قدّمت النظم العربية والعديد من الأحزاب القومية والدينية والطائفية مثلا صارخًا على هشاشة وأحيانا الخيانة لهذا الادعاء ، العراق واحتلاله مثل، وأفغانستان مثل ، ليبيا ولبنان كذلك ، والمشاركة في التآمر على سوريا المثل الأوضح والأخطر ، ويأتيك من يقول لا توجد مؤامرة وكأن استعمال هذه الكلمة أصبح مبتذلا جدًا حتى مع اعتراف المتآمرين أنفسهم ، فهل هذا تعمق في البحث العلمي والابتعاد عن كل ما هو بسيط وبيّن وليس بحاجة إلى مطوّلات ومصادر واقتباسات والمؤسف أن هنالك شرائح من الشعوب العربية وليس فقط النظم والأحزاب تتماشى مع هذا الموقف الخياني بالصمت والتأييد والمشاركة.
من جهة أخرى وقفت كافة الأحزاب الشيوعية والعمالية ، وقوى المقاومة الشريفة ضد هذا المخطط الصهيوني الأميركي الاستعماري الرجعي .إن من يدّعون أنهم ماركسيون، وينخرطون في هذه الجوقة المجرمة بالقلم واللسان هم دجّالون انتهازيون بعيدون عن الماركسية فكريًا واقتصاديا وسياسيًا بُعدًا فضائيًا خاصة من فئة المثقفين الأكاديميين ولا نملّ أبدًا من تكرار وترديد رفيق ماركس فريدرك انجلز: على الأكاديمي أن يتعلّم من العامل أكثر مما يتعلم العامل من الأكاديمي ، فكيف لا تهتزّ ضمائر هؤلاء وهم يرون أميركا والأطلسي وقطر والسعودية وتركيا والرجعية في لبنان ومعهم إسرائيل يساعدون بالمال والسلاح والإعلام شراذم المجرمين مرتكبي المجازر ممن يسمون الجيش الحُرّ والمعارضة السورية في الخارج !!اتركوا الموقف من النظام السوري جانبًا ، لكن ماذا مع التدخل الخارجي الممارَس يوميًا !! هل هذا بحاجة لإثبات !! وكيف أدان الأطلسي إسقاط الطائرة التركية المعتدية ولا يدين خروقات إسرائيل المتكررة للأجواء اللبنانية !! هل هذه الحقائق بحاجة إلى أبحاث أكاديمية معمقة ومترامية الأطراف !! وشهادات أكاديمية !! مع الاحترام التام للعِلم.
سوريا مدانة في نظر هؤلاء ، أما السعودية وقطر فلديها فائض كبير من مساحة الحرية والديمقراطية ليس أسهل من اتخاذ موقف من كل ما يجري في سوريا والمنطقة: قوى الاستعمار والصهيونية والرجعية تريد تطويع كل من يتجرأ ويقول لا حتى ولو خفيفة لأمريكا وللاحتلال الإسرائيلي وهذا ينطبق على إيران وسوريا والمقاومة اللبنانية وأفغانستان وعلى العديد من الدول.
نسبة التصويت في سوريا وصلت إلى 51% في هذه الظروف المعقدة وهي أعلى بما لا يقاس من نسبة التصويت في الولايات المتحدة.أليس من العار والشنار على أي إنسان أن يسكت على عمالة وخيانة نظم السعودية وقطر وهذه الإمعات !! فكيف من يعتاش من أموالها الدنسة !! لماذا لا تهتز وتهرول جامعة الدول العربية ومجلس الأمن وحلف الأطلسي لعقد اجتماعات طارئة ضد جرائم إسرائيل !! وضد جرائم الأطلسي في ليبيا ، وضد القتل اليومي في أفغانستان والباكستان !!إن أكثر شعب هُضم حقه ويُهضم هو الشعب العربي الفلسطيني من قِبَل هذا الثالوث ، فلماذا لا تتحرك هذه القوى الحُرّة والديمقراطية ودعاة الدفاع عن حقوق الإنسان ضد جرائم هذا الثالوث !!أين النخوة القومية والدينية حتى ! هل تعرضت أية منطقة في العالم كما تعرضت الشعوب العربية والإسلامية إلى ماكنة القتل والاحتلال وسرقة ونهب خيرات هذه الشعوب !!أصبح القتل اليومي في هذه المناطق أمرًا عاديًا جدًا وطبيعيًا جدًا. أصبح قتل الأطفال والأمهات والناس من كل الأجيال أمرًا مألوفًا. إن السكوت بحد ذاته هو جريمة، فكم بالحال المشاركة في هذه المذابح!!تركيا أبدت مرونة وصبرًا منقطع النظير على مهاجمة السفينة التركية من قبل إسرائيل وإيقاع قتلى ، أما على اختراق طائرة تركية للأجواء السورية وإسقاطها فتقوم قيامة تركيا والأطلسي والولايات المتحدة، لأنهم كلهم لصوص.
الدّم الأوروبي والأمريكي والإسرائيلي أغلى من الدم العربي والإسلامي !! هناك تقوم الدنيا ولا تقعد ، أما دمار مئات ألوف العائلات العربية والإسلامية فأمر مقبول ، يُدان أحيانًا بمنتهى الرقة والدبلوماسية والعُهر السياسي والأخلاقي في أحسن الحالات ، لكن المجازر مستمرة ، واستعمال حق النقض الأمريكي حاضر.أتركوا الشعب السوري يقرّر مصيره تجاه نظامه ، فلديه معارضة وطنية مع مطالب عادلة جدًا يجب أن تُلَبّى ، وان تتعمق مسيرة الإصلاح ، لماذا تصدير الثورة المضادّة !! هل شلّة الإجرام هي مثل في الإنسانية والنّزاهة !! كان تنظيم القاعدة بالأمس مجرمًا في عُرف زمرة الإجرام ، اليوم هنالك ضريبة كلام منمّق على نار هادئة جدًا.
وكم صدق المثل الشعبي القائل: زَباد الكلام كلمة ، وهذا الرئيس المصري الجديد الذي أدخل المهنئين في سباق ، حتى من بعض الأحزاب القومية والتقدمية يرفض تهنئة الرئيس السوري ويعترف ” بالجيش الحُرّ ” الذي يتلقى أفراده أجورًا من السعودية وقطر والمتواجد في تركيا.الانحراف عن الأممية وتميّزها الثوري الطبقي والاجتماعي والانجرار وراء المصالح الانتهازية الضيقة وشراء الذّمم والخوف هو بالتالي خيانة للقضية القومية والوطنية.
لا يمكن أن ترضى أمريكا عن إنسان تقدمي ، ولا عن حزب مقاوم مناضل بل بالعكس هذا السكوت وهذا الانحراف يزيد من شهيتها وأطماعها العدوانية.لماذا لا تطلب الجامعة العربية ثمنًا لعمالتها من السيد الأمريكي والأوروبي والخليجي والصهيوني !! وهذا الثمن مُدرج في قرارات الجامعة العربية ومجلس الأمن فيما يتعلق بالحق العادل للشعب العربي الفلسطيني !! فكيف يُصبح المجرم هو عنوان الحَلّ !! والآن تطلب أمريكا الصمت والهدوء لأن الرئيس الأمريكي مشغول بأهمية عودته إلى الحكم. كل رئيس أمريكي طلب هذا الطلب حتى مرّت عقود عديدة والقضية الفلسطينية “مطرَحك يا واقف ومكانك عُد” بينما ماكنة الاستيطان والقتل والمصادرة مستمرة بوتائر متسارعة تتلاءم وشهوة إسرائيل وأطماعها بدعم وحماية أمريكا وأتباعها.
لا نقلّل أبدًا من أهمية الوقوف في مواجهة المعتدين من قبل روسيا وجمهورية الصين الشعبية والهند والبرازيل وفنزويلا وإيران وجنوب أفريقيا ولو بشكل متفاوت ، ومعهم كل القوى الثورية والتقدمية في العالم ، لكن على أصحاب الحق أن يبدوا عنادًا وصلابة في وجه المحتلين والمعتدين والمتآمرين.فهذا نتنياهو يقول بكل دلع : نريد السلام ، ومستعد للقاء الرئيس الفلسطيني والعودة إلى المفاوضات !! ماذا جلبت المفاوضات مع نتنياهو !! أنا أتكلم كشيوعي وبفخر واعتزاز ، لم يكن ولن يكون اصدق من الشيوعيين والثوريين والتقدميين في موقفهم ونضالهم ضد الاستعمار منذ تأسيس أول حزب شيوعي وحتى اليوم وحتى غدًا !! هذا هو الفرق مع مواقف بقية الأحزاب القومجية والطائفية والإصلاحية والاشتراكية الديمقراطية ومسؤولي الجمعيات المدجّنة للغرب .نحن لسنا على الحياد، نحن متحزّبون للأممية ، هكذا وقف الشيوعيون في الحرب ضد النازية والفاشية والصهيونية ، وفي قضية كوريا والفيتنام وكوبا والعراق وليبيا والمقاومة اللبنانية الباسلة ، والانتفاضة الجبارة للشعب الفلسطيني ، والنظام العنصري في جنوب إفريقيا وضد حكم فرانكو ، وهذا هو الموقف من التآمر على سوريا ، وهذه الثوابت ليست قابلة للجدل والتشويه.
نحن جزء من حركة عالمية فكرية أممية ثورية طبقية ، هذا هو المفتاح وهذا هو الحل ، وهذا هو الموقف ، وعلى الرفاق والأصدقاء أن يساهموا في هيئاتهم في الحزب والجبهة ، في النشاط والنقاش والالتصاق اليومي بالتنظيم وعدم الوقوف بصورة “السبهْللة” و”الحياد” و”الموضوعية” وكأنها هي الحقيقة المطلقة ، إذا جاءت الحقيقة من العدو ووسائل إعلامه لا تجيء إلا ومعها الكثير الكثير من الأكاذيب ومحاولات الإحباط والتشويه والتزييف ، ولذلك نحن لسنا على الحياد أبدًا ، ولسنا وسطيين ، ولسنا حكمًا متفرجًا ، نحن متحزّبون ضد الاستعمار أولا ، هذا هو المقياس ، عندما كان القومجيون والحركة الإسلامية يكيلون المديح للنظام السوري ، كنا نوجّه العديد من الانتقادات لهذا النظام ، اليوم يجب توجيه النضال ضد الاستعمار والتآمر على سوريا ، ولأسفنا الشديد فإن مادحي الأمس انتقلوا إلى المِتراس الآخر ، عينك عينك بلا لَفّ ولا دوران.
سكرتير عام الحزب الشيوعي داخل الـ 48