسية الرقمية.
3- المفاوضات والبدائل المطروحة: في هذه الجلسة تم التركيز على قضية المفاوضات في مواجهة سياسة الإملاءات التي تنتهجها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، كما أكدت الجلسة على أهمية البحث عن بدائل قابلة للتطبيق واستراتيجيات خلاقة جديدة تصب في المصلحة الفلسطينية العليا آخذين بعين الاعتبار مستقبل الوساطة الدولية في ضوء الانحياز الأمريكي المعلن لإسرائيل، وهنا تطرقت الجلسة لدور الطرف الثالث في عملية السلام، وأهمية استخدام المقاومة اليومية للفلسطينيين كأحد الخيارات المتاحة.
4- القدس ما بين الدين والسياسية: الجلسة الرابعة في المؤتمر تناولت القدس وإمكانية ضمان الحماية الدولية للمدينة المقدسة ضمن المواثيق الدولية التي اعترفت بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، تم عرض الممارسات الإسرائيلية الهادفة للتضييق على مدينة القدس ومؤسساتها ومصادرة مقدساتها الدينية المسيحية والإسلامية، بالإضافة إلى استنهاض كافة الجهود لتفعيل القانون الدولي والمعاهدات الدولية المتعلقة بوضع مدينة القدس، كما تناول المحور صفقة القرن وتأثيراتها على مدينة القدس، والدوافع السياسية والدينية التي تكمن وراء سياسات ترامب الحالية تجاه المدينة المقدسة، وتوضيح مكانة المدينة المقدسة في الخطاب الصهيوني.
5- الفلسطينيون بين الوضع المحلي الإقليمي والدولي: هنا تم بحث وضع القضية الفلسطينية في ظل التفاعل بين السياقات المحلية والإقليمية والدولية على الساحة الفلسطينية، كما تناولت الجلسة مستقبل المصالحة الفلسطينية وتغلغل الخيوط الإقليمية في الصراع الداخلي بين فتح وحماس، وناقش هذا المحور أثر سياسة التطبيع التي تنتهجها بعض الدول العربية مع دولة الاحتلال على مستقبل القضية الفلسطينية، ودور الاتحاد الأوروبي في ظل التحالفات الإقليمية وموقفه من القضية الفلسطينية.
سيتم اختتام المؤتمر بدائرة مستديرة سيحضرها مجموعة من الكُتّاب والمحللين والأكاديميين المعنيين بالوضع السياسي والمصلحة الفلسطينية العليا لتقييم مخرجات المؤتمر ومحاولة الخروج بورقة سياسات تُقدم للقيادة ونتمنى أن نتمكن من استخلاص بدائل واستراتيجيات مبتكرة تصب في المصلحة الفلسطينية وتساعد الطرف الفلسطيني في التأثير في مستقبل الصراع مع دولة الاحتلال.
ما زلنا نتساءل، فلسطين: إلى أين؟ نحن بحاجة لحلول مبتكرة، ولذلك كلي أمل أن نتمكن في الجامعة العربية الأمريكية ومن خلال مركز السياسات ودراسات حل الصراع من توفير القاعدة الحرة لتمكين فرصة خروج بدائل خلاقة تقدم لصانعي السياسة في إطار أكاديمي علمي يصب في المصلحة الاستراتيجية للقضية الفلسطينية.
“فلسطين إلى أين؟” بقلم: د. دلال عريقات
