بقلم: عيديت شفران غيتلمان / لا توجد أهداف محددة – على عكس الصيغ السابقة، التي كانت في مركزها نية دمج الجمهور الحريدي في الجيش، عبر وضع أهداف للوصول إليها من حيث أعداد المجندين، الصيغة الحالية لا تعرّف أي أهداف للتجنيد، ولا تحاول رفع أعداد طلاب المدارس الدينية، بالتدريج، في الجيش وفي أي خدمة أُخرى.
عدم وجود عقوبات – لا يوجد أي تفصيل لعقوبات سيتم تفعيلها في حال لم يتم التوصل إلى الأهداف في مجال التجنيد. عملياً، يترك القانون سؤال التجنيد لخيار طلاب المدارس الدينية الشخصي.
الحكومة ستحدد الأعداد – على عكس الصيغ السابقة من القانون، والتي كانت فيها مسؤولية تحديد الأهداف التي يجب الوصول إليها بشأن أعداد المجندين بيد الكنيست، في الصيغة الحالية، الحكومة هي التي ستقرر. لذلك، من المتوقع أن تكون الأعداد المحددة أقل من تلك الموجودة اليوم، وبصورة خاصة بسبب عدم وجود أهداف مسبقة محددة ونقاط انطلاق تطمح إلى زيادة تدريجية.
فيما يتعلق بزيادة المنح المالية لطلاب المدارس الدينية ودعم المؤسسات التعليمية التي لا تدرّس العلوم – إلى جانب الدفع بقانون التجنيد وقانون أساس “التعليم التوراتي”، التزمت الحكومة، بحسب الاتفاقيات الائتلافية، بزيادة جدية (مضاعفة تقريباً) للمنح المالية للطلاب المعتكفين من طرف الدولة، هذا إلى جانب زيادة جدية على ميزانيات التعليم الحريدية الخاصة، والخاصة جزئياً (بتكلفة ملياري شيقل تقريباً).
وماذا عن قانون قيمة الخدمة؟ الهدف من قانون قيمة الخدمة هو منح مقابل مادي خاص لمن يخدم في الجيش. وبحسب مصادر إعلامية، فإن القانون سيمنح امتيازات لجميع من يخدم، بالأساس للمقاتلين، وأيضاً لمن يخدم في جيش الاحتياط. الذين يدفعون بالقانون مصممون على الدفع بجميع هذه الترتيبات، وبذلك يجعلون الصورة تبدو أقل ضرراً بمجال المساواة، وفي مقابل عدم المساواة، يتم التعويض بقانون قيمة الخدمة الذي سيمنح مَن يخدم امتيازات، وخصوصاً المقاتلين. وإلى جانب أهمية القانون الواضحة، يجب الحذر من تبنّي هذه الرواية التي تريدها الحكومة: المعادلة التي تربط ما بين سلب الحرية المنوطة بالخدمة العسكرية، وخصوصاً أنها تتضمن خطراً على الحياة، في مقابل قيمة مالية، فيها إشكاليات قيمية بنيوية. إنها تُلحق ضرراً كبيراً برواية الخدمة العسكرية وتضر بمبدأ المساواة كثيراً.
وماذا عن مخطط التجنيد؟ بحسب مخطط التجنيد الجديد فإن نموذج التجنيد سيفاضل. فالجنود الذين يخدمون في مراكز ضرورية أقل، سيخدمون 24 شهراً، في الوقت الذي سيمضي الجنود الذين يخدمون في مراكز تحتاج إلى تجهيز خاص مدة 32 شهراً، ويحصلون على إضافة مالية، بدءاً من الشهر الـ25 من خدمتهم. بما معناه: مبدأ المخطط هو تقليل الخدمة المبدئية للجميع، وبعد ذلك، تبدأ عملية تفاوضية على صعيد الخدمة، وأيضاً المقابل المادي. الحديث يدور عن مخطط طرحه الجيش ويدعمه أيضاً.
إسقاطات
نموذج جيش الشعب – قانون التجنيد المقترح، وفي حال تم طرحه مع قانون أساس “التعليم التوراتي”، أو تم تحصينه بطريقة أو بأُخرى من النقض القانوني، سيكون بمثابة المسمار الأخير في نعش نموذج “جيش الشعب”. لا تشرّع المبادرة القانونية التمييز الموجود اليوم فقط، بل تعلن الدولة، من خلال التشريع، أنها لم تعد ترى في الخدمة العسكرية قيمة عليا. مساواة حقوق طلاب المدارس الدينية بمن يخدمون “خدمة جدية” في الجيش هي بمثابة التخلي عمّن يخدمون، وأيضاً تجاهُل مستفز لمركز الخطورة على الحياة المنوطة بالخدمة العسكرية. بذلك، يتم إغلاق الباب أمام إمكانية الحفاظ على الرواية التي تفرض الخدمة العسكرية الإلزامية. المزيج ما بين القانونين- عدم المساواة المعلن، إلى جانب تقليل قيمة الخدمة العسكرية، يشجع على احتجاج الجمهور الذي يخدم. يمكن رؤية إشارات إلى ذلك اليوم، حركة الاحتجاجات “أمهات في الجبهة”، وتقديم استئناف بشأن الموضوع، وطرح مطلب المساواة بالخدمة في مركز الاحتجاجات الجماهيرية ضد “الإصلاحات القضائية”. في هذه الحال، إن الخطر على استمرار الخدمة الإلزامية حقيقي. حتى لو كان الحديث يدور حول تراجُع تدريجي ومتراكم، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى ضرر لا يمكن العودة عنه، وسيكون مدعاة لبكاء أجيال مقبلة.
المساواة في الخدمة – حتى لو لم يكن لدى أي من الأطراف اليوم رؤية للمساواة في الخدمة، وبات الاعتقاد المسيطر هو أنه لا توجد طريقة لتجنيد الحريديم، والمعادلة المسيطرة هي أن الصحيح قيمياً ليس بالضرورة قابلاً للتطبيق سياسياً، فإن قانون التجنيد الجديد يغيّر نقطة الانطلاق بشأن الخدمة العسكرية. وبغياب الأهداف والعقوبات، وعندما تكون الحكومة هي التي تحدد الأعداد، فإن المعنى هو التنازل كلياً، وبشكل تام، عن مشاركة الجمهور الحريدي في تحمُّل أعباء الخدمة العسكرية وقوننة التمييز رسمياً.
الهدف التشغيلي – المساواة ما بين حقوق طلاب التوراة، إلى جانب مضاعفة الميزانيات لدعم المعتكفين والمؤسسات التعليمية التي لا تدرّس العلوم، يتعارض مع الافتراض التاريخي القائل إن تقليل جيل الإعفاء من الخدمة العسكرية سيساعد على دمج الجمهور الحريدي في سوق العمل. في هذه الحال، لن يكون لدى طلاب المدارس الدينية أي دافع للتنازل عن سلة الامتيازات الممنوحة لهم، ولن يذهبوا للحصول على مقومات أساسية مطلوبة للاندماج في سوق العمل، وسيبقى هذا الهدف بمثابة كلام موجّه إلى الخارج ليس إلا.
في الخلاصة، الرؤية الموجهة إلى مجموعة مشاريع القوانين المرتبطة بقانون أساس: التعليم التوراتي، هي أنه في مقابل انعدام المساواة الواضح في قانون التجنيد، ستعبّر الدولة عن تقديرها لمن يخدم عسكرياً، وبالأساس للمقاتلين، وتمنحهم امتيازات. يمكن الافتراض أنه بذلك تنوي الحكومة تقليل الانتقادات وتمرير المبادرات جميعها. إن الإشكاليات القيمية البنيوية بدفع مردود مالي في مقابل إلحاق الضرر بمبدأ المساواة وسلب الحريات المنوطة بالخدمة العسكرية، وخاصة الخطر على الحياة، تجعلني أشك كثيراً في قبول الجمهور هذه المعادلة.
عن موقع “معهد دراسات الأمن القومي”