جاء حادث رفح الارهابى المجرم ليضع حدا لسخافات التظاهر بالتعقل والهدوء وصيغ النصف نصف الرمادية التى احترفها بعض المثقفين والكتاب، وقد فهموا الحديث للجماهير بانه تأكيد لعلو كعوبهم على نفر اخر من اقرانهم اصحاب القلم والفكر يصرخون- هذه الايام- من اعماق جماجمهم لهفه على بلدهم، وغضبا على الخونة والمتآمرين، وكمدا من شعورهم بان شيئا لا يتحرك فى الطريق الذى كان يجب ان تسير ثورة يونيو فيه.
لا بل وكثيرا سمعنا وقرانا اولئك (الذين ادخلوا مشاعرهم الوطنية فى ثلاجة او وضعوا على قلوبهم مراوحا) يتهكمون- باستهزاء رذيل- على الكتاب والمثقفين والمذيعين الوطنيين الذين ينفعلون مستشيطين من فرط غيرتهم على وطنهم واحساسهم بالخطر نتيجة ما انكشف لهم من حجم المؤامرات المروع والتى تواصلت منذ 2011 وطوال ثلاث سنوات ونصف تلتها من الكآبة التاريخية والوطنية، والذين لا يريدون لوطنهم ان يسقط من جديد فى ايادى الارهابيين، وعاصرى الليمون، والعملاء والنشطاء، ومجالس الحكماء، وائتلافات الثورجية، وشذاذ الافاق، والذين كادوا ان يدفعوا بمصر الى ستين داهية.
لقد احترف اولئك المتعاقلون الذين اصطنعوا الحكمة وتدثروا بغطاء من المعرفة الزائفة (وقد تجاوز بعضهم اعمارهم الافتراضية منذ عقود) التقليل من اهمية الاتهامات التى تنكشف ادلتها وقرائنها كل يوم، حول تآمر قطر وتركيا وحماس وايران على بلادنا، لا بل وارهقونى بانتقاداتهم حين هاجمت ذلك الرباعى المتآمر ومعه الولايات المتحدة وحزب الله منذ عام 2002، وادعى كل منهم معرفته بفوارق دقيقة فى موقف كل من تلك الدول والمنظمات، كما اتشح برداء كاذب من قدرته على سبر اغوارها فى اطار لعبة امم اقليمية ودولية جديدة لا نعرفها نحن، ويعرفونها هم!!انهم- بالضبط- الذين اتعبونى بسماجتهم وادعائهم الليبرالية، وهاجمونى حين قدمت حلقاتى التليفزيونية ضد الاخوان الارهابيين عام 2005 فى برنامجى (حالة حوار).
اليوم.. وبعد ان افصح رئيس الجمهورية عن (دعم خارجى) لعملية كرم القواديس فى رفح، ما زال اولئك يرفضون الاعتراف بمسئولية رباعى التآمر (قطر وحماس وتركيا والحرس الثورى الايرانى) تحت رعاية امريكية، ولكننى لم افهم موقفهم- كالعادة- بوصفه (ادعاء) متعالٍ للتعقل، وانما نظرت اليه باعتباره (شراكة) فى التآمر فرضتها العمالة.. وهذا بعض ما بدأ ينكشف ويتأكد كذلك.
عن الاهرام