غزة ـ «القدس العربي»: مع مرور الأيام على حرب إسرائيل الشرسة ضد قطاع غزة، تتكشف المزيد من الإخفاقات التي أصابت قيادة وجنود الاحتلال، أثناء احتدام القتال واشتعال أرض المعركة بالنيران التي خلفت جثثا وأشلاء، كان لجنود إسرائيل الذين دفعت بهم قيادتهم نصيب منها.
فأثناء قتال وحدات مختارة من جيش الاحتلال وتنفيذها هجمات دامية على المناطق الحدودية لقطاع غزة، موقعة آلاف الشهداء والجرحى في الجانب الفلسطيني، وخلال تصدي المقاومة الفلسطينية لعمليات التوغل البرية، بتكبيده عددا من القتلى، اختار قائد عسكري إسرائيلي الذهاب للاستجمام للهرب من حرارة الجو خلال خدمته مع عدد من الجنود.
وفي التفاصيل، كشفت مصادر عسكرية إسرائيلية عن قيام قيادة الجيش قبل أيام بتسريح ضابط في «لواء المظليين» من الخدمة العسكرية. ولم يكن التسريح الذي كشف عنه، بسبب اخفاق القائد العسكري في أرض المعركة، بل كان لإخلائه نقطة مراقبة مع جنوده خلال الحرب على قطاع غزة وقضائه وقت خدمته في السباحة في إحدى البرك المائية الموجودة في إحدى البلدات الإسرائيلية القريبة.
المعلومات التي أوردتها مصادر إسرائيل ذكرت أنه وأثناء الهدنة التي كانت مقررة في الأول من آب/ أغسطس الماضي، وانهارت على الفور بفقدان الجيش لأحد ضباطه وهو هدار غولدن ومقتل اثنين آخرين شرق رفح، طلب من القوة تأمين الحدود ليلاً ونهارا، إلا أن الضابط الذي يخدم كقائد فصيل قرر وعلى عاتقه الشخصي ترك الموقع مع جنوده نهارا والذهاب للسباحة والاستجمام في بركة في احدى البلدات القرية، ليعود ليلا للخدمة بحراسة الحدود.
الضابط الذي كرر الحادثة أكثر من مرة، كان لا يرى جدوى في الخدمة النهارية في أعمال الحراسة، لكن قيادة الجيش التي شكلت لجنة تحقيق معه رأت في تصرفه انعداما للانضباط وتخليا عن الواجب العسكري.
وفرضت إسرائيل خلال الحرب، مراقبة شديدة على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، لصد أي عملية تسلل خلف الخطوط من قبل المسلحين الفلسطينيين، لكن مقاومين من كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس نجحوا أكثر من مرة في التسلل، والاشتباك مع وحدات مراقبة على الحدود، وقتل عدد من جنودها، وأخذ أسلحتهم، وأعلنت أنها حاولت خطف أحد الجنود، غير أن «ظروف الميدان» حالت دون تنفيذ العملية.
وكشف تصرف هذا الضابط عن وشاية كان وراءها جنديان من الوحدة، ما دفع قائد «لواء المظليين» اليعازر تولدانو لطرد الضابط ومساعده من الجيش ومعاقبة الجنود بالسجن الانضباطي لمدة 30 يوما.
وفي فضيحة أخرى لجيش الاحتلال، كشفت الإذاعة الإسرائيلية عن ترك جنديين إسرائيليين حراسة مخزن للذخيرة قرب الحدود مع قطاع غزة لكن دون أن يكون لديهما أي قطعة سلاح.
وأشارت المعلومات إلى أن الجنديين كانا يحملان فقط قنابل دخانية مسيلة للدموع، في تأمين مخزن السلاح هذا.
وخلال التحقيق في الحادثة تبين أن أحد الجنود كان معفى من الحراسة بسبب إصابته، فيما الآخر يعاني من حالة رعب وصدمة وليس بإمكانه الحراسة لوحده، وكانا يقومان بتأمين حراسة مخزن ذخيرة موجود خارج سياج إحدى القواعد العسكرية التي تبعد عن حدود غزة نحو كيلومتر، وفي مكان لا تعمل فيه أجهزة الاتصال العسكرية نتيجة عطل ما.
وشكلت وزارة الجيش الإسرائيلية لجنة تحيق في الحرب الأخيرة على غزة، وعقب الحرب عقد بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء اجتماعا موسعا لكل الوحدات التي شاركت في القتال بهدف «استخلاص العبر».
وتعد حرب «الجرف الصامد» من أطول الحروب التي خاضتها إسرائيل في تاريخها، ودامت لـ 51 يوما، وتكبدت خلالها خسائر كبيرة في الحرب، أهمها مقتل نحو 70 من جنودها حسب اعترافها، في عمليات نفذتها المقاومة الفلسطينية أثناء عمليات التوغل البرية، إضافة إلى تمكن المقاومة من أسر جنود من أرض المعركة، وتنفيذ هجمات عبر الأنفاق الأرضية داخل الحدود الإسرائيلية، والعودة مجددا إلى غزة بدون خسائر في جانب المقاومة.
وشكلت الأنفاق التي شيدتها المقاومة على مقربة من الحدود هاجسا أمنيا كبيرا لدى إسرائيل، ودفعتها للحساب جيدا لعملية الدخول البري في عمق غزة. وانتهت الحرب باتفاق تهدئة رعته مصر ووافقت عليه الفصائل المسلحة وإسرائيل، وينص على وقف الهجمات المتبادلة، وفتح المعابر وإعمار غزة. ومن المفترض أن يعود بعد أيام للتفاوض «غير المباشر» وفد الفصائل، والوفد الإسرائيلي، لإنهاء باقي ملفات التهدئة وهي الميناء والمطار والأسرى.