وأفادت الأمم المتحدة، أن الحرب التي بدأت في 24 آذار/ مارس تسببت في زيادة عدد النازحين داخل بلادهم والمهجرين خارجها قسراً حول العالم إلى أكثر من 100 مليون شخص، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق.
وأضاف “ما يحدث الآن بين أوكرانيا وروسيا، جعل أكثر من 5 مليون مهاجر تركوا بلادهم باتجاه الدول الأوروبية، والجانب الإسرائيلي استغل هذه الظروف لوجود أكثر من 150 ألف – 200 ألف يهودي في هذه المنطقة وبدأ باستيعابهم بشكل كامل”.
وأوضح أن “حتى هذه اللحظة نلحظ الجانب الإسرائيلي بحسب ما يُطرح بين الحين والآخر أن أكثر من 20 ألف أوكراني قد وصلوا إلى إسرائيل وهذا يعني أن مزيد من الهجرة من أوكرانيا إلى داخل إسرائيل واستيطانهم في داخل الضفة الغربية باعتبار أن كثير من هذه المستوطنات الموجودة جزء منها فارغ وبالتالي استيعاب هؤلاء المواطنين الاوكرانيين في هذه المنطقة وخاصة أن الجانب الإسرائيلي يستغل الظروف الأخرى بالنسبة لروسيا هناك أكثر من 600 ألف يهودي موجود في روسيا والجانب الإسرائيلي يقوم بأعمال دعائية بشكل كبير جدًا من أجل نقل هؤلاء اليهود إلى داخل إسرائيل واستيعابهم بشكل كامل من أجل الوصول إلى الهدف الاستراتيجي بوجود مليون مستوطن بداخل الضفة الغربية”.
وأشار التفكجي إلى أن “الهدف الإستراتيجي واضح تمامًا أن مزيد من المستوطنين عني مزيد من القوة العسكرية ومزيد أيضًا من أن الأشخاص الذي يهاجرون من أوكرانيا وروسيا ذو مستوى علمي يستفيد منه الجانب الإسرائيلي بسلك التطوير العلمي من أجل القفزة العلمية كما حدث عام 1989-1990”.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي، د.معين رجب أن “الحرب الروسية الأوكرانية لها تأثير على المستوى العالمي، وفلسطين جزء من المنظمة العالمية، نحن شأننا شأن الدول الأخرى وإن كانت علاقتنا بطريقة أضعف مقارنة بحالة الاتحاد الأوروبي أو الدول ذات الصلة، لكن يبقى أن هذه الحرب كأنها حرب موسعة ولكن في إطار بقعة محدودة، تحمل معاني أن أوروبا والولايات المتحدة شريكة فيها رغم أنها لا تقاتل ليس لها قوات عسكرية ولا تقاتل بشكل مباشر، وإن ما يحدث حرب بين قوتين كبيرتين لكنها في نطاق أراضي محدودة”.
وقال رجب، إن “أوكرانيا مشهورة أنها بلاد ذات موارد اقتصادية كبيرة، سواء كانت زراعية أو معادن أو نحوها، وروسيا أكبر بلد من حيث المساحة وانتاجها في مجالات الزراعة وغيرها كبير والنفط وخلافه”.
وأكد أن “الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أثرت على مستوى الانتاج، أصبحت تشكل عائقًا أمام انتظام الحياة الإنتاجية، والعالم يعتمد بشكل كبير على التبادل التجاري بين البلدان المختلفة، والحرب تنعكس سلبًا على العلاقات التجارية الدولية ومن بينها فلسطين، لكن إلى أي مدى تكون هذا الآثار سلبية هذا يتوقف على مدى قدرة العالم أن يتكيف مع هذه الظروف ويستطيع أن يجد البدائل في حالة العجز المتوقع في المحاصيل الزراعية وفي المنتجات المترتبة على المحاصيل الزراعية وغير ذلك من أصناف المبادلات”.
ولفت رجب إلى أن “الأمر يتوقف علينا في فلسطين، ألّا نبقى مكتوفي الأيدي تجاه أي تطورات من مسؤولية أولي الأمر من الفلسطينيين أن يكون لهم الاستعداد والجهوزية لمواجهة أي تداعيات سلبية ناجمة عن استمرار هذه الحرب من أجل التحكم في الأسعار ومن اجل ألّا نُفاجأ من ارتفاعات شديدة في الأسعار تُرهق كاهل المستهلكين”.
واستدرك القول “التعامل مع هذه الأزمة يتم من خلال أن يكون لدى الفلسطينيين القدرة أن يوفروا احتياجاتهم وأن يبحثوا عن بدائل عن السلع المرتبطة بالتبادل الدولي في ظل العجز في الأصناف التي ترد إلى فلسطين من المناطق التي تسودها الحرب”.
أما رئيس مركز جنين للإعلام ، د.عدنان الصباح، فقد تطرّق إلى ازدواجية المعايير في التغطية الإعلامية بين لحرب الروسية الأوكرانية وما يحدث في فلسطين، فقال إن “ما جرى منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية حتى اللحظة هو انشغال عالمي شبه مطلق بما في ذلك الإعلام العربي، وتغطية الإعلام العربي للحرب أكثر بكثير جدًا من الانشغال بالقضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني اليومية المتواصلة قبل قرن من الزمن”.
وتابع “هذا التهميش كان ولا زال له إيجابية إذا كان لدينا رؤية استراتيجية حقيقية وقادرين على التعاطي معها ولكن للأسف هذا غير قائم وغير موجود”.
وأضاف الصباح “المطلوب اليوم أن هذا الانشغال هو فرصة لنا أن نفتح عيون حول هذا الازدواجية البشعة في التعامل بين قضيتين متشابهتين على الإطلاق، سواء شئنا أم أبينا، رضينا أم غضبنا، فإن هذا غزو لأرض الغير واحتلال لأرض الغير وقتل وتدمير”.
وشدّد على أن ” ما يحدث الآن في الحرب الروسية والأوكرانية حدث وما زال يحدث للشعب الفلسطيني منذ الحرب العالمية الاستعمارية الأولى وحتى هذه اللحظة دون أن يلتفت أحد إلى المعاناة التي يعانيها” لافتًا إلى أنه ” حتى هذه اللحظة يتعاملون أيضًا بازدواجية بين القضية الفلسطينية والحالة الأوكرانية من انشغال مطلق ليس فقط على المستوى الإعلامي، وإنما انشغال عملياتي ومادي وانشغال بالدعم اللوجستي العسكري والإنساني والاقتصادي والسياسي لأوكرانيا”.
وأشار إلى أن “مجلس الأمن اجتمع لعدة مرات منذ بدء الحرب حتى هذه اللحظة بينما انعقاد مجلس الأمن فيما يخص القضية الفلسطينية ليس بهذه السهولة التي تحدث في موضوع الحرب الروسية الأوكرانية”.
وأكمل الصباح “هناك أعداد هائلة من المراسلين والصحف والمصورين المتواجدين في أوكرانيا وعلى الحدود الأوكرانية من جهة روسية، إضافة إلى أن أغلب وسائل الإعلام تجد انشغالها الوحيد هي الحرب الروسية الأوكرانية”.
ويرى أن “الدور الفلسطيني اليوم، أن نصحو من السبات القاتل الذي يدل على رغبة في الفشل ونحن نرى تغطية الإعلام العربي والغربي، حتى أن المواطنين هنا في فلسطين أصبحت كتاباتهم تنشغل في القضية الأوكرانية الروسية أكثر مما تنشغل بالقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى العديد من المواقع الفلسطينية نجد أن القضية الكبيرة تأخذ حصة كبيرة منها”.
وبيّن الصبّاح أن “المطلوب من الفلسطينيين، توجيه إعلام فلسطيني رقمي، مرئي، مسموع، والهيئات الدبلوماسية والمواقع الفلسطينية بالخارج والجاليات أن نضغط على وسائل الإعلام في العالم كي تنتبه لجريمة الازدواجية، وهذه فرصة أن نُشعر الإعلام في العالم بالذنب وأن نطالبه بالتكفير عن هذه الجريمة حتى لو تتطلب منا الأمر التواصل مع كل وسيلة إعلام أو صحيفة أو محطة تلفاز”
وختم القول “يجب ألّا نصمت، ويجب أن تصبح هذه فرصتنا وأن نحول كارثة الإلهاء والتهميش إلى فرصة لصالح القضية الفلسطينية بأن نُري الإعلام العالمي والعربي جريمته المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني يوميًا”.