رام الله / شدد رئيس الوزراء سلام فياض، على أن جوهر العدوان الإسرائيلي على أموال شعبنا كان وما زال يستهدف ابتزازنا، وذلك لتفريغ قرار الأمم المتحدة باحتضان دولة فلسطين ورفع مكانتها من مضمونه، وتعريض إنجازات شعبنا التي أقر بها العالم للخطر.
وأشار فياض، في حديثه الإذاعي الأسبوعي اليوم الأربعاء، إلى أن القرصنة الإسرائيلية على أموالنا من العائدات الضريبية، والتي تطال لقمة عيش المواطنين وحقهم في الحياة، وفي إطار ما لا يمكن إلا أن يوصف بعقاب جماعي، أتت على خلفية ما كانت تعانيه الخزينة الفلسطينية منذ فترة طويلة، من أزمة حادة بفعل عدم ورود ما يكفي من المساعدات الملتزم بها، بالإضافة إلى عدم تفعيل شبكة الأمان المالي العربية، والتي سبق وأن أقرت في قمة بغداد.
وأكد أن كل هذا أدى إلى وضع مؤسسات دولة فلسطين أمام ضائقة خطيرة مسّت بقدرتها على تنفيذ الالتزامات المطلوبة منها، بما فيها رواتب الموظفين والالتزامات الأخرى نحو الموردين والمتعاملين معها في كافة المجالات.
وشدد على أن الحكومة بذلت على مدار السنوات الماضية أقصى ما لديها من طاقة وإمكانيات للتغلب على هذه الأزمة، من خلال سياسة استهدفت تقليص درجة الاعتماد على المساعدات الخارجية، وذلك بزيادة الإيرادات وترشيد النفقات، دون المس بالخدمات الأساسية، بهدف تمكينها من التعامل مع الالتزامات المطلوبة منها، وفي مقدمتها دفع رواتب الموظفين وضمان عدم تأخيرها.
وأكد فياض أن هناك فرق كبير بين محاولات إيجاد وسائل للتغلب على الضائقة والمعاناة الناجمة عن التأخر في دفع رواتب الموظفين، وبين أن تتسلل، وبغض النظر عن النوايا، خطوات قد تؤدي بنتائجها إلى تحلل بنية مؤسسات دولة فلسطين وتراجع دورها، مشيرا إلى أن الأخطر هو أن تأتي هذه الخطوات، وخاصة الإضرابات، مخالفة للأنظمة والقوانين والإجراءات التي يجب على الجميع الالتزام والتقيد بها بغض النظر عن طبيعة المرحلة والظروف التي نمر بها.
وجدد رئيس الوزراء تأكيده على احترام الحكومة الكامل والمطلق لحرية العمل النقابي، وبما يشمل الحق في الإضراب وفق أحكام القانون، والتي تتطلب مراعاة كافة النواحي الإجرائية المتعلقة بآليات الدعوة إلى الإضراب، وقال: ‘إحدى وظائف الحكومة الأساسية، وفي كل الظروف، تبقى متمثلة في ضمان التزام الجميع واحترامهم للقوانين والإجراءات الناظمة للعمل في كافة المجالات، وعدم السماح بتسلل حالة من اللامبالاة أو الفوضى تحت أية ذريعة كانت’.
وأكد أن الخطر الأكبر، في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ قضيتنا، يتمثل في محاولات المس بدور مؤسسات دولة فلسطين وقدرتها على النهوض بالخدمات التي تقدمها للمواطنين، بما يرسخ جدارة شعبنا في تجسيد سيادته الوطنية على أرض دولة فلسطين واقعا على الأرض، وينهض بدور ومكانة مؤسساتها، باعتبار ذلك جزءا لا يتجزأ من متطلبات معركة التحرر الوطني والبناء الديمقراطي التي يخوض شعبنا غمارها.
واعتبر فياض أن هذا الأمر ينطبق بوجه خاص على مؤسسات التعليم لأهمية دورها في بناء وتأهيل أجيالنا، مؤكدا أن ذلك كان دوما خلاصة تجربة شعبنا الكفاحيّة في سعيه نحو الحرية والاستقلال، وقال: ‘في الوقت الذي عانت فيه مؤسسات التعليم، سواء الجامعية أو المدرسية، من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي إبّان سنوات الانتفاضة الأولى، فإن شعبنا تصدى لهذه الممارسات لحماية حقه الطبيعي في التعلم والتعليم من خلال ما عرف بالتعليم الشعبي وغير ذلك من المبادرات، مسجلا الكثير من الدروس والعبر في حكاية صمود شعبنا وإصراره على مواجهة ظلم الاحتلال، وكلها مبادرات يجب أن نظل نفتخر بها ونستلهم منها الدروس والعبر على درب الانعتاق من الاحتلال’.
وأكد رئيس الوزراء على أننا أحوج ما نكون، في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها، إلى استنهاض طاقات شعبنا في مواجهة جماعية للتصدي للعدوان الإسرائيلي على مقدرات شعبنا وأمواله كما على أرضه وحقوقه الوطنية، مشيرا إلى دعوته المعلمين وكافة العاملين في قطاع التربية والتعليم إلى الالتحاق بعملهم كالمعتاد، وكذلك دعوته الاتحاد العام للمعلمين إلى العدول عن قراره بالدعوة إلى الإضراب التي جاءت متعارضة مع القانون، بل ومتعارضة أيضا مع الروح الإيجابية التي سادت الحوار الذي جمعته مع الحكومة، والذي أفضى مؤخرا للتوافق بشأن قضايا مطلبية هامة وحيوية للمعلمين، كما إنها تمس بمتطلبات صمود شعبنا وتنذر بتراجع خطير في العملية التربوية.
وشدد فياض على أن ما أعلن من موقف بشأن اعتبار أي يوم يتم فيه الإضراب بشكل غير قانوني في قطاع التعليم أو غيره، امتناعا عن العمل، لم يأت إلاّ من منطلق المسؤولية المناطة بالحكومة وحرصها على الالتزام بالقانون، بالإضافة إلى حرصها على استمرار مؤسساتنا في القيام بمسؤولياتها، وتمكينها من الاستمرار في أداء رسالتها النبيلة والحيوية في تقديم الخدمات، وتوفير متطلبات الصمود لأبناء شعبنا.
ودعا رئيس الوزراء النقابات التي حرصت الحكومة على دورها في الدفاع عن مصالح الموظفين وحقوقهم، وبما انعكس من خلال الحوار معها في التوصل للعديد من الاتفاقيات والتفاهمات التي تم تنفيذها، أن تعيد النظر بصورة جدية في برنامجها وقراراتها، وبما يحمي مؤسساتنا من التحلل، سيما في هذه المرحلة التي يحث فيها أبناء شعبنا الخطى في حراك شعبي وطني لمواجهة المشروع الاستيطاني الاستعماري، وبما يفضي إلى الخلاص من الاحتلال، وتجسيد سيادتنا الوطنية على أرض دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967.\
وقال: ‘هذا الأمر يفرض علينا جميعا، دون استثناء، ورغم قلة الإمكانيات المتاحة، الاستمرار في مهمتنا الأساسية المتمثلة في تعزيز صمود شعبنا وتقديم أفضل الخدمات له، وهو يسير، ورغم كل ممارسات الاحتلال، في طريقه نحو الحرية والاستقلال والكرامة الوطنية’.
وفا.