التحالفات والأحلاف نهج عملت فيه الدول والإمبراطوريات منذ عصور التاريخ الأولى مرورا بعصر الاسلام ومن ثم الحرب العالمية الاولى والثانية وما تم ترجمته من تحالفات. وما يهمنا هنا هو استقراء التاريخ حتى نستطيع فهم الواقع والتنبؤ بالمستقبل أو فهم الواقع والتخطيط للمستقبل مستفيدين من قراءة التاريخ والأحداث التاريخية والمفصلية ذات الصلة بالتحالفات .
لسنا بصدد مناقشة كل الاحداث ولكننا نريد أن نتطرق إلى جزئية التحالفات بعد الحرب العالمية الثانية بمعنى تحديد دقيق للموضوع والفترة الزمنية . لقد تشكل نظام عالمي على انقاض الحرب العالمية الثانية ، تم بموجبه تشكيل تحالف امريكي غربي ، هذا التحالف هو عبارة عن منظومة عسكرية وسياسية وإعلامية واقتصادية وثقافية واجتماعية ، أو بمعنى اكثر دقه منظومة ذات طابع شمولي الابعاد والمجالات ومتكامل الوظائف ، وتم ترجمة ذلك عبر تحديد الاهداف وبناء المؤسسات ورسم السياسات والخطط الاستراتيجية وتحديد للمنهجيات وآليات العمل وتحديد للأولويات وجهات التنفيذ.
اجتمعت كل الحضارة الغربية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وشكلت هذا الحلف الشامل والمتكامل لخدمة مصالح هذه الدول ورفاه شعوبها وفي سبيل ذلك امتلكت القوة العسكرية وشكلت حلف الناتو تحت دعوى محاربة الشيوعية والاشتراكية وحددت اماكن نفوذها الحالية والمستقبلية وأرست قواعد المؤسسات الحقوقية والأممية ورفعت شعار الديمقراطية وحقوق الانسان وشكلت المنظمات الإنسانية وحققت لشعوبها قدرا كبيرا من الرفاه والحرية والبنية التحتية والمرافق والخدمات وبنت مؤسساتها الإعلامية ، وبمعنى دقيق استثمرت بالعلم والتكنولوجيا والقوه والتعاون الامني والإعلام والثقافة والمساعدات الإنسانية والأبحاث والدراسات وكل السبل والوسائل التي تمكنها من ذلك.
استندت في ذلك على نظريات اجتماعية واقتصادية كالنظرية البنائية الوظيفية التي تشير إلى أن النظام أو البناء يشكل نسقا عاما وهو يتكون بدوره من مجموعة من الانساق ولكل نسق وظيفة ، وتعمل هذه الانساق بشكل تساندي وتكاملي .
لذا فان العقل الجمعي والبناء المتعاضد القوي بتنوعه وتكامله وشموله وانتشاره ووضوحه اهدافه ومصالحه سيفضي حتما الى بلوغ الاهداف والسيطرة على العالم .
لذا وردا على القوى الاستعمارية الغربية لجأت روسيا والصين وعلى الرغم من كبر مساحة الاولى وضخامة عدد سكان الثانية وقوتها الاقتصادية تم اللجوء إلى البريكس ويتم التعاون والتحالف الاستراتيجي ما بين روسيا وكوريا الشمالية.
ان منطق الامور وصيرورتها التاريخية والواقع الحالي يثبت بما لا يدع مجالا للشك انه لا مكان لغير المصطفين في تحالفات استراتيجية وما نراه من احداث محليه لا يمكن تفسيره بمعزل عن السياق الاقليمي المرتبط قولا واحدا بالسياق الدولي .
يبقى السؤال أين نحن ؟ومن هو المعسكر أو الحلف الذي يجب أن نصطف به وما هي المصالح والمنافع المتبادلة. كان لنا مطار ومشروع ميناء استراتيجيا في غزه يربط القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا ولدينا الغاز ولدينا المياه الدافئة في البحر الابيض المتوسط ولدينا الكنائس تبعا للطوائف ولدينا المقدسات المرتبطة بالأديان . ولدينا ولدينا ولدينا .
وجربنا وجربنا وجربنا الغرب المستعمر وخذلنا وعقد اتفاقيات سان ريمو وسايكس بيكو اعتقادا منه بانه يستطيع ان يأخذ دون حاجه الى يدخل في شراكه لكونه يدرك ضعفنا ولكونه يدرك اننا فقدنا البوصلة وتم تضليلنا وشرذمتنا وتفرقنا .ولكونه يرفضنا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى . فنحن ابناء الشرق وثقافنا كذلك وتحالفنا واصطفافنا يجب ان يكون كذلك لذا لن نبقى تحت رحمة الغرب المستعمر ويجب تحديد معسكر الاعداء ومعسكر الاصدقاء . لذا يجب ان نكون حيث تكون الجغرافيا وهي جغرافيا الشرق ويجب ان نكون وفقا لاستقراء التاريخ المخضب بوحشية الغرب الدموي ، فهو تاريخ الاستغلال والعداء والاستعمار ويجب ان نكون مع تعدد الاقطاب حتى لا نكون كما كنا دوما ضحايا القطب الواحد ويجب ان نكون جزءا من حلفا شرقيا قويا فالدول بدأت تحسم امورها أن لا مكان للدول منفردة دون الدخول بتحالفات فلا يأكل الذئب الا الغنم او الشاة المنفردة دون تشبيه مع الاحترام.